مساكن «الرأس السوداء».. ضحية ثورة 25 يناير

الجمعة، 03 فبراير 2017 07:29 م
مساكن «الرأس السوداء».. ضحية ثورة 25 يناير
«مساكن الرأس السوداء».. بقعة في ثوب الوطن تبحث عن حل
الإسكندرية: أحمد مرجان

«الظروف صعبة»، «مفيش شغل»، «فينا اللي مكفينا».. تمثل هذه العبارات «غيض من فيض» ملأ حناجر ساكني العشوائيات التي أثقلتهم هموم الحياة ومتطلبات العيش المتلاحقة.

نصف حياة تلك التي يعيشها الأهالي في «مساكن الرأس السوداء»، أحد أشهر المناطق العشوائية بالإسكندرية.. كـ«قنبلة موقوتة» مشتعلة وسط المجتمع؛ حيث سجلت مأساة جديدة خلفتها أحداث التخريب التي شهدتها مصر إبان ثورة 25 يناير.

تتمثل المعاناة في مطالبة حي المنتزة أول لهم بسداد مبالغ مستحقة وأقساط شهرية متراكمة منذ عام 1985 وحتى الآن، على الشقق التي يسكنون بها التابعة إلى الحي، ليتم تحرير عقد بتمليك الشقة لهم وإلا سيتم الحجز الإداري على الشقة، والتي تسلمها الأهالي من الحي منذ ذلك العام على أن يقوموا بسداد مبلغ 5600 جنيها بنظام التقسيط بقيمة 16 جنيهًا كل شهر، ثم زادت قيمة القسط الشهري بعد ذلك بالتزامن مع زيادة الأسعار.

بداية الأزمة
وأكد الأهالي أنهم كانوا يدفعون قيمة الأقساط الشهرية للحي منذ أن تسلموا الشقة، وحتى ثورة 25 يناير، والتي تعرض خلالها مبنى الحي للاحتراق، فتوقف الأهالي عن دفع القسط الشهري، ليفاجئوا بمطالبة الحي لهم خلال هذه الأيام، بسداد المستحقات على الشقق منذ تاريخ أخر إيصال لديهم بالدفع، نظرًا لاحتراق إيصالات الدفع التي كان يمتلكها الحي، ومن لم يمتلك أخر إيصال بالدفع فسيقوم بسداد المستحقات على الشقة منذ عام 1985 وحتى الآن.

واشتكي الأهالي من عدم مقدرتهم على سداد قيمة الأقساط الشهرية المتراكمة منذ عام 1985، وتهديدهم من قبل الحي بأنه سيتم الحجز على الشقة إذا لم يتم دفع قيمة الأقساط المتراكمة، لعدم امتلاك العديد من الأهالي لإيصالات بدفع الأقساط خلال الفترة ما قبل ثورة 25 يناير، مشيرين إلى أنهم كانوا يدفعون الأقساط الشهرية باستمرار ولكنهم لا يمتلكون إيصالات الدفع التي تثبت ذلك، متسائلين كيف يطالبهم الحي بدفع مستحقات منذ عام 1985 مرة أخرى بعد أن قاموا بسدادها بحجة أن إيصالات الدفع التي كانت بالحي احترقت خلال أحداث ثورة 25 يناير.

صرخة عجوز
«الحي بيقول اللي مش معاه أخر إيصال بالدفع هيدفع من سنة 1985.. وفي ناس كانت بتدفع ومش معاها إيصال ذنبها إيه».. بهذه الكلمات بدأ الحاج عادل حسني زكي عيسي، أحد سكان منطقة الرأس السوداء، حديثه، متسائلاً كيف جاء الحي بتلك الأسماء التي في الكشف وتحديد قيمة مستحقاتها، والتي قال الحي إن الإيصالات احترقت أثناء التهام النيران مبني الحي، مضيفًا: «أنا راجل عندي 59 سنة ومفيش شغلة ولا مشغلة أدفع منين المبلغ ده».

وطالب «عيسى»، المسؤولين بالمحافظة بالنظر إليهم بعين الرحمة، قائلاً: «في ناس غلابة في المنطقة وبيربوا عيال ولا تملك قوت يومها ولا يوجد لديها إيصالات بالدفع وفي ناس فقدت إيصالاتها ليه يظلمها الحي ويدفعها من سنة 85 يإما يهددها بالحجز علي الشقة.. هو اللي معاه يدوس على الفقير اللي مامعهوش.. دي كل الشقة غرفة وصالة فقط».

أزمة مستندات
ويضيف الحاج محمد أحمد، من سكان الرأس السوداء، أنهم فوجئوا بالحي يطالبهم بدفع مستحقات علي الشقة منذ عام 1985 وحتى الآن لمن لا يمتلك أخر إيصال بالدفع، مضيفًا: «قالولنا الأوراق والايصالات احترقت واللي مادفعش هيدفع من سنة 1985.. هجيب منين وأنا عندي عيال بجري عليهم وعندي 60 سنة.. وبنصرفوا اليوم بيومه ومفيش شغل وقالولنا هنحجز علي الشقة».

وتابع «أحمد»: «الحي بيطالب بدفع مستحقات منذ عام 1985 وأحضر كشف بالأسماء وعندما طالبناه بإحضار إيصالات بما دفعناه خلال السنوات الماضية مثلما جاء بكشف بالأسماء، ونقوم بدفع السنوات المستحقة المتبقية فقال إن الايصالات قد احترقت خلال أحداث الثورة.. طاب ندفعوا الفلوس تاني منين وذنبنا إيه ندفع من جديد».

وتقول إحدى ساكنات منطقة «الرأس السوداء»، إنهم امتنعوا عن سداد قيمة الإيجار الشهري إلى حي المنتزة أول منذ أن تعرض مبنى الحي للاحتراق نظرًا لعدم إرسال الحي محصل لتحصيل واستلام القسط الشهري، مضيفة: «هندفعوا كنا إزاي ولمين».

وتضيف السيدة التي في العقد الثالث من عمرها: «إحنا مش لاقيين ناكل هندفع إزاي قيمة إيجار الشقة من سنة 1985»، مطالبة بسداد الأقساط الشهرية منذ أخر إيصال منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن فقط وليس منذ عام 1985 كما يطالب الحي، مضيفة: «مش ذنبنا إن الإيصالات احترقت».

الحي يرد
من جانبه، أكد اللواء أحمد أبوطالب، رئيس حي المنتزة أول بالإسكندرية، أنه سيتم الاجتماع مع إدارة الإسكان والإيرادات بالحي للنظر في وضع أهالي مساكن الرأس السوداء، وسيتم عمل مذكرة للعرض علي اللواء رضا فرحات، محافظ الإسكندرية، لتقنين وضعهم ليتم سداد باقي المستحقات علي الشقة منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن، وإلغاء تحصيل الأقساط الشهرية من عام 1985.

وأضاف أبوطالب، في تصريح خاص لبوابة «صوت الأمة»، أن لدي الأهالي فرصة لسداد باقي المستحقات علي الشقة بداية من ثورة 25 يناير حتي يتم تحرير عقد التمليك الخاص بالشقة، مشيرًا إلى أن الكشف المعلن بأسماء المقيمين بالشقق وبقيمة المستحقات التي لم يتم سدادها هو إجراء إداري، وسيتم عرض الأمر علي المحافظ لحل مشكلتهم.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق