«هرى اليوم».. قطيع العالم الافتراضي !

الأحد، 08 أبريل 2018 01:42 م
«هرى اليوم».. قطيع العالم الافتراضي !
عنتر عبداللطيف يكتب :

تتجسد سيكولوجية القطيع فيما يحدث عبر وسائل التواصل الاجتماعي من «هرى » يومي على طريقة «طبق اليوم »، فكما أن هناك ما يطلق عليه طبق اليوم، نجد أيضا عبر هذه المواقع ما يمكن أن نسميه بـ«هرى اليوم» !

«هرى اليوم» ، ربما تناول حدث سياسي ، أو رياضي، أو حتى اجتماعي ، المهم أن يكون هناك حدث ، أي حدث والسلام .

المتابع لوسائل التواصل الإجتماعى يجد أن الحدث ينتقل بسرعة البرق عبر صفحات هذه المواقع ، وكلما تداول يتم تضخيمه ، وإضافة كلمات تزيد من قيمته ، أو تجعله يدخل فى نطاق التشويق والإثارة وربما التعاطف و«الشحتفه»،المهم  أن «البوست » يجبرك على تشييره !

«تشيير البوست »، ليست إلا مرحلة ، في سلسلة من الأكاذيب، وتضخيم الخبر، وربما التقليل من شأنه ، أو الإضافة على البوست بوضع الشطة والبهارات.

التهويل أو التهوين أصبح سمة في بوستات رواد مواقع التواصل الإجتماعى، بعد أن أصبحت هذا المواقع توجه الرأي العام ليس في مصر فقط لكن بالعالم اجمع.

الغريب فى الأمر أن كل شىء أصبح مباح ومتاح ومستباح عبر فيس بوك ، فلا يتحرج الشخصمثلا فى حكى أدق تفاصيل حياته ، وتحول الموقع إلى اجترار وسرد حكايات لا طائل من خلفها ولا تأتى إلا بدافع السطحية.

«جنرالات الفيس« بوك لا يتركون حدثا إلا وأشبعوه تحليلا ، الكل يدلى بدلوه ، الكل تحول إلى خبير فى السياسة وعلم الاجتماع والفن وربما ظواهر ما وراء الطبيعة أيضا !

الظاهرة المرعبة بتداول كمية هذا الهرى على مواقع التواصل الاجتماعية لا نجدها إلا في البلاد العربية ، فهل يأتى ذلك بدافع الملل أم الحماقة أم الفراغ ، في الحقيقة مطلوب دراسة جادة لهذه الظاهرة الغريبة .

بالطبع الظاهرة السابقة لا تنسحب على آلاف أدركوا  أن مواقع التواصل الاجتماعي هدفها التواصل مع الآخر ونشر الثقافة أو الأفكار الجديدة التي تسهم في تقدم المجتمع وليس اقتحام حياة الآخر  والسب والتطاول على من يخالفك الرأى .

اللافت أنه كلما وقع حدث جيد فأنه يزيح الحدث القديم من طريقه ، ويصبح الحدث الجديد هو ما يتناوله ويتداوله رواد مواقع التواصل إلى أن يقع حدث آخر وهكذا.

دائما هناك سؤال سخيف يظل يطارد من يبحث عن التغيير في نمط حياته وهو « هناكل إيه النهاردة» ، ودائما لا تطرح إجابات محددة لهذا السؤال ،ليظل طبق اليوم تقليديا مهما تغير محتواه ، تماما مثل هرى الفيس بوك لا يتغير ، ولا آمل فى تغييره قريبا إلا بنشر الوعى والثقافة ومبدأ احترام الخصوصية ووجهات النظر المغايرة والمختلفة فهذه سنة الحياة ، التى لا يريد أحد احترامها ، لذلك دائما ما نتبادل السباب والشتائم بدلا من لغه الحوار .

عندما يتزوج فنان من فنانة مثلا ، نجد آلاف البوستات ما بين مؤيد ومعارض ، البعض يبارك والبعض الآخر يهاجم ، وهى حالة تعبر عن تفاهة وسطحية ليس لها مثيل من قبل ، ففضلا عن مضيعة الوقت فإن هذا يعد ليس فقط تدخلا فى خصوصة الآخر ، بقدر ما يكشف عن أمراض توطنت المجتمع منذ زمن بعيد ، وعلينا أن نصارح أنفسنا بها ، لا أن ندفن رؤؤسنا فى رمال الهروب وترك الحابل ليختلط بالنابل، لنصبح عراه على هذه المواقع ،لا نجد ورقة توت تستر عوراتنا !

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق