مرصد الأزهر: داعش تستغل أبطال التاريخ التركي لجذب الشباب

الإثنين، 14 أغسطس 2017 01:15 م
مرصد الأزهر: داعش تستغل أبطال التاريخ التركي لجذب الشباب
داعش
منال القاضي

نشر مرصد الأزهر للغات التركية تقرير يتضمن استغلال التنظيم الإرهابي "داعش " للبطولات التي سجلها التاريخ التركي، مؤكدا أن التاريخ ليس مجرد سرد لأحداث الماضي ووقائعه، بل هو علم جليل له عدة فوائد مهمة من أهمها تقوية اعتزاز الإنسان بأمته وماضيها وبطولاتها والاستفادة من أخطائها وأخذ العبر والدروس من هزائمها وإخفاقاتها، ومِن ثم يعتبر التاريخ مصدر إلهام للإنسان في إبداعه يدفعه دائما للاقتداء بقادة بلاده التاريخيين.

ومما يؤسف له أن تنظيم "داعش" الإرهابي قد فطن لأهمية التاريخ وأحداثه في شحذ الهمم وتحفيز من يقرأ فيه على العمل، والخيال، والإبداع، وبناء الطموح والرغبة الجامحة في الرقي وتحقيق الأهداف، وخصوصا عند الشباب حديثي العهد بالدراسة الذين درسوا تاريخ أمتهم ولا يزال عالقًا في أذهانهم وتأثروا بأبطاله.

وما جرى على مسرحه من أحداث تجذب الشباب الطموح محبي الزعامة والتميز، والحريص على أن يكون واحدا من النخبة ومن أصحاب الرأي في بلاده.

واضاف المرصد ،أعد تنظيم "داعش" للشباب خطابا إعلاميا كاذبا في ظاهره الرحمة وفي باطنه العذاب يغازل فيه رغباتهم، ويقوّي طموحهم، ويحمسهم ويشعرهم بأن أحلامهم في الزعامة والبطولة متوقفة على انضمامهم إلى "تنظيم الدولة" على حد زعمهم.

وكشف مرصد الأزهر  من خلال رصد وتحليل ما يبثه تنظيم "داعش" من منشورات باللغة التركية، مضمنا أن ما يدل على أن هذا التنظيم يعرف جيدا طبيعة الشعب التركي، ونزعته القومية التي تجعله دائم الاعتزاز بتاريخه ودولته التاريخية القديمة، مثله في ذلك مثل معظم شعوب العالم؛

لذلك يلعب التنظيم على هذا الوتر الحساس، ويحمس الشباب مستدعيا لهم مواقفَ من تراثهم التاريخي والديني الذي يحبونه، والذي يشكل جزءًا أساسيًّا من ثقافتهم، فيؤولها التنظيم وَفقًا لفهمه المغلوط،

ففي إحدى مقالات هذا التنظيم يبدأ الكاتب بتذكير الأتراك بأن الله سبحانه وتعالى قد من عليهم بنعمة الإسلام، وجعلهم ركنًا من أركان الخلافة الإسلامية إبان عهد العباسيين، الذين رَفع الترك تحت رايتهم لواء التوحيد والجهاد، ثم دخل الطمع في قلوب بعضهم (الأتراك) بعد ذلك، فمنهم من حرص على الدنيا، ومنهم من غاص في الباطل، ومنهم من خان، ومنهم من عبد القبور، ومنهم من أصدر قوانين تخالف القوانين والأحكام الإلهية.

كما أشار المرصد  فى تقريرأن كاتب المقال بهذا الكلام يشير إلى حقبة دخول الأتراك في الجيش العباسي إبان حكم الخليفة العباسي السابع "المأمون بن هارون الرشيد"، الذي كان عصره يمثل نَواة الاعتماد على الأتراك في الجيش الإسلامي، وعندما مات الخليفة "المأمون"، كان عدد الجنود الأتراك في الجيش العباسي يقدر بحوالي ثلاثة آلاف مقاتل، واعتمد عليهم الخليفة العباسي الثامن "المعتصم بالله"، وازدادت أعدادهم في عصره زيادة كبيرة حتى ضاقت بهم مدينة "بغداد"؛ فبنى لهم "المعتصم بالله" مدينة "سامراء" لتكون مقرًّا لإقامتهم.

ولقد كان اعتماد "المعتصم بالله" على الأتراك اعتمادًا كبيرًا للغاية؛ وذلك بسبب ظروف سياسية أجبرته على الاعتماد عليهم، ولا يتسع المَقام لذكرها الآن.

 وذلك بسبب ضعف الدولة وسيطرة الترك عليها، فالشاهد هنا هو الاستدعاء الخبيث لموقف تاريخي ليثبتوا من خلاله وجهة نظرهم في أن الأتراك كانوا خداما للخلافة الإسلامية وحماة لها، وهم بذلك يشجعون الأتراك على الذهاب إلى دولتهم التي يطلقون عليها دولةَ خلافةٍ،

مذكرين إياهم بدور الأتراك القدماء في خدمة الخلافة العباسية والخليفة "المعتصم بالله"، ومحذرين إياهم من الطمع الذي أيضا أصاب الأتراك في نهاية الدولة العباسية، وكانت نتيجته سقوط الدولة وانغماس الأتراك في المعاصي والذنوب وعبادة القبور وأعمال الشرك  على حد قولهم، وهم بذلك يساوون بين خليفة المسلمين العظيم "المعتصم بالله" وبين خليفتهم "أبي بكر البغدادي"، متناسين الفرق بين الاثنين، وهو فرق عظيم وكبير كالفرق بين السماء والأرض، فالخليفة "المعتصم" كان مبايَعا من المسلمين أو الغالبية العظمى منهم، وكان مقاتلًا يقاتل في سبيل الله بشرف ووجها لوجه ضد جيوشٍ نظامية تحمل سلاحا مثلَ سلاحِه، بل وأفضل، وعتادا مثل عتاده وأفضل، وعددا مثل أعداد جيشه وأكثر، لم نقرأ في تاريخه أنه قَتل أو أَمر بقتْل شخصٍ أعزلَ، أو قتَل طفلًا أو امرأة، أو حرَق أو ذبَح أو مَثّل بجثث الموتى مثل ما يفعل "داعش" وخليفته المزعوم، رغم أن ذلك كان من السهل على الخليفة المعتصم وغيره من الخلفاء وجنودهم أن يفعلوه الموقف التاريخي 

الامر الثاني الذي يستدعيه التنظيم دائمًا لتحفيز وتشجيع الشباب التركي على الانضمام إليهم هو "فتح استانبول"، ففي إحدى مقالاتهم اشار المرصد فى احدى مقلات للكاتب "الداعشى "حديثه للشعب التركي: "أيها الشعب التركي يجب عليكم قبل فوات الآوان أن تنتفضوا ضد الصليبيين، والملحدين، والطغاة الذين سيجعلونكم عبيدًا عند أهل الصليب، وقبل أن تفعلوا ذلك يجب عليكم أن تتوبوا عن الذنوب التي كانت نتيجتُها أنْ تَسَلّط هؤلاء الطواغيت الخونة عليكم، وأعرِضوا عن الديمقراطية والعَلمانية، والقوانين البشرية، وعبادة القبور، إذا فعلتم ذلك فستكون حربكم جهادا في سبيل الله، وقتلاكم شهداء، وتعالَوا لنعتصم جميعا بحبل الله المتين، ونفتح "استانبول" بأمرٍ من أمير المؤمنين، والذي هو من نسل سيد المرسلين". فالشاهد هنا هو استدعاء الكاتب للحدث التاريخي المتمثل في "فتح استانبول"، والمعروف بأنه هو الفتح الأهم والأشهر في التاريخ العثماني

المعنى الثاني: أنهم لا يعترفون كلية بفتح السلطان محمد الفاتح للمدينة، ربما لأنه ليس من نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم يقصدون بالفتح هنا المعنى الحقيقي، أي: الحرب واسترداد استانبول من الكفرة والطواغيت ـ على حد زعمهم وهذا هو الرأي الراجح؛ لأنهم دائمًا ينادون الشباب التركي للهجرة من بلاده التي في القلب منها استانبول، والانضمام إلى "تنظيم الدولة" في سوريا أو في العراق. 

والهجرة كما هو معروف في التاريخ الإسلامي كانت من مكّةَ «التي كانت أرضَ كفرٍ قبل الفتح» إلى المدينة التي كانت أساسَ بناءِ الدولة.

وبذلك تكون استانبول في وجهة نظرهم الآن أرضَ كفرٍ تجب الهجرة منها، وسيأتي يوم للعودة إليها وفتحها.

موضوعات متعلقة 

مرصد الإفتاء: داعش يستخدم مواقع التسوق الإلكتروني في تمويل عملياته الإرهابية

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق