ليس من سمع كمن رأى
الجمعة، 27 يوليو 2018 05:01 م
شيرين سيف الدين
أتذكر جيدا رحلاتى المدرسية أثناء المرحلة الابتدائية فى إحدى دول الخليج، فبرغم ندرة الصناعات والمشروعات الزراعية آن ذاك، إلا أن المدارس كانت تنظم رحلات أساسية لمصانع البسكويت والمأكولات الخفيفة وأحيانا إلى بعض المزارع الصغيرة، ويتم شرح المشروع والتعريف بمنتجاته وخطوات الإنتاج وفى نهاية اليوم يحصل كل طالب على حقيبة بها مجموعة من منتجات تلك المصانع أو المزارع ، وكانت تلك الزيارات تترك أثرا كبيرا وتفتح المدارك على قيمة العمل والمجهود المبذول لإخراج المنتج .
ما ذكرنى بتلك التجربة هو أن مشاريع قومية عديدة يتم افتتاحها هذه الأيام، ومع كل مشروع جديد يكثر اللغط ويقع المواطن فى حيره ويقرأ ويسمع ردود أفعال متضاربة ما بين مؤيد ومعارض، وتزداد الشائعات والأقاويل حول جدوى تلك المشروعات من عدمها، ليصبح الجميع فريسة لما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعى ولا أحد يعرف من يصدق المشككين أم المتفائلين .
وبما أن الشباب هم أساس نجاح أى مجتمع فلابد أن يصبح الشاب عنصرا فاعلا وإيجابيا، ولن يحدث هذا دون تعزيز ولائه لوطنه وإعطائه الأمل فى غد أفضل يجعله يعمل من أجل الوصول لهذا الغد ، وعلينا أن نقنعه بالعقل والمنطق بجدوى أى مشروع كى نخرجه من حالة التذبذب والتشكك والرفض لكل شيء وأى شئ ، فهذه الحالة الغاضبة والرافضة ربما تأتى لأن تأثير المشككين ودورهم فى الإقناع أكبر من دور الدولة التنويرى والذى يوضح حقيقة الأمور وتفاصيلها والرؤية العامة بشأنها، لذا أقترح أن تنظم الجامعات والمدارس والأندية رحلات دورية لتلك المشروعات كى يرى الشاب بعينيه المشروع على أرض الواقع، ويستمع لأهدافه من العاملين به والقائمين عليه ويتعرف على مراحله وتكلفته وحجم الاستثمارات ومصادرها ، مع توضيح أهميته الحالية من حيث توفير فرص العمل ، والخبرات المكتسبة ، وما سوف يدره المشروع مستقبلا ، وكيف سيستثمر الدخل المتوقع منه ، حينها سيشعر الشاب أو المواطن عموما أن الدولة تحترم عقله وتهتم بجعله جزءا من الصورة ، وبالتالى سيكون لديه من المعلومات والحقائق ما يجعله يلفظ الشائعات بل أيضا ربما نحوله لأداة مضادة لتلك الشائعات .
من المؤكد أنه عندما يرى الشباب بأعينهم ما يتم إنجازه على أرض الواقع حينها سيستطيعون أيضا رؤية المستقبل واستشرافه ، والرغبة فى أن يكونوا يوما ما جزءا من أى مشروع جديد يخدم الوطن ويساعد فى ارتقائه .
وإذا كان الإعلام مقصرا فى إبراز تفاصيل المشروعات وجدواها ، أو ربما يعمل ولكن هناك حالة من عدم التصديق والتشكك لدى المواطنين ، فهناك طرق أخرى تستطيع الدولة القيام بها كى تشركهم معها وتجعلهم جزءا من الصورة ومن الأمل ومن الكيان ككل ، فرؤية الواقع بالطبع أكبر أداة لنفى الجهالة .
خطوات بسيطة قد تساعد على توضيح الحقائق واثباتها ، وتساهم فى صمود المجتمع ووقوفه صفا واحدا للبناء لا للهدم إلى أن يصبح الحلم حقيقة .
وصدق من قال ( ليس من سمع كمن رأى) .