في النداء الأخير.. «أخطبوط الرئاسة» يكسر قيود السجن
الجمعة، 10 مارس 2017 03:07 م
هو ذلك الشبح ذو الألف وجه، الذي يجيد كل الأدوار، ويقفز فوق كل الحواجز، ويجيد الحفاظ على ما يقع تحت يديه، ويحوله تلقائيا إلى رقم في ممتلكاته المتعددة.
«زكريا عزمي»، اسم ارتبط بديوان رئاسة الجمهورية لسنوات ممتدة، لكن لم يكن هذا المنصب هو كل شيء، فهذا الرجل واحد ممن امتلكوا مقعدا دائما في مجلس الشعب، طوال عهد حسني مبارك، حتى لقبه البعض بملك حلمية الزيتون، وهذا ليس لنفوذه الواسع الذي يمكنه من ضمان النجاح في الانتخابات على مقعد هذه الدائرة فقط، وإنما أيضا لأنه كان يعتبرها ملكا له، يوزع أراضيها على من يشاء، حتى ولو كانت هذه الأراضي مملوكة لجهات عليا في الدولة.
أبو 100 وش
«الفساد في المحليات وصل للركب».. لا يمكن للمصريين أن ينسوا تلك الكلمات الرنانة التي كان يرددها النائب زكريا عزمي، تحت قبة البرلمان، مرتديا قناع المحارب الأول للفساد، معتقدا أنه سيقنع الشعب، بأنه ينتقد النظام الذي يعد هو أكبر ثاني رأس من رؤوسه، التي قطعت في 25 يناير.
اعتاد زكريا عزمي حمل عشرات، وربما مئات الوجوه، ليرتدي منها ما يتناسب مع كل موقف، ومكان، فهو ذلك الجبار الذي يرتجف منه كل من يدخل القصر الجمهوري، من وزراء، ومسؤولين، ونواب، فضلًا عن موظفي القصر، وهو أيضا ذلك المطيع الذي لا يرد أمرا لمبارك، وأسرته.
ملك الحلمية
هو ذلك النائب المدافع عن مال الدولة، ضد الفساد، وهو أيضا ذلك الملك الذي يتحكم في دائرته الانتخابية بالمنح والمنع، وكله من جيب الدولة.. والضابط الذي حارب ضمن صفوف القوات المسلحة في اليمن، والفاسد الذي لم يقم وزنا لأمانة وضعها القدر في عنقه، حينما زُج به رئيسا لديوان رئيس الجمهورية.
استطاع زكريا عزمي، من خلال ذلك الصعود سريعا تقصير المسافات حتى لو كان ذلك بالإطاحة بمن رأسوه، وعندما اندلعت ثورة 1952 كان زكريا عزمي يبلغ من العمر 14 عامًا.
وُلد في منزل ريفي لموظف بسيط، يعمل كاتبا في إحدى الجمعيات وعُين بشهادة الابتدائية القديمة اسمه «حسين محمد عزمي»، وأمه ربة منزل تكاد لا تجيد القراءة والكتابة، وهي من عائلة الجرف بكفر رجب بالشرقية.
حاول زكريا بعد تخرجه الالتحاق بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، إلا أنه رُفض بسبب رسوبه في الثانوية العامة، وأثناء اشتراكه في حرب اليمن تقدم لأداء الامتحان مع الطلبة المصريين هناك وبالطبع انتهت بنجاحه، وبعد عودته التحق بكلية الحقوق وحصل على الليسانس عام 1965.
وعبر إحدى الوساطات انتقل عزمي إلى الحرس الجمهوري، ومن خلال أسلوبه التطلعي، وصل لمدير مكتب حسين المسؤول الأول عن تنظيم حركة ومواعيد الرئيس جمال عبدالناصر، ومن بعده الرئيس أنور السادات، وخلال هذه المدة حصل على الدكتوراه في القانون الدولي.
وعقب استبعاده من القوات المسلحة، سنة 1976، انتقل للعمل بمحافظة القاهرة، قبل أن يعيده إلى الجيش الرئيس الأسبق مبارك، أثناء توليه منصب نائب رئيس الجمهورية، حتى أصبح رئيسا لديوان رئيس الجمهورية، بعد تولي مبارك الرئاسة.
10 مليارات جنيه ثروة العمر
يمتلك زكريا عزمي 10 مليارات جنيه، هذا ما أكدته التحقيقات التي جرت مع «الرجل الأخطبوط» عقب مغادرته السلطة، كما ثبت امتلاكه لـ600 ساعة ألماظ، وعدد من القصور، والفيلل، وفق ما أثبتته التحقيقات التي أجراها معه جهاز الكسب غير المشروع، عقب ثورة 25 يناير.
السجن نهاية 30 عاما في الديوان
ورغم أنه شغل منصب رئيس ديوان رئيس الجمهورية لـ30 عاما تقريبا، هي مدة بقاء مبارك في السلطة، فقد أُلقي القبض عليه بعد ثورة يناير، وأدين بالكسب غير المشروع، وقُضي بسجنه 7 سنوات، مع إلزامه وزوجته برد أكثر من 36 مليون جنيه للدولة.
النداء الأخير.. براءة
وفيما يمكن وصفه بالنداء الأخير، الذي ظهر خلاله اسم زكريا عزمي، على الملأ، هو حكم جنايات شمال القاهرة، ببراءته من اتهامه بالكسب غير المشروع، بعد أن قبلت محكمة النقض الطعن المقدم منه على الحكم السابق الإشارة إليه، وأمرت بإعادة محاكمته، أمام دائرة جديدة، قضت ببراءته.