أم كلثوم أجمل حكايات الوطن

الإثنين، 31 ديسمبر 2018 11:34 ص
أم كلثوم أجمل حكايات الوطن
مني أحمد

 
 
شيئان ثابتان لا يتزحزحان في الشرق الأوسط، الأهرامات وأم كلثوم رغم الرحيل، وعندما كان يحين موعد حفلتها الشهرية ليلة الخميس الأول من كل شهر منتصف القرن الماضي تتوقف الحياة، وتخلو الشوارع من المحيط إلي الخليج  في القاهرة، كما في الدار البيضاء وتونس وبيروت ودمشق والخرطوم والرياض وبغداد، الجميع  ملتفا حول الإذاعة المصرية يستمعون إلي أم كلثوم.
 
تفتح الستار وتطل من ورائه الساحرة بحنجرتها الذهبية فتنتفض الصالة ضجيجا تحية لها، ثم الصمت في حرم الجمال عندما تشدو اداؤها يآسر كل فرد على حده ويخلق حالة توحد كاملا بين المسرح والحضور تتأرجح بين الشجن والنشوة وسحر من نوع خاص.
 
ونحتفل بمرور مائة وعشرون عاما علي ميلاد كوكب الشرق أيقونة الوجدان العربي، التي فاق وهج عبقريتها في هيمنته علي الشعوب حدود السيطرة، فهي الوحيدة التي استطاعت أن تجمع العالم العربي علي اختلاف مذاهبه وطبقاته  تحت راية ابداعها .
 
اختارتها أحدي الصحف الفرنسية كأحد أهم الشخصيات المؤثرة في العالم العربي والتي تجاوز تأثيرها حدودها الجغرافية، فكانت المنارة الفرعونية التي لا تغادر عاصمتها، فعشاق صوتها هم من يأتون اليها شوقا لحضور حفلاتها الشهرية بعاصمة الحضارة والنور وقتذاك القاهرة، سواء بالطائرات أو البواخر من جميع  دول العالم أو بالقطارات من داخل القطر المصري، بينما يكتفي رقيقي الحال من السواد الاعظم بالالتفاف حول جهاز الراديو.
 
كانت أم كلثوم ظاهرة عبقرية لا يجود الزمان بمثلها علينا إلا مرة واحدة، فقد جمعت بين قوة الصوت وتعدد طبقاته وبين القدرة المتفردة علي الأداء المتنوع، فكانت تؤدي الجملة اللحنية الواحدة بأكثر من طريقة من خلال طبقات صوتية مختلفة ومقامات موسيقية متباينة، و تضغي من شخصيتها علي اللحن والكلمة فتنفث فيهما من إبداعها الكلثومي متمكنة من أدواتها التي وهبها إياها الخالق، فحنجرة قوية وصوت يتلألأ بأداء متغاير أضف اليها الكاريزما الساحرة والعبقرية الفطرية  التي كانت تتمتع بهما سيدة الغناء العربي.
 
دوى صوتها وجاء متفاعلا مع مختلف الأحداث التى مرت على مصر والأمة العربية وأصبحت سفيرة الفن العربى تساهم فى قضايا امتها، ويكفي ما قامت به لخدمة المجهود الحربي رافعة شعار الفن من أجل الوطن بعد هزيمة 67 فلم ينته عام 1970 إلا وقد أودعت أم كلثوم فى الخزينة المصرية 520 ألف دولار والتي كان تمثل  مبلغ ضخم بحسابات هذا العصر.
 
علي مدار خمسون عاما من الابداع والعطاء كانت "الست"سفيرة فوق العادة حملت مصر في قلبها فحفظتها مصر في أغلي صفحات تاريخها كجزء اصيل من ضمير الامة، وصوت عبر إلي القلوب متخطيا المكان والزمان ليصل الينا الان بعد ما يقرب من الـ44عاما من الرحيل.
 
غادرتنا ولكن صوتها لم يغب فقد سكنت بإبداعها الروح والعقل والوجدان العربي، أخلصت لفنها الذي توارثت عشقه الاجيال وستظل أم كلثوم حالة خاصة جدا تماثل من الابهار والإعجاز والخلود، وستبقى لسنوات عديدة مقبلة أسطورة راسخة تماثل رسوخ الأهرامات .
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق