«البناء على الأراضي الزراعية» أزمة مُشرع.. قانون حائر بين تغليظ العقوبة والتصالح.. برلمانيون: ندعو لحوار مجتمعي.. وقانونيون: جريمة لن تنتهي

الخميس، 19 يناير 2017 03:16 م
«البناء على الأراضي الزراعية» أزمة مُشرع.. قانون حائر بين تغليظ العقوبة والتصالح.. برلمانيون: ندعو لحوار مجتمعي.. وقانونيون: جريمة لن تنتهي
البناء على الأراضي الزراعية
فاتن صبحي

تسببت مناقشة «مشروع قانون يغلظ غرامة البناء على الأراضي الزراعية» إلى جدل كبير بمجلس النواب، حول التصالح مع تلك المنشآت؛ حيث رفض فريق تغليط العقوبة.. بينما يدافع عنها فريق آخر.

لم يتوقف الجدل عند مجلس النواب وحده، بل وصل إلى القانونيين الذين وصفوا أنها خطوة مفيدة وقانونية وتتسق مع الدستور.. بينما رفض فريق آخر المشروع برمته، معتبرًا أنه فرصة لكل من يعتدى على المساحات الخضراء مقابل دفع بعض المبالغ.

خلاف برلماني
أفاد النائب عمرو جمال أبواليزيد أمين سر لجنة الإسكان بمجلس النواب، بأن المجلس سيناقش مشروع القانون بلجنتي الإسكان والزراعة، كما سنطرحه في حوار مجتمعي حتى نصل إلى أفضل النتائج التي تحقق صالح مصر، مشيرًا إلى أن المجلس أصدر توصياته بشأن مشروع القانون، والتي تضمنت أن التصالح مستبعد ومرفوض.

وأكد أبواليزيد، في تصريح خاص لبوابة «صوت الامة»، أن ما تردد بشأن تغليظ الغرامات - عشرة آلاف بالإضافة إلى واستصلاح 10 أضعاف المساحة المبني عليها- هي مجرد اجتهادات من بعض النواب، ولكن لم يتم التوصل حتى الآن لصيغة نهائية بشأنها. موضحًا أن بعض المواطنين قاموا بالبناء على الأراضي الزراعية بشكل غير شرعي نظرًا لغياب وفساد المحليات، وهو ما نتج عنه زيادة رقعة المناطق العشوائية التي أصبحت تمثل عبئًا كبيرًا على شبكة المرافق والبنية التحتية، كما أن هناك بعض أصحاب الأموال الذين استغلوا فترة ما بعد ثورة يناير وشيدوا أبراجًا ضخمة بطريقة غير شرعية، مما ساهم في التعجيل بتهالك شبكة الصرف الصحي.. موضحًا أن القانون خلال مناقشته لن ينحصر على لجان مجلس النواب، ولكن سيطرح للنقاش المجتمعي.

ووصف النائب هشام الشعيني، رئيس لجنة الزراعة بمجلس النواب، مشروع القانون بأنه الحل العملي للأراضي التي تم الاعتداء عليها وتبويرها.. بينما ستستفيد الدولة من الغرامات التي سيتم تحصيلها، مؤكدًا أن نحو 68 ألف فدان من الأراضي الزراعية تم الاعتداء عليها منذ عام 1990 وحتى الآن، وقد حصل نصف أصحاب هذه المساحات من المعتدين على براءات من المحاكم.. خاصة في ظل حصولهم على توصيل المرافق من مياه وكهرباء وصرف صحي بشكل رسمي، فماذا ستستفيد الدولة من هدم هذه المنشآت والتي تقدر بقيمة ترليون جنيه؟.

وتساءل الشعيني، لبوابة «صوت الأمة»، ماذا ستستفيد الدولة من الهدم خاصة بعد أن بارت هذه المساحات بعد حفر ما يزيد عن المترين بها لصب كتل خراسانية، مشيرًا إلى أن اللجنة ستراعي خلال فحصها لحالات التعدي حالات السكن وتفصلها عن العمل التجاري والتربح، مضيفًا.. هل كان أمام المعتدي بديل آخر؟، خاصة وأن تكلفة البناء على الأرضي الزراعية تكون أقل تكلفة من غيرها، وبناء على ذلك ستقدر قيمة الغرامة من منطلق تصنيف المنطقة سواء محافظة أو مركز أو قرية ستكون بنحو 50 ألف جنيه للأرض الواقعة بالمحافظة و20 ألف بالمركز، بينما ستبلغ الغرامة 10 آلاف جنيه في القرى.

وأشار الشعيني إلى أن الأراضي التي بني عليها منذ عام 1990 حتى 29 ديسمبر 2016 هي التي سيوقع عليها هذا القانون، بينما ستحال إلى الجنايات قضايا كل من بني على الأرض الزراعية منذ 30 ديسمبر 2016 وبعد ذلك، مشددًا على أن الأرض ستُقيّم بحسب سعر المتر بكل منطقة، وسيشارك في ذلك مجلس النواب والمجالس المحلية، بالإضافة إلى العمد والمشايخ في القرى.

خلاف قانوني
ووسط هذه الاختلاف البرلماني، حدث خلافًا بين القانونيين؛ حيث اتفق البعض مع مشروع القانون مؤيدين لخطوة الغرامة المغلظة، بينما رأي آخرين أن الغرامة أمر غير رادع ولا يكفي، بل يشجع كل من يرغب في التعدي على أراضي الدولة الزراعية للبناء عليها ومن ثم يدفع بعض المبالغ.

من جهته، رأى المستشار عادل فرغلي، رئيس محكمة القضاء الإداري الأسبق، أن مشروع القانون بهذا الشكل دستوري، ولكن هل سيتم تمريره خلال نقاشه أم سيرفض أو يجري عليه تعديل؟، مشددًا أن تغلظ العقوبة خطوة هامة للتصدي لكل من يعتدي على أرض الدولة وحق الشعب المصري بأكمله والتي ستفرض على المواطنين أن يلتزموا حتى لايقعوا تحت طائلة القانون.

وأوضح فرغلي، لبوابة «صوت الأمة»، أن الغرامة جائزة قانونًا ودستوريًا، ولكن يجب أن تراعي اللجنة التي تدرس مشروع القانون عدم المبالغة في الغرامات حتى لا تكون دافعًا للمواطنين للتهرب منها، بل أن الغرامة المتوازنة والمعقولة تحفز المخالفين لتقنين أوضاعهم، مشيرًا إلى أن نقطة تحمل تكلفة استصلاح مساحات أخرى كبديل عن التي تسبب في بوارها خطوة عادلة ومفيدة، ولكن يجب أن توضح العبارة بشكل حاسم بيحث تؤكد على تحمل تكلفة الاستصلاح وليس أن يقوم بالاستصلاح.

واختلف معه المستشار محمد السحيمي، قاضي محكمة قنا الإبتدائية سابقًا؛ حيث أكد أن الغرامة وتغليظ العقوبة لن تُنهي الجريمة، كما أن زيادة الغرامة أو تقليصها ليس هو الحل، وبافتراض أن قطعة أرض زراعية قيمتها 100 ألف جنيه، بينما نفس المساحة إذا كانت مخصصة للمباني تبلغ 2 مليون جنيه، ومهما كانت الغرامة سيكون المعتدي هو المستفيد في النهاية، وستكون فرصة لكل من تسول له نفسه للاعتداء على الرقعة الخضراء ويدفع مبلغ ليس له أي قيمة مقابل ما وفره من فارق السعر بين الزراعية والمباني.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق