عبد العزيز النقر القيادى بقوى الحراك الوطني السودانى لـ"صوت الأمة": الحرب في السودان كانت "منسية" ومجزرة التمرد في الفاشر أحرجت العالم
السبت، 06 ديسمبر 2025 11:01 م
تصنيف الدعم السريع تنظيماً إرهابياً هو الاتجاه الصحيح لوقف نزيف الدم.. وترامب يمتلك فرصة لحل شامل للحرب
مصر الداعم الأول والرئيسي لوحدة السودان.. ولها الفضل في جمع كافة القوى السياسية على طاولة واحدة
تشهد الأزمة السودانية تطورات متسارعة مع دخول الجهود الدبلوماسية الأمريكية والعربية مرحلة أكثر جدية، تهدف إلى وقف الحرب وإطلاق مسار سياسي شامل، حيث كشفت تقارير إعلامية أن المبادرة الأمريكية تشمل 3 مسارات للحل في السودان متجاوزة فكرة وقف إطلاق النار المؤقت لتضع إطار كامل لمعالجة جذور الأزمة.
في الوقت نفسه حقق الجيش السوداني تقدما في ولاية شمال كردفان وسط اشتباكات مع الميليشيات المتمردة مسيطرا على عدد من البلدات في ولاية جنوب كردفان، فيما تشهد السودان موجة نزوح كبيرة بمدينة الفاشر إلى مخيم طويلة شمال دارفور والدبة شمال السودان نتيجة ممارسات قوات الدعم السريع، الأمر الذي وضع ملف السودان في بؤر اهتمامات المجتمع الدولي.
ولمناقشة كل هذه التطورات على الساحة السودانية نجري حواراً مع عبد العزيز النقر القيادى بقوى الحراك الوطني السودانى لإلقاء الضوء أكثر على القضايا شديدة التعقيد بالسودان.. وإلى نص الحوار.
الولايات المتحدة أكدت أهمية تطبيق هدنة إنسانية في السودان مقدمة مقترحاً من ثلاث مسارات للحل في السودان. هل الولايات المتحدة تملك من أوراق الضغط ما يمكنها من التوصل إلى تلك الهدنة، خاصة في ظل التصعيد العسكري المستمر والنزوح الجماعي الذي يعاني منه المدنيون؟
بكل تأكيد تظل أمريكا قوة عظمى وتمتلك من أدوات الضغط ما يكفي لتغيير المعادلة في السودان، لكنني لا أعتقد أن لديها رؤية واضحة لفرض هدنة على الطرفين سوى ما قدمته عبر اللجنة الرباعية التي تضم مصر والولايات المتحدة والسعودية والإمارات، السودان ردّ عليها بمسودة واضحة تتعلق بخارطة الطريق التي سلمها السودان للأمم المتحدة، وفي تقديري، أمريكا لا تسعى إلى هدنة مؤقتة بقدر ما تسعى في هذه المرحلة إلى حل شامل للحرب في السودان.
نحن نتحدث عن حرب مستمرة منذ أكثر من عامين، هل لديك تفسير لماذا يترك المجتمع الدولي السودان بهذا الشكل دون التوصل لحل ينهي تلك الحرب؟
المجتمع الدولي لم يكن مكترثًا كثيرًا بما يحدث حتى سميت الحرب السودانية بالحرب المنسية، وهناك أطماع إقليمية ودولية أثرت على مسار الصراع، بدأت الحرب كتمرد لقوة عسكرية كانت منضوية تحت إمرة الجيش، ثم تطور المشهد إلى دعم إقليمي ودولي لقوات الدعم السريع التي ارتكبت فظائع كبيرة، وآخرها مجزرة مدينة الفاشر التي قتل فيها في يوم واحد أكثر من ألفي شخص على يد الدعم السريع، وهذا الرقم وحده مزعج للغاية.
هل ترى أن الولايات المتحدة قد تتجه فعلاً لتصنيف الدعم السريع كتنظيم إرهابي؟ وما مدى واقعية ذلك؟
أعتقد أن هذا هو الاتجاه الصحيح لوقف نزيف الدم في السودان، واشنطن تمتلك من الأدوات ما يمكّنها من التأثير على الداعمين الإقليميين والدوليين وحتى دول الجوار، وما نراه الآن يشير إلى تراجع قوات الدعم السريع على المستوى الميداني حتى قبل اتخاذ خطوة التصنيف، حيث أحرز الجيش السوداني تقدماً ملحوظاً على كافة الجبهات وكان آخرها تحرير عدد من المدن بولاية كردفان.
نحن أمام حرب طويلة ومعقّدة، فهل أصبح الحل السياسي بعيد المنال؟
في السياسة لا يوجد مستحيل ولا يوجد حل بعيد المنال، السودان بدأ برؤية واضحة تهدف إلى توحيد البلاد، وهو الآن يفرض سيطرته على معظم التراب الوطني، متخذ القرار السوداني مدرك تمامًا لخطورة السيناريوهات المطروحة، فشلت كل الخطط التي حاولت فرض حكومة أمر واقع تتبع للدعم السريع في الخرطوم، وكذلك فشلت الحكومة الاسمية في نيالا، لا يقاتل ضد الحكومة سوى مكوّن واحد فقط في دارفور، بينما تقف كل مكونات الإقليم الأخرى مع الحكومة وقد شكّلت قوات مشتركة تقاتل جنباً إلى جنب مع الجيش، هذا وحده ينسف السرديات التي تتحدث عن التقسيم أو الدولة الموازية، خصوصًا وأن الحركات التي كانت تحارب الجيش حتى عام 2021 تقاتل اليوم معه.
ما الذي يمكن أن يفعله ترامب في ملف السودان إذا قرر التدخل بشكل أوسع؟
في اعتقادي أن ملف السلام في السودان لدى إدارة الرئيس ترامب يأتي ضمن رؤيته لإحلال السلام في العالم، وهو ما قد يمنحه فرصة لنيل جائزة نوبل للسلام، اجتهد في حرب غزة حتى تم التوصل إلى اتفاق، ويسعى الآن لطي صفحة الحرب الأوكرانية الروسية، لدى إدارة ترامب خلفية كافية عن الصراع في السودان، وتمتلك فرصة كبيرة لإحلال السلام الحقيقي فيه.
كيف تقيّم أداء الدبلوماسية السودانية خلال الحرب؟
الدبلوماسية السودانية منذ اندلاع الحرب قدّمت رؤية واضحة استندت إلى توصيل الحقيقة للعالم، شاهدنا مبعوث السودان في الأمم المتحدة يردّ على بيانات مجلس الأمن ويكشف الحقائق، كان المجتمع الدولي يغض الطرف عن كثير من الأمور، لكن مجزرة الفاشر غيّرت المعادلة وأحرجت المجتمع الدولي، خاصة وأن مجلس الأمن لديه قرار مسبق بشأن الفاشر منذ عام 2006، كما أن المجتمع الدولي فشل في الضغط على الدعم السريع لفتح مسارات آمنة للمساعدات الإنسانية حتى سقطت الفاشر في يد قواته.
كيف تنظرون إلى إعلان قوات الدعم السريع هدنة أحادية لمدة ثلاثة أشهر؟ وما مدى جدية هذا الإعلان؟
الدعم السريع لا يلتزم بأي هدن إنسانية، وهذا واضح منذ بداية الحرب ومن خلال منبر جدة، أعلن عن ثلاث هدن لكنه استغلها لمهاجمة مواقع الجيش في الخرطوم، وفي الهدنة الأخيرة التي أعلنها، هاجم في اليوم التالي مقر الفرقة 22 مشاة بأبنوسة، يمكن القول إنه هزم خصومه بالهدنة نفسها، وهذا يؤكد عدم جدية أي إعلان يصدر عنه.
هناك اتهامات واسعة لقوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات مروعة. كيف تقيمون هذه الاتهامات؟
الحكومة والجيش لم يقدما اتهامات مجردة، بل قدّما أدلة وبراهين واضحة، العالم كله شاهد حصار الفاشر لأكثر من خمسمئة يوم، وكانت الأطفال تموت من سوء التغذية والنساء الحوامل كذلك، استخدم الدعم السريع سلاح التجويع ضد السكان، وكان المدني الذي يغادر المدينة يتعرض للتصفية، صادرت قواته قوافل أممية كانت متجهة إلى الفاشر، كما شاهد العالم وجود مرتزقة كولومبيين يقاتلون إلى جانبه، هذه ليست ادعاءات، بل وقائع ثابتة، ولذلك بدأ المجتمع الدولي يغيّر موقفه منها.
هل الضغوط الدولية يمكن أن تغيّر سلوك الدعم السريع؟
الولايات المتحدة تعلم جيدًا أن الجيش السوداني يقوم بواجباته تجاه شعبه وأرضه، الناس يفرون من المدن التي يدخلها الدعم السريع، ويتجهون إلى مناطق سيطرة الجيش ويتركون المدن المحتلة خالية، الضغوط الدولية يجب أن تركز على إنهاء وجود الدعم السريع نفسه، لا على محاولة تحسين سلوكه، لأنه قوة متلفة ومرتكبة لانتهاكات منذ عام 2003.
ما المخاطر الإنسانية والسياسية للنزوح الواسع في السودان؟
للحروب فاتورة ثقيلة، التقديرات الأممية تتحدث عن اثني عشر مليون نازح ولاجئ، وهذا يشكل خطرًا كبيرًا على استقرار الدولة وإعادة بنائها، يجب على الدولة السودانية الإسراع في إنهاء الحرب وبسط هيبتها على كامل التراب الوطني حتى يتمكن النازحون واللاجئون من العودة إلى قراهم والمساهمة في نهضة السودان.
كيف ترى الدور المصري في حل الأزمة السودانية؟
في البدء لابد من شكر مصر حكومة وشعبا لاستضافتهم لإخوتهم السودانيين الذين لجأوا إليها فكانوا نعم الأخوة وحسن الجوار، ظلت مصر داعم رئيسي لوحدة السودان والحكومة الشرعية فيه وكان لها الفضل في عقد مؤتمر جوار السودان بعد اندلاع الحرب بثلاث أشهر في 2023، وعملت على توحيد القوى السياسية السودانية وكان هو المؤتمر الوحيد والأخير الذي جمع كافة القوى السياسية السودانية الداعمة للجيش والدعم السريع على السواء.
أن دور مصر عظيم في حل الأزمة السودانية وهى الآن عضو في الرباعية الدولية ولها مواقف واضحة ومهمة في دعم الاستقرار بالسودان.