قصة منتصف الليل.. عقارب الساعة تنهي زواج العاشقين

الخميس، 10 يناير 2019 10:00 م
قصة منتصف الليل.. عقارب الساعة تنهي زواج العاشقين
صورة أرشيفية
إسراء بدر

وقفت "سهام" والذهول يسيطر على ملامحها، تنظر حولها لتجد الصبية يحملون الأثاث ومحتويات عش الزوجية، أو بمعنى أدق الذى كان من المفترض أن يكون هكذا، وبدأ المنزل يتفرغ من محتوياته شيئا فشيء، وتشعر مع كل قطعة تزاح من موضعها وكأن قلبها يخرج من جسدها معها، وتبدأ تستعيد ذكرياتها مع هذا المكان الذى كان حلم حياتها، وبدأت تستيقظ منه فى النهاية.

كانت "سهام" الفتاة العشرينية فائقة الجمال، حتى إن الكثيرون يظنون أنها أجنبية الأصل لملامحها الساحرة، والتى اعتاد المصريون على أن هذه الملامح للأجانب فقط، ورغم كل هذا الجمال، إلا أن القدر يلعب لعبته معها فى تحقيق أمنية والدتها، والتى أصبحت مع الوقت أمنيتها أيضا، وهى الزواج والاستقرار كباقى أخواتها، فعلى الرغم أن المقارنة من حيث الشكل والطباع بينها وبين أخواتها تفوز فيها "سهام"، إلا أن جميعهن تزوجن ورزقهن الله بأطفال، ولم يرزقها بالزوج المناسب.

خاضت تجربة الخطبة العديد من المرات، ولكن سرعان ما تنتهى التجربة بالفشل لأسباب مختلفة، إلى أن وجدت الرجل الذى رسمت بصوته حياتها المستقبلية وتعاهدا على الزواج، وطوال فترة الخطبة لم تجد منه سوى الحب والمشاعر الجميلة التى تتمناها أى فتاة مشتاقة للارتباط والاستقرار برجل يقدرها ويظل سندا لها فى كافة الأمور.

استمرت العلاقة على هذا الحال لعامين وبعد تجهيز عش الزوجية وشراء كافة مستلزماته وتحديد موعد حفل الزفاف، سيطرت الفرحة فى قلوب العاشقين لاقتراب وصولهما لحلمهما المنتظر، وقبل الزفاف بليلة واحدة، وأثناء تجهيز "سهام" اللمسات الأخيرة للحفل، استقبلت مكالمة هاتفية من خطيبها يخبرها بأن هناك أمرا خارج عن إرادته يجعله يلغى قرار الزواج، فى بداية الأمر ظنت "سهام" أن هذه المكالمة ما هى إلا مزاح من حبيبها كعادته، ولكنها صدمت فى جدية حديثه، فسألته عن السبب، فامتنع عن الرد.

رفضت "سهام" التخلى عن حلمها وحبيبها بهذه البساطة، فاتصلت بوالدته، فأخبرتها بحقيقة الأمر، وهو أنه فى بداية الخطبة أكدت "سهام" أن عمرها أقل من الثلاثين عاما، وهو ما جعل الأم توافق على زواج ابنها منها، ولكن اليوم وصل لها إشعار من موقع التواصل الاجتماعى بأن عيد ميلاد "سهام" بعد عدة أيام وعندما دققت النظر فى المعلومات وجدتها تتم الواحد وثلاثون عاما.

صدمت "سهام" فى حديث حماتها، وأخبرتها بأنه قبل الخطبة التى استمرت لعامين كان عمرها حقا لا يتخطى الثلاثون عام، ولكنها لن تستطع توقف العمر أو الساعة عن سن معين، ولكن ظل هناك سؤالا يراود عقلها وهو ما علاقة السن بالزواج وأهمية هذا العام الفارق بين الـ 30 والـ 31 عاما فى الزواج، ولكن سرعان ما أخبرتها حماتها بالحقيقة، وهى أن هناك صعوبة فى الحمل لمن يتخطين الثلاثون عاما، ولرغبتها الملحة فى أن تصبح جدة لحفيدها من ابنها الوحيد تجعلها تمنع هذه العلاقة من البداية وقبل حدوث خلافات بعد الزواج.

أغلقت "سهام" الهاتف وبداخلها شك بأن يكون هذا القرار حقيقى، فاتصلت بخطيبها لتسأله عن حقيقة حديث أمه، فأكد لها أن والدته استطاعت إقناعه بعدم نجاح هذه العلاقة، وأن الأطفال هم هدفه الأساسى من الزواج، ليرضى رغبة أمه الملح،ة وأنهى حديثه بأنه لا يملك القدرة على خوض تجربة بها شك فى نجاحها، وأن الحب ليس من الأمور الهامة التى يسعى إليها فى حياته.

توقفت حينها دقات الساعة بالفعل، هكذا شعرت "سهام" فى نهاية رحلة حبها وحلمها الضائع بسبب مرور الأيام، فلم يكن بيديها أمر تفعله أمام عودة الزمن إلى الوراء، أو سلبية حبيبها الذى اتضح فى النهاية أنه لم يسع للزواج، إلا لإنجاب الأطفال، وحتى إذا كان هذا الهدف الأساسى، فلماذا حكم على عدم قدرتها على الإنجاب لتخطيها الثلاثون عاما.

ومع انتهاء العمال من تفريغ المنزل من محتوياته ودعت عش الزوجية بدمعة رقيقة لمست أطراف أصابعها فى محاولة لإخفائها قبل أن يراها أحد، ولكنها لم تقرر محو دمعتها فقط بل محت معها كل ما يربطها بهذا الشاب وكل ما هو ماض لتغلق صفحة من حياتها مثلما ملئنها بالآمال امتلأت فجأة بالآلام.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق