الرئيس الأمريكي مرعوب من تحقيقات البرلمان معه.. هل يقبل الديمقراطيون صفقة ترامب؟

السبت، 10 نوفمبر 2018 03:00 م
الرئيس الأمريكي مرعوب من تحقيقات البرلمان معه.. هل يقبل الديمقراطيون صفقة ترامب؟
الرئيس الأمريكى دونالد ترامب

"أنا مستعدّ للتعاون مع الديموقراطيين الذين فازوا بالأكثرية فى مجلس النواب فى انتخابات منتصف الولاية الثلاثاء، لكنّى اشترط مقابل هذا التعاون تراجعكم عن التحقيقات البرلمانية التى يعتزمون فتحها ضدّي".. هكذا خاطب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الديمقراطيين.

وقال ترامب خلال مؤتمر صحافى فى البيت الأبيض "أمس كان يوماً كبيراً، يوماً رائعاً"، مؤكّداً أنّ "الحزب الجمهورى تحدّى التاريخ لتعزيز أكثريتنا فى مجلس الشيوخ وفى الوقت نفسه أفشل بقدر كبير التوقّعات فى مجلس النواب".

وانتزع الديموقراطيون نحو ثلاثين مقعداً فى مجلس النواب،ويتّجهون إلى الحصول على 229 مقعداً مقابل 206 للجمهوريين، بحسب آخر تقديرات صحيفة نيويورك تايمز، بالمقابل فإنّه فى مجلس الشيوخ يتوقّع أن ترتفع الغالبية الجمهورية من 51 إلى 53 مقعداً من أصل مئة.

وبالنسبة إلى الرئيس الأمريكى فإن سيطرة الديموقراطيين على إحدى غرفتى الكونجرس تجعل الأمور "أسهل" إذ سيكون هناك "شلل أقلّ" فى الحياة السياسية.

وقال ترامب "سيأتى الديموقراطيون لرؤيتنا ومعهم خطة حول البنى التحتية أو الصحة أو حول أى أمر يريدونه. وسنتفاوض".

ومن وجهة نظر سياسية فإن الرئيس الأمريكى يعتبر أنّ التفاوض مع مجلس النواب المقبل سيجعل الأمور أسهل بالنسبة إلى البيت الأبيض بالمقارنة مع ما كانت خلال السنتين الأوليين من العهد حيث كانت الأكثرية الجمهورية فى الكونجرس هشّة وتعيش على وقع خلافات بين الجناحين المعتدل والمتشدّد وتهديدات داخلية بالانشقاق.

وقال ترامب إنّ الديموقراطيين بالمقابل "يرصّون صفوفهم" ويصوّتون كتلة واحدة.

وأضاف "إذا كانت لدى الديموقراطيين فكرة لخفض الضرائب، وأنا من أشدّ المؤمنين بخفض الضرائب، فأنا حتماً سأدرس الفكرة"، مشيراً حتى إلى إمكان التوصّل إلى تفاهم مع الديموقراطيين حول ملف الهجرة الخلافى بين الطرفين.

 

ولكنّ الرئيس الجمهورى الذى لم يفته فى مؤتمره الصحافى أن يصبّ جام غضبه على صحافيين طرحوا عليه أسئلة تتعلق بالتكتيك الذى اتّبعه فى حملته لدعم مرشحى حزبه إلى الانتخابات النصفية، لم يفته أيضاً التعليق على التهديدات التى أطلقها ضدّه أسياد مجلس النواب الجدد.

وقال ترامب فى معرض تنديده بالتحقيقات البرلمانية التى وعد بفتحها أقطاب الأكثرية الديموقراطية الجديدة فى مجلس النواب ولا سيما بهدف الحصول على تصريحاته الضريبية التى يرفض نشرها "لا يمكن فعل الأمرين معاً. هل يمكن فعل كليهما؟ كلا. إذا فعلوا ذلك فلن يفعلوا الباقي".

وأضاف "يمكنهم أن يمارسوا هذه اللعبة الحقيرة ولكننا أفضل منهم"، ملمّحاً إلى إمكان الردّ بالمثل.

وكان ترامب قال فى تغريدة سبق المؤتمر الصحافى ببضع ساعات إنّه "إذا اعتقد الديمقراطيون أنهم سوف يضيّعون أموال دافعى الضرائب بالتحقيق معنا على مستوى مجلس النواب، فسوف نضطر نحن أيضاً إلى التفكير فى التحقيق معهم فى جميع التسريبات المتعلّقة بالمعلومات السريّة، وبأمور كثيرة أخرى، على مستوى مجلس الشيوخ"، مشدّداً على أن "شخصين بإمكانهما لعب هذه اللعبة".

لكنّ الرئيسة المقبلة لمجلس النواب سارعت إلى رفض عرض ترامب العدول عن إطلاق التحقيقات البرلمانية، مشدّدة على أنّ هذا الأمر يمليه واجب "دستوري".

وقالت بيلوسى "نحن نتحمل مسؤولية دستورية بمراقبة" السلطة التنفيذية، مشدّدة على أنّ "هذا هو التوازن بين السلطات".

 

وفى ما خصّ تصريحاته الضريبية التى يرفض منذ ما قبل الانتخابات نشرها خلافا لما دأب عليه أسلافه، أكّد ترامب مجدّداً الحجّة السابقة بأنّه لا يزال قيد التدقيق المالى بأنّ "لا أحد ينشر تصريحه الضريبى أثناء تدقيق مالي"، محذّراً من أنّه إذا ما أصرّ الديموقراطيون على موقفهم "فالدولة ستشلّ".

وشدّد الرئيس الأمريكى على القواسم المشتركة التى تجمع بين الحزبين وقال "يجمعنا الكثير من القواسم المشتركة حول البنية التحتية. نريد أن نفعل شيئا بالنسبة الى الرعاية الصحية وهم يريدون القيام بشيء بالنسبة الى الرعاية الصحية. ثمة أمور كثيرة عظيمة يمكن أن نقوم بها معا".

وفى ما خصّ التحقيق الذى يجريه المحقّق الخاص روبرت مولر فى قضيّة تدخّل روسيا فى الانتخابات الرئاسية التى فاز بها الملياردير الجمهورى قبل عامين وفى إمكان وجود تواطؤ بين حملته الانتخابية وموسكو، أكّد ترامب أنّه "ليس قلقاً".

وقال "لست قلقاً من شيء فى ما خصّ التحقيق الروسى لأنّه خدعة"، مشدّداً على أنّه لن يوقف هذا التحقيق الذى يصفه منذ أشهر بانه "اضطهاد" له.

وأضاف "يمكننى أن أفاجئ الجميع، هنا، الآن، لكننى لا أريد أن أوقف (التحقيق) لأننى لا أرغب سياسياً فى وقفه"، مجدّداً التأكيد أنّه "لم يحصل تواطؤ" مع موسكو.

وبالإضافة إلى فوزهم بمجلس النواب حقّق الديموقراطيون سبعة انتصارات فى انتخابات حكام الولايات ولكنّ فوزهم هذا نغّصته هزيمة مرشّحهم إلى منصب حاكم فلوريدا، الولاية التى ستشكل أحد المحاور الرئيسية للانتخابات الرئاسية فى 2020 والتى كان الحزب الديموقراطى يعتقد أنّ الثمار التى زرعها فيها أينعت وحان له أن يقطفها.

وما يزيد من شرعية ما حقّقه كلا الحزبين فى انتخابات الثلاثاء هو نسبة المشاركة المرتفعة التى شهدتها والتى زادت كثيراً عن النسب المعهودة فى الانتخابات النصفية وإن ظلّت أدنى من نسبة المشاركة فى الانتخابات الرئاسية.

وفى غياب سلطة انتخابية مركزية تجمع أعداد المقترعين قدّرت صحيفة نيويورك تايمز أعداد الذين أدلوا بأصواتهم الثلاثاء بنحو 114 مليوناً أى أكثر بنحو 30 مليون مقترع بالمقارنة مع من انتخبوا فى 2014 والذين بلغ عددهم يومها 83 مليوناً.

وبحسب مايكل مامدونالد الخبير فى جامعة فلوريدا فإن نسبة المشاركة فى الانتخابات بلغت الثلاثاء 47%.

واعتباراً من الثالث من يناير المقبل، موعد بدء ولاية الكونجرس الجديد، لن يعود بإمكان ترامب أن يمرّر القوانين من دون التفاوض بشأنها مع الديموقراطيين. وبات الحزب الجمهورى يمتلك حق الفيتو فى مجموعة من المسائل المهمة أبرزها الميزانية الفدرالية. أمّا الجدار الذى يريد الرئيس الجمهورى أن يبنيه على الحدود بين بلاده والمكسيك لوقف الهجرة غير الشرعية فسيبقى على الأرجح فى ظل الكونجرس الجديد مجرد حلم.

وعندما يلتئم مجلس النواب المنتخب لن تتوانى الأكثرية الديموقراطية الممسكة بمقاليده عن فتح تحقيقات برلمانية بحق ترامب تشمل تضارب المصالح وثروته الشخصية وتدخلّه فى تحقيق مولر.

ومنذ مساء الثلاثاء حدّدت بيلوسى الخطوط العريضة لخارطة الطريق التى سيسلكها حزبها فى هذا الإطار، مؤكّدة فى خطاب النصر أنّ المجلس النيابى "سيعيد العمل بالواجب الدستورى بمراقبة إدارة ترامب".

وقال لارى ساباتو أستاذ العلوم السياسية فى جامعة فرجينيا لوكالة فرانس برس إنّ "المعركة أصبحت أكثر شدة، وهناك الآن فيتو فى النظام لإيقاف ترامب ومجلس الشيوخ".

ولكنّ الرئيس الملياردير بدا مرتاحاً بشأن الخط المتشدّد الذى تبنّاه طيلة حملة الانتخابات التشريعية والذى ركز فيه على الخطر المتمثّل بالهجرة غير الشرعية.

وبدأ ترامب مؤتمره الصحافى بتعداد المرشّحين الجمهوريين الذين نأوا بأنفسهم عنه خلال الحملة الانتخابية و...خسروا.

ولكنّ الرئيس البالغ من العمر 72 عاماً يعلم أيضاً بأنّ انتخابات منتصف الولاية لا يمكن أن تكون مؤشّراً الى الانتخابات الرئاسية المقبلة، فسلفه باراك أوباما منى بهزيمة "مهينة" فى الانتخابات النصفية فى 2010 ولكن أعيد انتخابه بسهولة فى 2012.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق