قصة منتصف الليل.. عندما حطمت عجوز قاعدة "رجل في الدنيا ورجل في الآخرة"

الأربعاء، 02 يناير 2019 10:00 م
قصة منتصف الليل.. عندما حطمت عجوز قاعدة "رجل في الدنيا ورجل في الآخرة"
إسراء بدر

بوجه بشوش سيطرت على ملامحه التجاعيد، والتى أخفت بين طياتها معاناة السنوات ومرارة الأيام التى عاشتها، وقفت "زينب" تلوح بيدها للجميع وتخطو خطوات ثابتة فى طريقها للمسرح فور ذكر اسمها فى مكبرات الصوت لتجد جميع الحضور يشعلوا القاعة بالتصفيق الحاد على شجاعة هذه السيدة الستينية فى أن تتحدى الصعاب لتصل إلى مبتغاها وتحقق أهدافها لتكون أمام الناس عبرة بأن العمر ما هو إلا مجرد رقم وأن الحياة بها الكثير من الأحلام والأهداف يجب أن نسعى وراء تحقيقها حتى نهاية العمر، وتحطم مقولة "رجل فى الدنيا ورجل فى الآخرة".

 

ووقفت "زينب" بعدما أتيحت لها الفرصة بالحديث عن نجاحاتها، فبدأت تقص عليهم ما مرت به، فقد تزوجت وهى إبنة الخامسة عشر عاما من رجل يكبرها بعشرين سنة وأنجبت منه طفلين، وتوفى بعد ولادة الطفل الثانى بأيام، فوجدت نفسها تتحمل مسئولية الأم والأب لطفلين وهى فى الأساس لا تزال طفلة ،ولم ترث منه سوى المسئولية أما عن الأموال فقد اعتدى عليها أهل زوجها ليطردوها من المنزل وحرموها من ميراثها الشرعى، ولأنها من أسرة بسيطة لم يعلم أحد كيف يدبر أمرها مع هؤلاء فاستسلمت للأمر الواقع.

 

وخرجت للبحث عن قوت يومها وطفليها وعملت بمجالات عديدة إلى أن استطاعت أن تربى طفليها دون الحاجة لمساندة أحد، وبعدما شب الطفلين تزوج كل منهما ونسى أن لهما أم عانت من أجلهما طوال هذه السنوات، بل والأصعب من كل ذلك أنهما رفضا الظهور معها فى أى مكان لبساطة ملابسها وعيشتها فخشى كل منهما أن يظهرا أمام زوجاتهما بمنظر لا يليق بمستوى أسرهم.

 

ولم تحاول "زينب" أن تعاتب أحد منهما على ارتكباها فى حقها من إهمال ولكنها تركتهما ليعيشا حياة هنيئة مثلما يريدان يقينا منها أن سعادتها تكمن فى سعادة ولديها أيا ما كانت النتيجة، حتى إذا كانت ستعيش وحيدة دون أنيس فى كبرها.

 

وبعد سنوات قليلة تعرفت على سيدة ثلاثينية استأجرت المنزل المجاور لها ونشبت بينهما صداقة قوية تحمل الكثير من الاحترام وإذا بها تأخذ بيدها من بئر الوحدة لتنتقل إلى حياة جديدة لم تجد فيها سوى الطموح بمستقبل أفضل مما عجز السن أو شاب.

 

ووضعت لها خطة عمل لتساعدها فى طريقها وفجأة عادت العجوز إلى شبابها وعملت بجد لتحقيق كل ما رسمته لمستقبلها لتخطو خطوات سريعة وتصير صاحبة أشهر مصنع ملابس ومجموعة من المحال التجارية فى قريتها البسيطة بإحدى المدن الريفية ويستدعيها المسئولين لتكريمها كسيدة أطاحت بالضعف والعجز عرض الحائط لتكون مثل أعلى للشباب قبل كبار السن.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق