هل يرضخ أردوغان للضغوط الأمريكية؟.. العملة التركية تنزف

الخميس، 09 أغسطس 2018 02:00 م
هل يرضخ أردوغان للضغوط الأمريكية؟.. العملة التركية تنزف
الرئيسان التركي والأمريكي - أرشيفية

أثار تجاهل وسائل الإعلام التركية التابعة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، للأزمة الاقتصادية التركية، وانخفاض سعر الليرة التركية، وارتفاع الديون الخارجية والداخلية، غضب الشارع التركي الذي وجد من إعلامه ينحاز للسلطة على حساب الشعب، ويسعى للتغطية على جرائم هذا النظام التركي.
 
كانت الفترة الماضية شهدت انزلاق الديكتاتور أخلاقيا واقتصاديا، حيث اصر بجبروته وتخلفه على تضييع شعبه وتجويع التركيين، وواصل رجب طيب أردوغان جر الاقتصاد التركي إلى الانهيار، بسبب سياساته الفاشلة والاستمرار في معاداة الكثير من الدول الصديقة وعلى رأسها سوريا ومصر وأمريكا.
 
وأفرزت سياسات الديكتاتور ارتفاع معدل التضخم لأعلى مستوياته خلال أكثر من 14 عاما، ليصل لنحو 16% على أساس سنوى مع ارتفاع سعر الغذاء. ومع محاولات الديكتاتور اليائسة  لا زالت تركيا تعاني من استمرار انخفاض قيمة العملة التركية «الليرة»، في ظل ارتفاع سعر الدولار، وارتفاع جنوني للديون الخارجية، ليواصل القطاع الخاص في تركيا خسائره الكبرى في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة في أنقرة.
 
ورغم محاولات رد الجميل من قبل النظام القطري لشريكه في دعم الإرهاب «أردوغان» الذي استغاث به في أزمته مع دول المقاطعة العربية، تشهد المدن السياحية في تركيا، هذا العام، إقبالا كبيرا من السياح لقطريين على وجه الخصوص لقضاء العطلة الصيفية.
 
إلا أن محاولات مثلث الإرهاب لمساندة بعضهم البعض، لم تؤتي ثمارها حتى الآن، خاصة وأن الأزمة الاقتصادية لتركية لا تزال تتفاقم، بعدما انحدرت العملة إلى مستويات غير مسبوقة أمام الدولار وارتفاع التضخم، وسط غضب في الأوساط الاقتصادية والشعبية في البلاد. وبحسب وكالة «بلومبرج»، فإن كافة الخطط التي جرى اتباعها في تركيا لأجل إنقاذ الليرة من التقهقر، بما في ذلك رؤية أردوغان لم تنجح، وبالتالي وجب الانتقال صوب خيارات أخرى، حتى وإن رفض الرئيس التركي في البداية إزاء معارضي سياسته الاقتصادية.
 
وسجلت الليرة هبوطا كبيرا في الآونة الأخيرة من جرّاء اندلاع أزمة دبلوماسية بين واشنطن وأنقرة على إثر تشبث تركيا باعتقال القس الأميركي أندرو برانسون، وهو ما فاقم خسائر العملة التي فقدت في العام الحالي نحو 30% من قيمتها.
 
وتتصاعد المخاوف من تبعات خطيرة لتراجع الليرة على الاقتصاد التركي، الذي يصل حجمه إلى 880 مليار دولار، لاسيما أن الشركات المحلية ستواجه مصاعب في سداد ما عليها من ديون بالدولار واليورو.
 
ويُعرف أردوغان بكونه من أشرس معارضي نسب الفائدة المرتفعة وروّج في حملته الانتخابية رأيا يقول بأنه حرّر تركيا من وصاية المؤسسات المالية الدولية، لكن الخبراء يرون اليوم أن السياسات التي تم اتباعها أصبحت موضع تساؤل.
 
ويرى الخبير المالي في هيئة «بلو باي» في لندن، تيم آش، أن خيار التريث والانتظار في ظل ما يحصل لليرة يبدو محفوفا بالمخاطر، حتى وإن كان هبوط الليرة يؤدي إلى الحد من الواردات مقابل تشجيع الصادرات إلى الخارج، وبالتالي تقليص العجز التجاري الكبير.
 
لكن حدوث تحسن من هذا القبيل في الاقتصاد التركي، قد يتحقق في مرحلة متأخرة بأشهر، بينما يتحرك السوق في الوقت الحالي كما لو أنه في حلقة مفرغة تنذر بالكثير من المتاعب، حتى وإن كانت ثمة مؤشرات على اتجاه أردوغان إلى حل الأزمة الدبلوماسية.
 
وفي حال لم ينجح الوفد التركي، الذي طار إلى واشنطن لأجل إيجاد حل للأزمة، وهذا الأمر يقتضي حتما إفراجا عن القس الأميركي، فإن عقوبات اقتصادية أقسى قد تُفرض على تركيا التي جددت في أكثر من مناسبة رفضها لما تصفه بالتدخل في عمل القضاء.
 
ويجد أردوغان نفسه مضطرا إلى القيام بانعطاف كبير في سياسته، فعلى الرغم من تعهده في الحملة الانتخابية بفرض رقابة أكبر على الاقتصاد، بما في ذلك على البنك المركزي، الذي رفع تكلفة الإقراض بخمس نقاط هذا العام إلى 17.75%، لم تلجأ المؤسسة المالية إلى زيادات جديدة بخلاف ما كان متوقعا في الرابع والعشرين من يوليو الماضي.
 
ويرى المحلل المالي في هيئة «تي دي سكيوريتيز»، كريستيانو ماجيو، أن من بين الأمور التي تحتاج تركيا إلى القيام بها للخروج من المأزق الحالي رفع نسب الفائدة إلى قرابة الثلاثينات، بل إن المدى القريب يتطلب نسبا أعلى حتى تكون هناك قدرة على امتصاص السيولة من السوق، وعقب ذلك، يتوجب على الحكومة أن تقبل بما سيلي الخطوة من ركود.
 
واعتاد البنك المركزي في تركيا لعب دور محوري حين تكون ثمة أزمة لليرة لكن الأمر المختلف هذه المرة، بحسب خبراء المال، حيث أن حل المشكلة لا يحتاج إلى رفع سعر الفائدة فقط، وإنما يستوجب أمورا أخرى مثل إلغاء بعض الحوافز الضريبية واستعادة الدفء في العلاقات مع الحلفاء الغربيين على حساب العلاقات الجديدة مع كل من روسيا وإيران فضلا عن تعيين مسؤولين حكوميين يحظون بثقة السوق، بحسب ماجيو.
 
وعيّن أردوغان صهره بيرات ألبيرق وزيرا للاقتصاد، ورأى متابعون في التعيين إزاحة لآخر وزير تركي يتمتع بعلاقة طيبة مع المستثمرين، وبالتالي لم تؤد الحكومة الجديدة إلى تعزيز الثقة كما كان يروج المدافعون عن أردوغان، لكن الرئيس التركي المعروف بطابع براغماتي قد يتراجع عن أفكار اقتصادية طالما تشبث بها في السابق.
 
ولا يستبعد المحلل المالي، وليام جاكسون، أن يسمح أردوغان للبنك المركزي برفع أسعار الفائدة، قائلا إن الرئيس التركي لم ينجح في كسب ود الدوائر الاقتصادية بالرغم من فوزه في الانتخابات وتحقيق ما يصفهُ أنصاره بـ«الشعبية»، وفي حال حصل هذا، فإن الحكومة التركية قد تنفق أكثر على لأجل تحفيز النمو الاقتصادي، لكن هذا قد لا يساعد الاقتصاد على تجاوز مصاعبه.
 
وتجد هذه المخاوف ما يبررها إذا علمنا أن عجز الحساب الجاري في تركيا مقبل على الارتفاع إلى 6.4% من الناتج المحلي، خلال العام الحالي، وهذا المعدل هو الأعلى والأسوأ من نوعه إذا ما قورن بنسب الأسواق الصاعدة كما أن لدى الشركات التركية التزامات مالية بالعملة الصعبة تعادل ثلث الناتج المحلي، وهذا يشكل خطرا محدقا بالبنوك.
 
وعلى الرغم من تمكن الاقتصاد التركي من تفادي الأضرار الناجمة عن الأزمة العالمية، من جرّاء فرض ضوابط صارمة على رؤوس الأموال في تلك الفترة، إلا أن السياق الحالي يبدو مختلفا، فالبنوك التركية تواجه مخاطر مرتفعة سواء تعلق الأمر بمعدلات الفائدة المرتفعة أو بضعف الليرة التي انخفضت إلى مستوى لم يكن متوقعا قبل فترة قصيرة.
 
وبما أن تركيا نجحت في سداد كامل ديونها لصندوق النقد الدولي سنة 2013، سيجد أردوغان صعوبة في قصد المؤسسة المالية الدولية، لأن من شأن ذلك أن يفرض تغييرات على المخططات الاقتصادية التي ينوي المضي فيها قدما.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق