حصيلة غش المبيدات 1.7 مليار دولار في السنة وما خفي أعظم.... من ينقذ الزراعة المصرية؟

السبت، 11 أغسطس 2018 12:00 م
حصيلة غش المبيدات 1.7 مليار دولار في السنة وما خفي أعظم.... من ينقذ الزراعة المصرية؟
رش مبيدات الآفات الزراعية
كتب ــ محمد أبو النور

تعانى الزراعة المصرية من مافيا الغش في كل شيء، والتي تتغلغل في عصب ومفاصل المنظومة الزراعية، من خلال التقاوي والبذور والأسمدة والمبيدات، وبدلا من انتقاء هذه العناصر الهامة والحيوية فى الزراعة، للوصول إلى إنتاجية عالية بمواصفات وكيفية تناسب الاستهلاك المحلى والتصدير،تهوى وسائل الغش والتزوير والتدليس بالإنتاجية والمواصفات القياسية إلى أسفل السافلين،وتقضى بتبعاتها السلبية على الأخضر واليابس ،وتدمر الحاصلات الزراعية سواء الاستراتيجية منها أو التصديرية.

ضبط مبيدات وتقاوى وبذور مغشوشة


رش المبيدات (2)
رش المبيدات (2)

ربما لايكاد يمر يوم إلّا وتضبط الأجهزة الشرطية والرقابية،كميات من البذور والتقاوى والمبيدات المغشوشة،فى القاهرة والمحافظة،ويتم تقديم المخالفين إلى النيابة والقضاء،ومع ذلك تظل هذه المافيا ،تُجدد من حيلها وتزويرها وتدليسها لتفوز بأرباح وأموال حرام وتتسبب فى تدمير الزراعة المصرية،ولك أن تلقى نظرة سريعة على هذه العناوين ومنها،"ضبط 1391 عبوة مبيدات مغشوشة بـ10 محافظات" ، وأيضا "الزراعة" "تضبط 1499 عبوة مبيدات مغشوشة بقرى شباب" ،وكذلك "ضبط 7322 عبوة مبيدات مغشوشة خلال 30" و هناك أيضا "وزارة الزراعة": "ضبط 6116 عبوة مبيدات مغشوشة خلال 30 يوماً".

علامات مائية على العبوات

رش المبيدات

مبيدات الفاكهة 

لم يتوقف أمر مكافحة الغش والغشاشين فى المجال الزراعى،على مطاردتهم والقبض عليهم وتقديمهم للقضاء فقط،بل تجاوزه إلى قيام الشركات نفسها ،التى أفزعها كثرة الغش وانتشاره ، فخشيت على سمعتها ومنتجاتها من التقليد والغش ،فبدأت من آن لآخر تصدر تحذيرات أن المنتج الفلانى الموجود فى السوق ، سواء كان تقاوى أو بذور أو سماد أو مبيدات،ليس هو المنتج الأصلى للشركة،وعلى المزارعين والعملاء أن يتأكدوا من علامات معينة ، تثبت أو تنفى صلة الشركات بالمنتج المغشوش،وبلغ التحذير والاحتياطات مداها ،بوجود ووضع علامات مائية على عبوات وأغلفة المنتج ،يصعب تغييرها أو تبديلها.   

حجم تجارة المغشوش

من ناحيته ،كان الدكتور محمد عبد المجيد ،رئيس لجنة مبيدات الآفات الزراعية بوزارة الزراعة، قد أكد فى تصريحات له ، أن حجم تجارة المبيدات في العالم يوازى 54 مليار دولار، من بينها 1.7 مليار دولار مبيدات مغشوشة،وأشار رئيس لجنة مبيدات الآفات إلى أن قضايا غش المبيدات لا تخص دول بعينها، وأنه لا بد من وضع إجراءات حازمة ووقفة جادة لمحاربة تلك الآفة،و أضاف عبد المجيد قائلاً: "نحن لا نتعامل من وراء الستار لمكافحة غش المبيدات فى مصر ،ولكن بالجهد والتوعية، وتطبيق الممارسات الجيدة والرقابة للحد من الظاهرة، وشدد على التنسيق الكامل مع شرطة المسطحات والوزارات المعنية، والحملات التفتيشية كالرقابية على جميع أسواق المبيدات الزراعية، ومستلزمات الإنتاج الزراعي بمحافظات الجمهورية للحد من المغشوش والمهرب وضبط أي مخالفات وتحويلها للنيابة.

قضية رقابة ومتابعة وضمير

1102376-عز-الدين-أبو-ستيت
الدكتور عز الدين أبو ستيت وزير الزراعة

 ولوقف هذه الممارسات المخالفة للقانون أو حتى الحد منها ،قال الدكتور محمد عبادى الأمين العام لنقابة الفلاحين ، إن البداية لابد وأن تكون من خلال تفعيل المحاور الرئيسية للمنظومة ،والتى تشمل الجهة المسئولة عن هذه المنظومة ككل ،وهى وزارة الزراعة،ثم الجهة التى تقدم هذه المنتجات ،وهى الشركات ووكلائها فى المحلات المنتشرة بطول محافظات الجمهورية وعرضها ، ثم أخيراً الفلاح أو المزارع ،الذى يقوم بشراء هذه المنتجات واستخدامها أو استهلاكها.

وتابع عبادى قائلاً: فى العنصر الأول من المنظومة ، غاب دور المرشد الزراعى واختفى بل لم يعد موجوداً من الأساس، لأن الجمعيات الزراعية فى الغالب ،بها موظف واحد فقط حالياً،لأن من يخرج إلى المعاش لا يتم تعيين غيره أو بديله،والموظف الوحيد الموجود فى الجمعية،هو المشرف وهو مسئول حماية الأراضى وهو من يتابع الرى وهو من يتابع الحيازات ، بما يعنى موظف واحد يفعل كل شىء وطبعاً هذا مستحيل،وقد أدى غياب المرشد الزراعى المتخصص ،خريج الزراعة والخبرة إلى وقوع الفلاح والمزارع فريسة للمحلات والشركات التى تقوم ببيع هذه المنتجات.

وشرح عبادى العنصر الثانى ،وهو الشركات أو المحلات والوكلاء الذين يبيعون هذه المنتجات ،والتى غاب عنها المتخصص أيضا خريج الزراعة،وأصبح يقف فى المحلات شخص غير متعلم أو حاصل على أى دبلوم صناعة تجارة فنى أى شىء غير الزراعة،وعندما يأتيه المزارع "يعكمه" البذور أو التقاوى أو السماد أو المبيد "وارمى واقلب" ، لأنه فى النهاية عاوز يبيع وخلاص.

الدكتور محمد عبادى
الدكتور محمد عبادى

 وأخيراً ــ وحسب كلام الدكتور عبادى ــ يأتى الفلاح الذى يذهب إلى المحلات الزراعية هذه، محتاج بذور تقاوى أسمدة مبيدات ، يأتى مستغيثاً لا يعلم شيئاً سوى أنه "عاوز" مبيد للتخلص من كذا أو تقاوى تنتج كذا ،ليس لديه علم ولا حتى ذهب لاستشارة المسئول الزراعى ،وحتى لو ذهب فلن يجد المسئول الزراعى الذى سيفيده ،وهو المرشد الزراعى ،ولذلك أرى ــ والكلام لعبادى ــ أن القضية ليست غياب رقابة ولا إشراف بل قضية غياب ضمير،ولك أن تتخيل فلاح يذهب لشراء شيكارة بـ 250 جنيها من منتج معين وبمواصفات معينة،وزن الشيكارة 10 كيلو جرام ثم يعود بها وبعد أن يقوم بفتحها لاستخدامها لمحصول معين فيشر باختلاف وفروقات ،فيتم تحليلها فيجدها 10 كيلو ملح مضاف إليها ملح،أى أن شكارة ثمنها وسعرها 250 جنيها تم استبدال محتواها بأخرى بـ 10 جنيها،وهذا المثل يلخص الأزمة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق