2 مليار جنيه استرليني لحزب النهضة.. ماذا تفعل المخابرات البريطانية في تونس؟

الثلاثاء، 22 يناير 2019 03:00 م
2 مليار جنيه استرليني لحزب النهضة.. ماذا تفعل المخابرات البريطانية في تونس؟
راشد الغنوشى
أمل غريب

احتفلت حركة النهضة التونسية «الذراع السياسية لجماعة الإخوان في تونس»، الأسبوع الماضي، بفوزها في الانتخابات البلدية ومنها مشيخة تونس العاصمة، التي فازت بها مرشحتهم سعاد عبد الرحمن، قد يبدو خبرا عاديا تم تداوله في أغلب وسائل الإعلام التونسية، إلا أن المفاجأة كانت نشر صحيفة الجارديان البريطانية، في نفس التوقيت تقريبا، تقريراً عن الدور الذي لعبته «الأجهزة الخفية» ومنظمات المجتمع المدني البريطاني، لتخفيف غضب الشباب التونسي وسخطه من فشل الائتلاف الحاكم الذي يشارك فيه الإخوان المسلمين، وذلك من أجل ألا تخرج الانتخابات البلدية عن حدود اللعبة السياسية الداخلية بين حزبي النهضة ونداء تونس.

صندوق سري لتجنيد منظمات المجتمع المدني لإسكات أصوات المعارضة

جاء وقع التقرير الذي نشرته الجارديان، صادما لحزب النهضة الذي يترأسه راشد الغنوشي، وحكومة الرئيس يوسف الشاهد، وأحدث ربكة شديدة، خاصة وأن التقرير كشف عن صندوق شبه سري لا يعلمه مجلس العموم البريطاني، خصص تمويلات تزيد عن مليار جنيه إسترليني، لدعم جمعيات المجتمع المدني للتتواصل مع الشباب والنساء ببرامج مصممة لمناهضة الأصوات المعارضة التي دأبت على اتهام الإخوان والحكومة بفشلهم في برامج الإصلاح الاقتصادي والتشغيل، علاوة على اتهام حزبي النهضة ونداء تونس، بالتواطؤ والسكوت على برامج الإصلاح والديمقراطية الانتقالية.


علاقة مشبوهة مع الاحتلال

قبل الخوض في التفاصيل يجب أن نضع في الحسبان العمق التاريخي للعلاقة المشبوهة بين تنظيم الإخوان والمخابرات البريطانية التي بدأت مع نشأة الجماعة ويوثقها الإنجليزي مارك كيرتس في كتابه "العلاقات السرية" الصادر في 2010، الذي كشف عن ارتباطها بصلات قوية مع الإنجليز إبان احتلالهم لمصر.

واستعرض الكاتب الإنجليزي  سلسلة من الوثائق البريطانية السرية المسربة التي تكشف أسرار تمويل المخابرات الإنجليزية لجماعة الإخوان بهدف إفشال كافة المشروعات القومية والوطنية في المنطقة العربية.

 

السفيرة البريطانية في تونس تنفي التدخل في اخيارات الشعب

كشف تقرير الجارديان، عن اعتماد وزارتي التنمية والخارجية -المسؤولة عن المخابرات الخارجية- بشكل متكتم على شركة ساتشي M&C Saatchiللإنفاق على حملة تروجية ضخمة، من أجل لتحسين الوعي العام بدور الائتلاف الحكومي في تخطيط وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، كما أثبتت بالوثائق استهداف حملة الأجهزة البريطانية، من خلال صندوق الأمن والاستقرار CSSF، الشباب التونسي الذي التونسيين بين أعمار 18 و 35 سنة، لأنهم هم الذين أطلقوا الاحتجاجات ضد حزبي النهضة ونداء تونس واتهموهم بالفشل.

اجبر تقرير الجارديان، السفيرة البريطانية لويزا دي سوزا، على الاعتراف بصحة ودقة ما جاء فيه وأنه تم إقراره السنة الحالية مع الحكومة التونسية، بهدف مساعدة الائتلاف الحكومي فقط، دون التدخل في اختيارات الشعب التونسي.

تطابق شعارات الإخوان مع شعارات المنظمات البريطانية

أظهرت صناديق الاقتراع في الانتخابات البلدية فوز حزب النهضة في عدد كبير من البلديات وبينها تونس العاصمة، إلا أن الشعارات الانتخابية التي رفعها ممثلو حزب النهضة في الانتخابات، ومنهم سعاد عبد الرحمن التي فارت برئاسة بلدية مشيخة تونس العاصمة، كان لافتا للنظر، حيث أنها تطابقت تماما مع مثيلتها التي تروجها المنظمات المدنية البريطانية، وتحديدا في موضوعات حقوق المرأة والمساواة في الإرث، وأيضا المناصفة بين الجنسين التي اعتمدتها حركة النهضة في توزيع قوائم مرشحيها للانتخابات، وهو النهج الجديد الذي يتبناه إخوان تونس في الدعوة، وتركيزهم خلال الأشهر القليلة الماضية على شعارات المساواة والديموقراطية والحداثة والتركيز على الشباب والنساء.

كما ركزت إخوان تونس، مؤخرا على برامج الإغاثة، التي طالما اعتمدوها في عدد من الدول ومنها على سبيل المثال مصر، لاختراق التشكيلات الاجتماعية الفقيرة، وهو ما لاقا صدى جيد وتربة خصبة بين التونيسيين وفي ظلّ العزوف العام عن الاهتمامات السياسية، مما أكسبت هذه الصورة الجديدة لحركة النهضة نتائج جيدة في الانتخابات وتركيزها على النساء والشباب، وهو نفس النهج الذي ترعاه المنظمات الدولية المانحة، ومنها وكالة ساتشي البريطانية، التي تبين أنها تنوب عن الخارجية البريطانية في تمويلاتها داخل المجتمع المدني التونسي.

وأفادت مجلة jeune afrique، تعاقد حركة النهضة مع شركة بريطانية، بقيمة اعتمادات ناهزت 60 مليون دينار تونسي، مقابل إدارة حملتها الانتخابية القادمة في  2019 .

وجهيين لعملة واحدة.. ساتشي تدعم النهضة وترعى الإرهاب سوريا

وتداولت عدد من المواقع التونسية والسورية، وثائق من الأرشيف البريطاني، تؤكد الأدوار التي لعبتها منظمات ووكالات «ساتشي، وآدم سميث انترناشنال وانتجريتي جلوبال»، في تمويل المنظمات الإرهابية بالحرب السورية، كانت تتم تحت شعار ېتمكين المجتمع المدني»، وهو الشعار ذاته الذي جرى استخدامه في تمويل الحملات داخل تونس للترويج للائتلاف الحكومي الذي يجمع الإخوان وحزب نداء تونس.

تقارير تونسية: حزب النهضة يرعى الإرهاب والغنوشي ضالع في عمليات اغتيال

اثمرت التقارير التي تداولتها المواقع السورية والتونسية والجارديان، عن خطوات جدية اتخذها الحزب الدستوري الحر، التونسي، وأعلن عزمه التوجه إلى المنظمات الدولية بوثائق تتهم قيادات بارزة في حركة النهضة بدعم الإرهاب، وتكليفه للجنة بالتوجه نحو المؤسسات والمنظمات الدولية للمساعدة في التصدي لمحاولات إخوان تونس التستر على الإرهاب، علاوة على تقدم الحزب بشكوى من الحزب الدستوري ضد حركة النهضة، بتهمة الضلوع في تسفير الشباب إلى بؤر التوترات، مع شواهد بضلوع راشد الغنوشي شخصياً في هذا الملف، الأمر الذي تعاملت معه النيابة العمومية التونسية بجدية وأحالت الشكوى إلى المحكمة المكلفة بمكافحة الإرهاب.

يبدو أن هناك تحركات واسعة بدأت تنتفض ضد مؤامرات جماعة الإخوان في تونس وزراعها حركة النهضة التونسية وحزب النهضة، فقبل نشر تقرير الجاريان الفاضح، بعدة أسابيع رفع راشد الغنوشي، دعوى قضائية ضد إحدى القنوات الفضائية، اتهمته في تقرير أذاعته، عن تنسيقه لعملية اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد في 2013، كما تضمن التقرير تفاصيل تؤكد ضلوع قطر في عمليات اغتيال لسياسيين داخل دول المغرب العربي، بالتنسيق مع رئيس حركة النهضة.

الأجهزة البريطانية تكرر لعبة حسن البنا مع الغنوشي

وتلعب الأجهزة البريطانية، دورا مؤثرا مع جماعة الإخوان الإرهابية منذ نشأتها، وهو الأمر الذي أكدته الوثائق المصرية على مدار سنوات عديدة، يؤكد تورط الجماعة ومؤسسها الأول حسن البنا مع المخابرات البريطانية وتلقيه تمويلات منهم على مدار سنوات طويلة، وهو الأمر ذاته الذي يتكرر وبدأ يتكشف داخل تونس، من خلال افتضاح دور الأجهزة البريطانية في دعم إخوان تونس، وتصميم حملات دعائية للترويج لهم مجددا استهدفت تغيير صورتهم للتوسع الاجتماعي وتوظيف منظمات المجتمع المدني ودور النهضة في إعادة تصحيح صورة الإسلام السياسي، عن طريق تغيير الأولويات والشعارات، مما قد يكون مفتاح اللغز وراء استقبال بريطانيا لراشد الغنوشي، بعد مغادرته تونس في 1989، بعد هروبه من محاكمات بتهم دعم الإرهاب، وأقام هناك 22 عاماً، عاد بعدها ليشارك في حكم تونس من خلال حزب النهضة في أعقاب سقوط حكم الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي عام 2011، استهلال لانطلاق ما سمي بـ«الربيع العربي» التي كانت سببا في خراب الدول العربية إلا مصر التي حفظها الله وحماها جيشها وشعبها.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق