بعد العثور على مدينة أثرية في المنيا.. كيف تتصدى الدولة لمافيا الكنوز التاريخية؟

الأربعاء، 11 يوليو 2018 01:00 م
بعد العثور على مدينة أثرية في المنيا.. كيف تتصدى الدولة لمافيا الكنوز التاريخية؟
تهريب اثار
محمد فرج أبو العلا

كثير من الناس يبحثون عن تحقيق الثراء السريع عن طريق التنقيب عن الآثار، أو تهريب القطع الأثرية التى نقب عنها آخرون إلى الخارج، وهناك أيضا من يبحثون عن الثراء السريع بالتوسط فى صفقات بيع وتهريب القطع الأثرية النادرة والكنوز والكتب والوثائق التاريخية إلى من يملك المال سواء داخل أو خارج البلاد.

 

مئات الحالات من التنقيب عن الآثار أسفل المنازل القديمة وبالأماكن التى تقع بمحيط المعابد والمتاحف المنتشرة فى ربوع مصر، تحدث يوميا وتكتشف الشرطة العديد منها وتضبط المتورطين فيها، سواء متلبسين بقطع أثرية تم استخراجها بالفعل من جراء أعمال التنقيب، أو بحوزتهم أدوات الجريمة مثل أدوات الحفر والأحبال والسلالم مواتير رفع المياه، وأدوات نقل الأتربة والمخلفات الناتجة عن التنقيب، أو بعض المواد التى يعتقد أنها تساعد فى فتح المقابر الفرعونية، إلى جانب ضبط دجالين أو مشعوذين أو خرائط قد يستخدمها هؤلاء فى الوصول لمكان الأثر.

WhatsApp Image 2018-07-10 at 8.03.25 PM

هوس البحث عن الآثار قد يمتد إلى سنوات طويلة عند بعض الناس دون العثور على شئ، سوى التسبب فى تصدع العقارات وهدر الأرواح، حيث يلجأ بعض المشعوذين إلى حيلة لتحقيق مكاسب على حساب هؤلاء، بإقناعهم بأن مكان ما يحتوى على مقبرة أثرية، ولزيادة إقناعهم يلجأون إلى حيل بصرية وسمعية باستخدام البخور وأعمال الدجل، لوهم الضحية بالحقيقة الكاذبة، وقد يطلبون أيضا بزعم استجداء الجان، أن يقدم الضحية ابنه أو ابنته قربانا من أجل فتح تلك المقبرة والوصول للكنوز المكنزة أسفل الأرض.

 

هناك أيضا من يموتون أثناء رحلة البحث والتنقيب عن الآثار بمختلف أنواعها، سواء بالقتل على أيدى العصابات المتخصصة فى تهريب القطع الأثرية، أو السقوط تحت الأرض أثناء الحفر للتنقيب عن الآثار، والغريب أن الباقين قد يستمرون فى رحلة البحث عن القطع الأثرية فى نفس المكان، مؤكدين لأنفسهم أكذوبة أنه لولا وجود آثار وظهور «لعنة الفراعنة» ووفاة زميلهم، ما كانت هذه المنطقة يوجد بها آثار، فيأخذون من مصائبهم طريقا وهميا لتحقيق الثراء السريع.

WhatsApp Image 2018-07-10 at 8.03.37 PM

وهناك أيضا من ينقبون ويعثرون على الآثار المختلفة، ثم يبيعونها لمن يقفون وراء أعمال تهريبها إلى الخارج مقابل الدولارات، والدليل ليس بعيدا، حيث أحبطت أجهزة الأمن بوزارة الداخلية، اليوم محاولة جديدة لمافيا تهريب الأثار إلى خارج البلاد، مؤكدة أن تشكيلا عصابيا استعان بعدد من العمال والمتخصصين فى مجال التنقيب عن الآثار، وأنهم توصلوا إلى مدينة أثرية بالكامل أسفل الأرض على امتداد 2 كيلو متر، بقرية شيبا الشرقى فى أبو قرقاص بالمنيا، ممتلئة بالقطع الأثرية النادرة.

 

وأكدت وزارة الداخلية، أن تاريخ المدينة الأثرية المكتشفة يرجع للعصر اليونانى الرومانى، وأن بداخلها مقابر أثرية منحوتة فى الصخر تمتد إلى 2كم بعرض 600 متر، حيث تم التحفظ على 483 قطعة أثرية نادرة، كما تم ضبط المتورطين فى الجريمة بموقع الحفر وبحوزة الأول سيارة ملاكى بداخلها عملات من النحاس والبرونز ترجع إلى القرن الثانى والثالث، بالإضافة لإناء يرجع للعصر اليونانى، حيث اعترف المتهمون بارتكاب الواقعة بقصد البحث والتنقيب عن الآثار لبيعها، لتحقيق الثراء السريع.

WhatsApp Image 2018-07-10 at 8.03.36 PM

لا يمكن أن نختلف على أن الآثار المصرية التى مازالت مدفونة تحت الأرض لا تعد ولا تحصى، وأن هناك عشرات القطع الأثرية النادرة تعرض للبيع كل يوم داخل وخارج مصر، كما لن نختلف على أن التنقيب عن الأثار أو بيعها وتهريبها إلى الخارج جريمة فى حق الدولة والمجتمع، وأن القانون يعاقب على ذلك، إلا أن القانون وحده لا يكفى لحماية الأثار من مافيا التهريب، والباحثين عن الثراء السريع.

تكررت خلال الفترة الماضية، وقائع العثور على قطع وكنوز أثرية بحوزة مهربين أو منقبين، وبعدها تؤكد الجهات المعنية أن القطع المضوطة أثرية وقد تكون من النوع النادر، لذا على الدولة بكل قطاعتها الوقوف أمام هذه الظاهرة الخطيرة، حتى تستطيع الحفاظ على تراث وحضارة وتاريخ البلاد، ليس فقط من خلال تأمين المناطق الأثرية، بل ضرورة وضع خطة متكاملة للقضاء على سوق الاتجار بالآثار التى أصبح متاحة للجميع، وعبر كل الوسائل، فنجد رسائل بصيغة "لقينا تمثال عايزيين نصرفه" على معظم هواتف المواطنين، قد لا يعرف بعضهم من أرسلها إليه، وقد يرسلها آخرون من أجل استقطاب الضحايا.

 

الداخلية تؤدى دورا كبيرا من أجل إحباط محاولات المنقبين عن الآثار، كما تضبط العديد من حائزى القطع الأثرية سواء الحقيقية أو المزيفة يوميا، بالإضافة لدورها فى تأمين المناطق الأثرية بكافة ربوع الجمهورية، ولكن ذلك لا يكفى، فممكن من خلال استخدام التقنيات الأساليب التكنولوجية الحديثة، التوصل إلى علاقات واتصالات وخطط مافيا تهريب الآثار، فهؤلاء الذين يملكون المال الوفير لشراء وتهريب الكنوز المصرية للخارج، بالضرورة ليسوا من البسطاء ولا العامة، ومن المؤكد أنهم مجموعة من محتكرى المال فى البلاد، كما أن علاقاتهم المشبوهة إن كانت بعيدة عن أعين المجتمع، فليست ببعيدة إطلاقا عن أعين الأجهزة الأمنية.

WhatsApp Image 2018-07-10 at 8.03.27 PM

أجهزة الدولة المعنية بهذا الشأن أيضا مثل وزارة الثقافة والآثار والهيئات الأثرية، عليها دور كبير بخلاف ما تقوم به من أجل الحفاظ على الهوية والحضارة المصرية القديمة، فهى تملك الخرائط والوثائق والكتب التى من خلالها يمكن تحديد الأماكن التى قد تحتوى على الأثار سواء مقابر أو قطع أثرية أو معابد أو وثائق كتب وعملات وغيرها، ومن ثم فهى تستطيع الوصول إليها قبل المنقبين والمهربين أيضا، لذا يجب وضع خطط طويلة الأمد للتنقيب عن الأثار من قبل الدولة فى أماكن معينة يتم تأمينها بالكامل حتى يتم الانتهاء من هذه الخطط.

WhatsApp Image 2018-07-10 at 8.03.31 PM

كما يجب على الحكومة الآن تقديم تشريعا جديدا لمجلس النواب، من أجل تغليظ عقوبة التنقيب عن الآثار للوصول إلى الحد الأقصى بها لردع المتورطين فى تهريبها خارج البلاد، ومن ثم التصدى للظاهرة القاتلة للتاريخ، إلى جانب دورها الغائب فى توعية المواطنين بأهمية الحفاظ على كنوز مصر التاريخية وخطورة تهريبها للخارج الذى يضيع المليارات على الدولة، بالإضافة لتشجيع المواطنين على الإبلاغ عن المنقبين والمهربين، من خلال الإعلان عن مكافآت مادية لمن يدلى بمعلومات مؤكدة حول عصابات التنقيب والتهريب، مع تأكيد الحفاظ على سرية المعلومات وحماية المبلغين.

 
اقرأ أيضا:

بعد دفع 2.5 مليون جنيه فدية.. قصة عودة «طفل الشروق» المختطف لأحضان أسرته

ممشى أهل مصر.. كيف تخطط الحكومة لإعادة المظهر الحضارى والجمالي للنيل؟

حتى لا ننسى جرائم الإخوان.. ذكرى استهداف الكتيبة 103 صاعقة واستشهاد المنسى ورفاقه

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة