من يحمي مصر العربية؟

الأحد، 11 فبراير 2018 11:33 م
من يحمي مصر العربية؟
محمد الشرقاوي يكتب:

بنوها قلعة للمهنية، لكنها في الأصل بيت ضرار، وضعت نفسها في صف داعمي الإرهاب، ولا شيء دون قصد، فكل مدروس ومخطط له، وكل يدور حسب ما أسس لأجله، تارة حاولوا بها مسح أخطائهم لكنها زادت منهم، وتارة غيروا لباسهم لكن رائحته ما زالت تفوح منه، وحاولوا البقاء لكن كان مصيرهم الحجب، فلا شيء يبقى ويظل الوطن.

مصر العربية شبكة إخبارية، لم ينكر ملاكها في بداية نشأتها أنها تأسست للتغطية على الأزمة التي تعرضت لها قناة الجزيرة القطرية في مصر، واتهامها بالحياد عن المهنية وأنها ستكون منصة تؤدي نفس الرسالة، لكن بشكل جديد، بعد انفضاض قطاع كبير من متابعيها عنها، فباتت صورة طبق الأصل منها، لكن بوجوه مختلفة.

الأمر لن يختلف كثيرًا فالبوابة التي انطلقت في مايو 2013، كبوابة خاصة بقناة إخبارية حملت نفس الإسم، قيل في بعض الأحيان "شمس" للهروب من الاعتراضات الأمنية، فتهمة التمويل كانت تطارد الشبكة منذ تأسيسها. سرعان ما أعلنت الشبكة عن إلغاء مشروع القناة التلفزيونية، بعد حصولها على ترخيص كذلك الاتفاق مع أطقم إذاعية كاملة (إعداد – مذيعين)، من بينهم كان مراسلين لشبكات دولية ومعدي برامج بقناة الجزيرة القطرية.

فاحتضنت صحفيي الجزيرة السابقين، وصحفيين آخرين عملوا بها بأوامر من الجزيرة القطرية، بدليل أن من بين قادة فريق تحريرها، والذي كان يشرف على المادة التحريرية لحين إطلاق القناة، كانت مدير تحرير الأخبار نادية أبو المجد أو كما تسمى نفسها "ناديا"، مراسلة وكالة الأنباء الأمريكية أسوشيتد برس في إسرائيل، والتي عاشت قبل 2011 في مستوطنة كيبوتس الإسرائيلية، وعملت في قناة الجزيرة الإنجليزية.

كذلك كان المسؤول عن تجهيز القناة "شمس" مدير مكتب مجلة الدوحة في القاهرة سامي كمال الدين، مذيع قناة الشرق التركية، والذين تركا البلاد بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة، واللذين سافرا كلاهما إلى قطر، ليكونا حلقة في إدارة "الجزيرة مباشر مصر" من الدوحة، وبعدها ذهبا إلى تركيا، للإدارة شبكة التلفزيون العربي.

تطورت الأوضاع ووجدت الشبكة الإخبارية نفسها في مواجهة الدولة، فالسياسة التحريرية لم تكن ستضمن لها البقاء، فهي كانت تغض الطرف عن انتهاكات الجماعة الإرهابية في الشارع المصري، والهجمات المسلحة.

كان الحل حل مجلس الإدارة المؤسس وتأسيس مجلس جديد لشركة أخرى يضم شخصيات من حزبي الوسط ومصر القوية، وتم نقل مقرات الشبكة من شارع فيصل، إلى مقر شبكة "إسلام أون لاين" السابق في أكتوبر، ومنها إلى شقة مملوكة لإسلام لطفي، أحد أعضاء مجلس الإدارة – والذي ظهر فيما بعد رئيسًا تنفيذيًا لشبكة تليفزيون العربي القطرية، والمشرف عليها عزمي بشارة المستشار السياسى لأمير قطر تميم بن حمد.

ولأن الشبكة في لباسها الجديد، لم تكن تنشر الفيديوهات الخاصة بتظاهرات الجماعة الإرهابية، كانت تبيعها مادة خام لشبكات إعلام دولية تابعة لجماعة الإخوان الإرهابية ممولة قطريًا، وذلك في الفترة التي تلت فض الاعتصامات، فالكثير من أرشيف المؤسسة لم يكن له وجود بعد الأحداث التي تلت الثورة.

كانت هناك أعوام أشبه بالهدنة، لكي تضمن الشبكة البقاء، لكنها تورطت في موائمات سياسية مع الجماعة الإرهابية، التي طالما أقسمت أيمانًا مغلظة، على عدم وجود علاقة بين الطرفين. إلا أنها أسست روافد أخرى، تنشر من خلالها ما تريد، وكأنها بعيدة عنها، فأسست "إضاءات" في شكل مركز بحثي، يعرض قراءات تهاجم الدولة وجيشها، ويضم في قيادته محررين سابقين بالجزيرة القطرية، كذلك منابر ليست منتشرة إعلاميا.

في 24 مايو 2017، تم حجب الشبكة، بقرار من مجلس الوزراء، هي و20 آخرين، منهم الجزيرة نت وقناة الشرق والشعب وعربي 21 ورصد وحماس أون لاين، لتضمينها محتوى يدعم الإرهاب والتطرف ويتعمد نشر الأكاذيب.

التصعيد يبقى والتضليل يظل متورايا خلف ستار المهنية، لكن تبقى الموائمات السياسية مع أطراف لا تريد مصلحة الوطن، ويبقى السؤال بلا إجابة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة