«الخدمات النقابية» تطالب بعدم تقييد حق الإضراب بالإخطار المسبق في قانون العمل الجديد.. اقتراح بتفعيل المفاوضة الجماعية لتقليل عدد الإضرابات.. واعتراض على معاقبة المضربين بالفصل واعتبار ذلك تعسفا

الأربعاء، 19 أبريل 2017 07:30 ص
«الخدمات النقابية» تطالب بعدم تقييد حق الإضراب بالإخطار المسبق في قانون العمل الجديد.. اقتراح بتفعيل المفاوضة الجماعية لتقليل عدد الإضرابات.. واعتراض على معاقبة المضربين بالفصل واعتبار ذلك تعسفا
كمال عباس - المنسق العام لدار الخدمات النقابية
كتب - محمود عثمان

أكدت دار الخدمات العمالية والنقابية على حق العمال فى الإضراب عن العمل، مشيرة إلى أن الدستور الحالى نص فى المادة 15 على أن «الإضراب السلمي حق ينظمه القانون»، وأن اتفاقيتى العمل رقم 87 الخاصة بحماية الحق فى التنظيم والموقعة من الحكومة المصرية عام 1957، ورقم 98 الخاصة بالحق فى التنظيم والمفاوضة الجماعية الموقعة من الحكومة المصرية عام 1954 – وكلتاهما من اتفاقيات معايير العمل الأساسية بل أنهما تأتيان على رأس قائمة هذه الاتفاقيات التى تنصان على حق العمال فى الإضراب والتزام الدول الأعضاء فى منظمة العمل الدولية بعدم انتهاك هذا الحق  أو اتخاذ إجراءات أو تدابير من شأنها تعطيله.

وطبقا لما ذكرته الدار فى مقترحها فيما يخص حق الإضراب السلمى فى قانون العمل الجديد، فينص العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فى المادة الثامنة منه على حق الإضراب باعتباره من الحقوق التى تتعهد الدول الأطراف بكفالتها، ودولتنا وفقًا للمادة 93 من دستور 2014 تلتزم «بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التى تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً للأوضاع المقررة».

وأشارت الدار إلى أن مشروع القانون المقدم من الوزارة قد نص الباب الأول من الكتاب الأول منه «التعاريف» على تعريف الإضراب السلمي عن العمل باعتباره «اتفاق جميع العمال، أو فريق منهم على التوقف عن أداء أعمالهم بمقر العمل للمطالبة بما يرونه محققًا لمصالحهم المهنية، بعد تعذر التسوية الودية فى حدود الضوابط والإجراءات المقررة قانونًا"، وهى المرة الأولى التى يتطرق فيها قانون العمل إلى تعريف الإضراب باعتباره أحد مفردات علاقات العمل وإن كنا نرى حذف عبارة «داخل العمل» -كما جاء بملاحظات قسم التشريع بمجلس الدولة -فقد يكون بعدم ذهاب العمال إلى عملهم.

وتابعت الدار أن مشروع القانون ينص فى المادة 200 منه على أن «للعمال حق الإضراب السلمي عن العمل للمطالبة بما يرونه محققًا لمصالحهم المهنية، وذلك بعد استنفاذ طرق التسوية الودية للمنازعات المنصوص عليها فى هذا القانون، ويكون إعلانه وتنظيمه من خلال المنظمة النقابية المعنية، أو المفوض العمالى فى حدود الضوابط والإجراءات المقررة فى هذا القانون».

وقالت الدار فى ملاحظتها، إن الإقرار بحق العمال فى الإضراب تماشيًا مع الدستور، ونزولًا على الاتفاقيات الدولية الموقع عليها من الحكومة المصرية يتم النكوص عليه فعليًّا بالقيود والشروط التعجيزية التى يضعها مشروع القانون على ممارسة هذا الحق وذلك على النحو التالى: فى المادة 203 يحظر المشروع ممارسة الإضراب فى «المنشآت الاستراتيجية أو الحيوية التى يترتب على توقف العمل فيها الإخلال بالأمن القومى، أو بالخدمات الأساسية التى تقدم للمواطنين، ويصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بتحديدها» .

وكان قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1185 لسنة 2003 قد صدر تطبيقًا لنص المادة 194 من قانون العمل الحالى – المطابقة لهذه المادة- معتبرًا من قبيل هذه المنشآت: منشآت الأمن القومي والإنتاج الحربي والمستشفيات والمراكز الطبية والصيدليات، والمخابز، ووسائل النقل الجماعي للركاب (النقل البرى والبحري والجوى) ووسائل نقل البضائع، ومنشآت الدفاع المدنى، ومنشآت مياه الشرب والكهرباء والغاز والصرف الصحى، ومنشآت الاتصالات، ومنشآت الموانئ والمنائر والمطارات، فضلاً عن العاملين فى المؤسسات التعليمية.

وأشار تقرير لجنة الخبراء طبقا لمقترحات الدار بشأن تطبيق معايير واتفاقيات منظمة العمل الدولية بشأن الحالة المصرية إلى تحفظه على «تقييد حق الإضراب فى مؤسسات خدمية لا تعد أساسية وفقًا للتعريف الدقيق لهذا المصطلح»، كما رأى قسم التشريع بمجلس الدولة أنه يتعين تحديد مفهوم تلك المنشآت، أو بيان معايير تحديدها بموجب القانون، دون الاكتفاء بمجرد تحديدها بقرار يصدر من رئيس مجلس الوزراء، نظرًا لمساس هذا الحكم بأصل الحق.

تشترط المادة 201 أن يقوم العمال بإخطار كل من صاحب العمل والجهة الإدارية المختصة قبل التاريخ المحدد للإضراب بعشرة أيام على الأقل وذلك بموجب كتاب مسجل وموصى عليه بعلم الوصول على أن يتضمن الإخطار فضلًا عن الأسباب الدافعة إليه  وتاريخ بدايته تاريخ نهايته أيضًا وهو اشتراط يعوزه المنطق السليم، حيث إن العمال لا يضربون بصورة مسرحية أو إعلامية، وإنما لحين الاستجابة لمطالبهم، وهم بالتالي لا يفترض علمهم المسبق بالمدى الزمني للإضراب.

وقالت الدار فى ملاحظتها إن العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ينص فى المادة الرابعة منه على أن «تقرر الدول الأطراف فى الاتفاقية بأنه يجوز للدولة، فى مجال التمتع بالحقوق التى تؤمنها تمشيًا مع الاتفاقية الحالية، أن تخضع هذه الحقوق للقيود المقررة فى القانون فقط وإلى المدى الذى يتمشى مع طبيعة هذه الحقوق فقط ولغايات تقرير رفاهية العالم فى مجتمع ديمقراطى فقط»، متسائلة: «فهل يمكن اعتبار تقييد حق الإضراب بالإخطار المسبق عن تاريخ نهايته أمرًا يتماشى مع طبيعة هذا الحق، وهل يمكن اعتبار ذلك التزامًا بالاتفاقية الدولية أم مخالفة صريحة لنصوصها؟».

وفى المادة 193  تَقدَم مشروع القانون خطوة على قانون العمل الحالى بحذف حظر الإضراب أثناء جميع إجراءات الوساطة والتحكيم وإن أبقى على حظـر الدعوة إلى الإضراب أو إعلانه بقصد تعديل اتفاقية عمل جماعية أثناء مدة سريانها، متجاهلاً الأحوال والظروف التى قد تطرأ وتطرح الحاجة إلى إجراء هذا التعديل .

وأكدت الدار على ثلاثة ملاحظات رئيسية فيما يتعلق بحق الإضراب فى قانون العمل الجديد وهى أن العمال لا يذهبون إلى الإضراب على سبيل الرفاهية أو الفانتازيا، وإنما بدافع من مطالب ملحة عادةً ما تتعلق اشد التعلق بحياتهم وحياة عائلاتهم، وهم بالقطع لن يعمدوا إليه إذا كان هناك سبيل إلى المفاوضة أو التسوية الودية، لكنهم إذا لم يجدوا آذانًا مصغية أو آليات للحوار، إذا كانوا قد فقدوا الثقة فى مثل هذه الآليات أصلًا نتيجة تعطلها الطويل، إذا سدت أمامهم سبل المفاوضة يصبح الإضراب لا بديل له.

إن الوسيلة الوحيدة لتقليل عدد الإضرابات هى تفعيل آليات الحوار والمفاوضة الجماعية، وذلك بتعزيز الديمقراطية النقابية بكل ما تتضمنه من حق تكوين النقابات بحرية، وحق المفاوضة الجماعية، وحماية ممثلى العمال، الاستمرار فى تقييد حق الإضراب بشروط تعجيزية والتوسع فى الحظر يؤدى بنا إلى استمرار الدوران فى الدائرة المعروفة، وهى استحالة تطبيق القانون، وبالتالى إدارة الظهر له أو عدم احترامه، لنجد أنفسنا أمام إضرابات تقع خارج القانون لأنها لا يمكنها الانضباط لشروطه، وتعامل انتقائى مع هذه الإضرابات يبدأ من الاعتراف بها والتفاوض مع ممثليها ومنظميها، وينتهى بالحكم على بعض من يمارسون حقهم فيها بالسجن، والأمر كله متروك لموازين القوى واعتبارات المواءمة بل وطبيعة ومزاج وثقافة الأطراف الأخرى.

واختتمت الدار ملاحظتها قائلة: ربما كان الأمر الخطير هنا أيضًا هو ما تنص عليه المادة 121 من مشروع القانون فى البند 8 منها من أنه يجوز فصل العامل إذا لم يراعِ الضوابط الواردة فى المواد من 200 إلى 202- الخاصة بالإضراب، حيث إنه إذا كنا أمام ضوابط، مجرد ضوابط لممارسة الحق المعترف به، والذى لا يجوز انتهاكه، ألا يبدو تعسفًا وإجحافًا أن يترتب على مخالفتها جزاء مغلظ إلى هذا الحد!، وهو الفصل والحرمان من فرصة العمل وكسب الرزق، إن الحصاد المر لاستخدام هذا النص خلال السنوات الماضية هى فصل المئات من العمال والنقابيين وتشريد الآلاف من أسرهم وعائلاتهم وبالقطع هذا يستحق المراجعة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق