محمد عبد الوهاب.. موسيقار أقنع أم كلثوم بـ«النصف تون»

الجمعة، 04 مايو 2018 04:31 م
محمد عبد الوهاب.. موسيقار أقنع أم كلثوم بـ«النصف تون»
محمد عبد الوهاب وأم كلثوم
صابر عزت

(13 مارس 1902).. ليلة تلقت مصر بها صرخة ربما حملت في طياتها ألحانا عزبة، بشرت بمولد نجما ومجددا في عالم الموسيقى، شخصا عزفت أنامله على أوتار المحبة والوطنية والأحزان، غرد خارج السرب فأصبحا منفردا فيما يقدمه ولقب بـ«موسيقار الأجيال»، أنه الراحل المبدع في عالم الموسيقي العربية محمد عبد الوهاب.
 
maxresdefault (4)
 
 
في الساعات الأولى لليلة الموعودة، أضاءت حارة «برجوان»، الواقعة في قلب حي باب الشعرية بالقاهرة، ربما كانت الحركات القلقة من أسرة لأسرة الشيخ محمد أبو عيسى، المؤذن والقارئ في مسجد سيدي الشعراني في باب الشعرية هي السبب.
 
حركات الأسرة المتعاقبة والمترقبة للوضع، كانت بشير لحدث هام، جمع أهالي المنطق الذين جمعتهم الطابع الأصيل للمصرين حتى يساندوا شيخهم الجليل، دقائق معدودة والتفت الشيخ محمد أبو عيسى، إلى منزله مبتسما بعد أن سمع الألحان التي يشدو بها مولوده الصغير على هيئة صرخات تبشر بقدومه.
 
10527_750_424_620138132937
 
 
محمد عبد الوهاب.. شخصية ذات طابع خاص، ربما بفضل كبريائه الذي انعكس على أغانيه خاصة الوطنية، والذي شكله تنشئته في منزل بسيط بحي باب الشعرية، بدأ مسيرته في عالم الموسيقى (عام 1917)، كمطربا في فرقة فوزي الجزايرلي، إلا أن شغفه بالموسقي جعله يتربع على عرش الملحنين في مصر، خاصة وأنه عاشق للتجديد وأدخل العديد من الآلات الموسيقية الغربية في الألحان الشرقية.
 
43061-43061-5
 
شخصية محمد عبد الوهاب، القيادية، جعلته يخوض غمار المنافسة والتحدي على الفوز بأذان عاشقي الموسيقى في مصر، بالأدوات الغربية، والتي جعلته منفرد آنذاك في ألحانه، فعلى الرغم من السخط والكلمات الهدمة التي حاولت أن تقصي أفكار وتثنيه عن استخدام الآلات الغربية، إلا أن محمد عبد الوهاب فاز في رهان اعتقده البعض خاسرا.
 
72191-أم-كلثوم-وعبد-الوهاب2
 
«إنت عمري.. على باب مصر.. إنت الحب.. أمل حياتي.. فكروني.. هذه ليلتي.. أصبح عندي الآن بندقية.. ودارت الأيام.. أغداً ألقاك.. ليلة حب».. جميعها أغانٍ لكوكب الشرق أم كلثوم والعامل الوحيد المشترك بها أنها ألحان أم كلثوم، والتي لقبت آنذاك بلقاء السحاب.
 
لقاءات السحاب، بين محمد عبد الوهاب، وسيدة الشرق- الهرم الرابع أم كلثوم- بدأت بأغنية «إنت عمري»، والتي رفضت أم كلثوم في ذلك الوقت الأدوات الغربية التي دخلت على الأغنية- الجيتار وعمر خرشد- إلا أنها رضخت للأمر الواقع وبعد أن سمعت اللحن، ورغم ركاكة الكلمات- بالنسبة لأغاني كثيرة غنتها أم كلثوم- إلا أنها تعد واحدة من أجمل أغانيها، والتي يعشقها الشباب حتى الآن، وربما تكون من الألحان الخالدة في تاريخ كوكب الشرق.
 
 
تعاقب لقاء السحاب بين موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، وأم كلثوم، في لقاءات عدة، كانت مختومة بنغمات أخاذة وصوت عزب، جعلهما يتربعان على عرش الأغنية في الشرق الأوسط، وجعل أعملهما معا محط أنظار الجميع.
 
لم تأثر الجوانب الخفية في شخصية عبد الوهاب على عملة مع سيدة الشرق الأوسط، على الرغم من الخلافات التي احتدمت بينهم كثيرا، فربما لشخصية الثنائي القيادية، سبب لصدام كان واستمر حتى رحلا، إلا أن الفن الذي جمعهم كان أكبر من أي صدام.
 
136454-83643-maxresdefault
 
محمد عبد الوهاب، كان شخصية لا تقبل النقاش، فأن قدم عمله وهو مقتنع به، لن يثنيه عن تنفيذه سيء، وكان هذا سبب صدام بينه وبين العديد، وربما عبر عن هذا كثير، في أغانيه، وأكده خاصة في الأغنية التي أنشدها بصوته، وكانت وما تزال مطمعا من المطربين يتغنون بها حتى الآن- لا مش أنا اللي ابكي- حين قال: «ومش أنا اللي أجري وأقول عشان خطري».
 
فمن المعروف عن محمد عبد الوهاب وربما سرد في القصص التي ظهر بها شخصيته، وكانت تتحاكى عن أعماله، أنه لم يقدم الاعتذار، كما لم يتوسل للحصول على عمل معين، بل كان يحاول أن يتميز بأعماله المنفردة، والتي جعلته يتربع حتى اليوم على عرش التلحين في مصر، وحصاد لقب، موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب.
 
maxresdefault (5)
 
محمد عبد الوهاب، بعد أن خلد اسمه في عالم الفن، رحل عن عالمنا (4 مايو عام 1991) على إثر جلطة كبرى وجسيمة بالمخ نتيجة سقوطه الحاد على أرضية منزله بعد إنزلاقه المفاجئ من سجاد الأرضية، وشُيعت جنازته في يوم (5 مايو) في جنازة عسكرية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق