كيف تفعلها روسيا؟.. تحالفات موسكو الغريبة تحتضن الهند والصين معا

السبت، 06 أكتوبر 2018 08:00 م
كيف تفعلها روسيا؟.. تحالفات موسكو الغريبة تحتضن الهند والصين معا
الرئيس الصينى شى جين ورئيس روسيا فلاديمير بوتين
كتب مايكل فارس

النزاع الحدودي بين الهند والصين، حربا باردة، قد تتحول لحرب مسلحة حقيقة بين قوتين عظميين نوويين فى أي لحظة، فى ظل ‏المناوشات العسكرية بين الحين والآخر على مناطق النزاع، يتمحور الخلاف الرئيسي بين نيودلهي وبكين حول ترسيم حدودهما، خاصة ‏ولاية أروناشال براديش الهندية، التى انضمت للهند خلال حقبة الاستعمار البريطاني، لكن بكين طالبت بالسيادة عليها.‏
 
ويستمر النزاع الحدودي فى منطقة لاداخ بالقرب من بحيرة بانغونغ، فى الحدود الغربية، والتى يقع نصفها فى الهند والنصف الأخر ‏فى الصين، ومؤخرا بمنطقة طريق دوكلام، وهي هضبة مرتفعة في الهيمالايا تنتمي إلى بوتان، هى تتبع الهند ولكن الصين تدعي ‏ملكيتها.‏
 
التهديدات المتبادلة بين القوتين، وصلت لحد الإهانة، ففى العام الماضى حين اشتدت وطأت المناوشات، قالت الصحيفة الصينية "غلوبال ‏تايمز": "إن الهند نصحت دلهي بأن تتذكر دروس الحرب في عام 1962، عندما دمرت القوات الصينية الجيش الهندي الضعيف قدرة ‏وتدريبا".‏
 
الإهانة الصينية رد عليها ورد وزير الدفاع الهندي فى تصريحات صحفية قال فيها: "إن الهند اليوم ليست تلك التي كانت قبل 55 عاما. ‏كما لم تساهم في تليين الموقف تصريحات ممثل الخارجية الصيني، الذي قال إن المفاوضات لن تبدأ قبل سحب ديلي قواتها من المنطقة ‏الحدودية في الهملاي".‏
 
عقوبات ترامب تغير التحالفات الدولية
سعت الولايات المتحدة الأمريكية لتقوية علاقتها بالهند، لتكسب أوراقا جديدة للضغط على الصين، تلك القوى المتصاعدة والتى باتت ‏‏"ترعب" البيت الأبيض وفق تقارير من الاستخبارات الأمريكية التى تحذر من قوة التنين الصيني، إلا أن سياسات دونالد ترامب ‏الاقتصادية الأخيرة التى لم تتوخى الحذر من العلاقات الدولية المعقدة، بدأت تضرب سهامها بلا حساب على الدول كافة، الاتحاد ‏الأوروبي والصين والهند وروسيا وتركيا وإيران، فلم تسلم دولة قوية من ضرباتها، الأمر الذى أحدث تغيرا جذريا فى التحالفات ‏الدولية.‏
 
عالم متعدد الأقطاب
أصبحت سياسات ترامب الرامية لمعاقبة الدول، تصب فى مصلحة التحالفات المتناقضة، التى تجمع الأعداء معا، فهاهي تركيا وإيران، ‏أعداء الماضى تاريخيا، أصبحا أصدقاء اليوم، للوقوف ضد عقوبات ترامب، والعداء المتأصل بين واشنطن وموسكو عقب الحرب ‏العالمية الثانية، لم ينتهي يوما، بعدما تفتح العالم على قوتين عظميين ظهرا ليغيرا ملامح العالم، ويصبح العالم بين براثن ثنائى القطبين، ‏ولفترة عقدين من الزمن تنحى الاتحاد السوفيتي بعد سقوطه فى مطلع التسعينيات، ليعود فى ثوبه الجديد "روسيا"، فى عهد فلاديمير ‏بوتين الرئيس الحالي، الذي أنهضها من كبوتها، وإبان السقوط أصبح العالم إحادي القطب به قوى عظمى واحدة تسمى الولايات المتحدة ‏لتسعى فى تنفيذ أجنداتها الدولية دون رادع.‏
 
عقب عودة القوى التى توارت فى التسعينات للظهور، يبدو أن الولايات المتحدة لم تدرك أن العالم لم يعد أحادي القطب، لقد عادت ‏روسيا، والصين التى لم تكن موجودة على الخريطة العالمية فى الستينيات، أصبحت القوى الصاعدة اليوم والتى باتت تهدد واشنطن ‏نفسها، فخريطة توازن القوى العالمية تحمل بين طياتها "عالم متعدد الأقطاب"، لذا وجدت بكين وموسكو أن تحالفهم يجب أن يكون ‏استراتيجيا لردع الغرور الأمريكي، وهو ما حدث فعليا، فاتحدت البلدين فى صفقات عسكرية واقتصادية كبرى، خاصة فى مجال ‏التسليح.‏
 
‏ الهند والصين نزاع حدودي وسلاح روسي
أين تقف روسيا بين العداء الصيني الهندي، مع من ستنضم فى نزاعهم المسلح؟، لقد أعلن الكرملين، أن موسكو ونيودلهى وقعتا على ‏اتفاق توريد منظومة إس 400 للهند، وهى نفس المنظومة التى سلمتها للصين، وقد وقال رئيس وزراء الهند، ناريندرا مودى، ‏ خلال ‏مؤتمر صحفى مشترك مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، فى العاصمة الهندية، نيودلهى، إن روسيا والهند تتعاونا فى كثير من ‏الأصعدة، وتعتبران أن النظام متعدد الأقطاب شئ جيد، ولابد من تعزيزه لمصلحة الجميع، و مصدر القوة ما بين روسيا والهند يدل على ‏حسن نية ما بين الطرفين، كما أن الصداقة الثنائية بين البلدين متبادلة.‏
 
أما الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، فشدد على أن روسيا تربطها علاقات تاريخية بالهند، لذا زيارته لنيودلهى لمناقشة وتطوير ‏العلاقات بين روسيا والهند، ولرسم آفاق جديدة بينهما، وقد  شهدت توقيع عدد من الوثائق والاتفاقيات، وتم زيادة التبادل التجارى بين ‏الدولتين إلى 35 مليار دولار حتى عام 2025، كما تم زيادة الاستثمارات المباشرة البينية إلى 15 مليار دولار.‏
 
الاتفاقيات الروسية الهندية، هل تغضب الصين الحليف الاستراتيجي لروسيا؟، خاصة فى ظل النزاع الحدودي الذي قد يتحول لحرب فى ‏أي لحظة، فهى تمنح أحدث أسلحتها لكل البلدين النوويين، فحسابات فلاديمير بوتين الرئيس الروسي دقيقة جدا، لن يخطو خطوة دولية ‏دون أن يكون مردودها إيجابيا على بلاده، فبحسب خبراء سياسيون، فهو يحاول تقويض الولايات المتحدة الأمريكية، حيث انتهز فرصة ‏العقوبات الأمريكية ضد الهند، لكسب أرض جديدة وتحالف مع قوى كبرى أيضا، فى وقت لن يسمح فيه بخسارة الحليف الصيني.‏

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق