«اليمين» دليل الإثبات.. من «قعدة العرب» للحلف أمام الجهات القضائية

«اليمين».. تعرف بأنها إحدى طرق الإثبات في القضاء، وهي عبارة عن قول يتّخذ فيه الحالف الله شاهداً على على صدق ما يقول أو على إنجاز مايعد، ويستنزل عقابه إذا ما حنث «كذب»، حيث تُعد إحدى أهم عملية الإثبات في القانون المصري التي لا يمكن أن تقع إلا بإقامة الدليل على صحة الوقائع أو الواقعة المثارة أمام الجهات القضائية.

تأدية اليمين كما هو معلوم يكون من خلال الحلف «والله» ويذكر الصيغة التي تقرها المحكمة، وبذلك تكون اليمين عمل ديني ومدني في آن واحد، ولا توجه إلا بعد دعوى صحيحة وفي مجلس القضاء، وتكون مقرونة بالعلم القاطع، وهي قاطعة للخصومة عموماً إلا أنها ليست فاصلة في الحق، فلو تمكّن المدعي من إقامة البيّنة بعد أن قُطعت الخصومة باليمين، سُمعت دعواه وحُكم له ببينته إن صحت.  

في التقرير التالي «صوت الأمة» رصدت اليمين كأحد أهم أدلة الاثبات على صحة الواقعة المثارة من حيث التعريف والتقسيمات والشروط والآثار- بحسب الدكتور أحمد الجنزوري، أستاذ القانون الجنائي والمحامي بالنقض.   

وتنقسم اليمين إلى يمين قضائية ويمين غير قضائية:

(أ) اليمين غير القضائية

فهي التي يُتفق على تأديتها في غير مجلس القضاء، ولا يُقصد منها إثبات أو نفي لواقعة معروضة قضائياً، وهذه اليمين إنما لتأكيد عمل أو وعد ونحو ذلك، كاليمين التي يؤديها الموظفين عند توليهم وظائف معينة، فهي ليست ذات أحكام خاصة بل تسري عليها القواعد العامة- وفقا لـ«الجنزورى». 

اقرأ أيضا: من الشنق إلى الدهس بالفيل.. حكايات القصاص وضمانات تنفيذ «عشماوى» لأحكام الإعدام

(ب) اليمين القضائية

فهي التي تؤدى في مجلس القضاء كوسيلة من وسائل الإثبات في القضية المنظورة، وتكون مقرونة بالعلم القاطع، ولا توجه إلا بعد دعوى صحيحة كما تقدّم ذكره.

وتنقسم اليمين القضائية إلى يمين حاسمة ويمين متممة:

أولاً: اليمين الحاسمة

1- هي اليمين التي يوجهها أحد المتخاصمين أو المتداعين للخصم الآخر ليحسم بها النزاع، وهو بذلك يحتكم إلى ضميره ليحسم بها الخصومة، ولها قاعدة فقهية عظيمة كما جاء في الحديث الشريف: «البيّنة على من ادعى واليمين على من أنكر».

2- ويشترط فيمن يوجه اليمين أن تتوافر لديه أهلية التصرف في الحق الذي تُوجّه اليمين بشأنه، كما يجب أن تتوافر لدى هذا الخصم أهلية التصرف في الحق الذي توجه إليه فيه اليمين وأن يملك التصرف في الحق وقت حلف اليمين، وذلك أن كل خصم توجّه إليه اليمين يجب أن يكون قادراً على الخيار بين الحلف والرد والنكول-هكذا يقول «الجنزورى».

3- يترتب على ذلك أنه لا يجوز للوكيل توجيه اليمين إلا إذا صدرت له وكالة خاصة بذلك، ولا يجوز للولي أو الوصي أو القيّم توجيهها إلا إذا كان له حق التصرف فيما يستحلف عليه الخصم.

4- وعلى إثر ذلك فإنه إذا أدى خصم اليمين خسر خصمه دعواه، وإذا نكل أي بمعنى تراجع أو امتنع عن تأدية اليمين كسبها خصمه «الذي طلب تأدية اليمين»، ولمن وجهت إليه اليمين أن يردها على خصمه، فإذا امتنع ذلك الخصم عن تأدية اليمين خسر دعواه وكسبها من رد اليمين إليه، وهي بذلك طريق غير عادي للإثبات نظمه القانون وحدد آثاره بما يحقق العدالة.

5- وبقي أن نقول بأن اليمين الحاسمة ملك الخصوم ولا يستطيع القاضي أن يوجهها من تلقاء نفسه باستثناء يمين الاستظهار ويمين الاستحقاق. 

شروطها:

1- ويُشترط لتوجيه اليمين الحاسمة بأن تكون الواقعة متعلقة بشخص من وجهت إليه اليمين، فإن كانت الواقعة غير شخصية انصبت اليمين على مجرّد علمه بها، وذلك لأن من يوجه اليمين يحتكم إلى ضمير خصمه فيُلزم أن تكون الواقعة متعلقة بشخص هذا الخصم، كأن يحلف الوارث أنه لا يعلم أن مورّثه كان مديناً.

(2) والشرط الثاني لصحة توجيه اليمين الحاسمة، ألا تكون الواقعة المتعلقة بها مخالفة للنظام العام والآداب، فلا يجوز توجيه اليمين بالنسبة لمدين قمار أو لإثبات إيجار منزل يستغل للأعمال الغير مشروعة مثلاً. 

اقرأ أيضا: الحلف في القانون.. هل يجوز للخصم إثبات كذب «اليمين» كأحد أدلة الإثبات؟

آثارها:

1- إذا وجهت اليمين الحاسمة إلى الخصم، أما أن يحلفها، وأما ان يردها إلى من وجهها، وأما أن ينكلها «يمتنع عن الحلف».

2- فإذا حلف من وجهت إليه اليمين الحاسمة، خسر موجّه اليمين دعواه ولا يجوز له أن يثبت كذب اليمين بدعوى مدنية.

3- ولكن إذا ثبت كذب اليمين بحكم جزائي، جاز للخصم الذي أصابه ضرر منها أن يطالب بالتعويض، وله أيضاً أن يطعن في الحكم الصادر بناء على حلف اليمين.

4- كما يمكن رد اليمين بحيث يجوز لمن وجهت إليه اليمين أن يردها على خصمه ولا يجوز للأخير أن يردها ثانية، وتترتب في النهاية نفس النتيجة بحيث يكسب الدعوى من يؤدي اليمين.

5- هذا وقد ينكل «يمتنع» من وجهت إليه اليمين عن تأديتها، وبهذا يخسر دعواه.

6- وأخيراً.. فأن حجية اليمين الحاسمة تقتصر على الخصمين في الدعوى، ولا يكون لها أي أثر بالنسبة لغيرهم.

ثانياً: اليمين المتممة:

1- هي اليمين التي يوجهها القاضي من تلقاء نفسه لأي من الخصمين عند عدم كفاية ما قدمه الخصم من دليل، ليتممه باليمين، وهي ذات أثر تكميلي ولا تعتبر تصرفاً قانونياً، إذ للقاضي السلطة التامة في تقدير ما إذا كانت هناك حجة لتوجيهها ليستكمل بها قناعته إذا لم يقدم الخصم دليلاً كافياً على دعواه، وهي بذلك على خلاف اليمين الحاسمة تعتبر واقعة مادية يقتصر حق توجيهها على القاضي ولا يملك أحد الخصوم ذلك الحق. 

2- ويشترط لتوجيه اليمين المتممة ألا يكون في الدعوى دليل كامل وإلا وجب على القاضي الإستناد عليه، ويشترط أيضاً ألا تخلو الدعوى من أي دليل، ذلك لأن اليمين المتممة يوجهها القاضي ليستكمل بها دليل ناقص في الدعوى.

3- فاليمين المتممة إذن لا تحسم النزاع لأنها ليست إلا إجراء يتخذه القاضي من تلقاء نفسه رغبةً منه في تحري الحقيقة، فالقاضي من بعد توجيه هذه اليمين يكون له مطلق الخيار في أن يقضي على أساس اليمين التي تم تاديتها أو على أساس عناصر إثبات أخرى اجتمعت له قبل حلف هذه اليمين أو بعد حلفها، واليمين المتممة على عكس اليمين الحاسمة لا يجوز ردها على الخصم.

4- مما تقدم عرضنا لتعريف اليمين القضائية وغير القضائية، وتقسيم اليمين القضائية إلى حاسمة ومتممة، ومن له الحق في توجيه أي منهما وشروط وآثار كل قسم، هذا وإن غلبة على الموضوع كثرة المصطلحات المفاهيم فإن اليمين القضائية من المواضيع القانونية التي يتوجب العلم والإحاطة بها نظراٍ لأهميتها بما تقوم به من الإحتكام إلى الضمير الإنساني وعلاقة العبد بربه.

أنواع اليمين

وضح قانون الاثبات رقم 107 لسنة 1979 في الفصل السادس اليمين كدليل من أدلة الاثبات في المواد من 108-124 حيث وضح شروطه وأنواعه واحكامه ويعتبر اليمين دليل العاجزين وهو دليل لمن لا دليل له

1- اليمين الحاسمة

وهي التي تنتهي بها الدعوى وللخصوم بإذن المحكمة توجيه اليمين الحاسمة إلى الخصم الأخر ويجوز توجيهها بأية حالة تكون عليها الدعوى، ولا يجوز الرجوع في اليمين الحاسمة بعد تحليفها، المدعي هو من يقع عليه عبء الاثبات لاثبات ما يدعيه، وأن المدعى عليه هو الذي مكلف باثبات دفوعاته ولأي منهما يستطيع توجيه اليمين الحاسمة إلى خصمه.

2-اليمين المتممة

هي التي يوجهها القاضي من تلقاء نفسه لأي من الخصمين عندما يرى أن هناك دليلاً غير كافياً في الدعوى ويحتاج الى ما يتممه ويكتمله ليكون دليلاً كاملاً وكافياً يمكن أن يُعتمد عليه وإصدار قرار قضائي على أساسه، خلا فا لليمين الحاسمة التي تُوجه من الخصم إلى خصمه ولا يجوز للخصم الذي وجهت إليه المحكمة اليمين المتممة أن يردها على الخصم الآخر «م 120/ اثبات»، ويجوز الرجوع منها كما لو كشف عن أدلة جديدة اكملت الأدلة الناقصة، وهي إجراء من إجراءات سير الدعوى ودليل إثبات تكميلي ذات قوة قانونية محددة.

3- يمين الاستحقاق

هي اليمين التى توجهها المحكمة من تلقاء نفسها عند الحكم بما ادعاه الخصم أو تحليف مدعية الاستحقاق إذا توفي المدعى عليه أثناء المرافعة قبل إصدار حكمها على الورثة.

4- يمين الاستظهار

هي اليمين التي ترد في حالات إذا ادعى أحد في التركة حقا واثبته يحلف يمين الاستضهار أو اذا استحق احد المال و اثبت دعواه حلفته المحكمة، وكذلك تحليف المدعية عند الحكم لها على التركة بصداقها المؤجل على زوجها المتوفي. 

5- يمين التقويم

هي اليمين التي توجه الى المدعي لتحديد قيمة المدعى به الذي استحال على المحكمة تقدير قيمته.

6- يمين عدم العلم

هي التي توجهها المحكمة مثلا إذا توفيت المدعية أثناء سير المرافعة توجة اليمين إلى الورثة هي يمين عدم العلم وهناك حالات عديدة من اليمين لا يتسع المجال لذكرها. 

اقرأ أيضا: كل ما تريد معرفته بالقانون.. إشكالية الإثبات في جريمة تبديد المنقولات الزوجية

مبادئ تمييزيه

يمين حاسمة: شهادة شاهد واحد «والدة المدعية مبنيه على السماع لا تكفي لإثبات واقعة غصب المخشلات الذهبية حيث أن الشاهدة أفادت أنها سمعت ذلك من المدعيه فعلى المحكمة اعتبارها عاجزة عن الإثبات وتمنعها حق تحليف المدعى عليه اليمين الحاسمة وفق المادة 118 إثبات».

يمين حاسمة: ليس للمدعي الذي طلب تحليف المدعي عليه اليمين لعجزه عن الإثبات أن يطلب اتخاذ الاجراءات القانونية بحق المدعي عليه بعد أداءه اليمين ورد الدعوى لأنه بتوجيهه لليمين يكون قد تنازل عن طرق الاثبات كافة والنزول عما عداها من طرق الإثبات والتجأ إلى ذمة خصمه وهو طريق قانوني.

يمين عدم الكذب بالإقرار: اقام المدعي دعواه بان له بذمة المدعي عليه مبلغ 800 ألف جنيه بموجب سند كمبيالة موقع دفع المدعى عليه بالكذب بالإقرار وطلب توجيه يمين عدم الكذب بالإقرار للمدعى عليه طلب المدعي رد اليمين على المدعي عليه إذ أن توجيه اليمين للمدعى عليه وليس فيها أي تعسف خاصة وأن الادعاء استند إلى بينة تحريرية أقر المدعى عليه بتوقيعه عليها وإن غياب المدعي عن المرافعة لا يسوغ للمحكمة أبطال عريضة الدعوى.

اثبات موافقة إيجار: إذا عجز المستاجر عن اثبات موافقة المؤجر التحريرية على إيجار الماجور للغير فلا يحلف المؤجر عن ذلك لعدم إمكان اعتبار التحليف بديلا عن تلك الموافقة التي اشترطها القانون أي البينة التحريرية الموافقة التحريرية للمؤجر على الايجار من الباطن شرط شكلي لابد منه وهو ليس للإثبات.

إذا كانت الدعوى مقامة على شخص معنوي فيجوز تحليف المدير المفوض إذا كان العمل قد قام به بنفسه أما الوزارات فلا يجوز تحليفهم.