خليها «تصدي.. تعنس».. وماذا بعد؟

الأربعاء، 30 يناير 2019 06:00 م
خليها «تصدي.. تعنس».. وماذا بعد؟
حمله خليها تعنس

تعد وسائل التواصل الاجتماعي حاليا واحدة من أكثر الوسائل تأثيرا في الرأي العام، وذات قوة ضاربة في إحداث التغييرات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها من خلال ما يتم تداوله ونشره عبر صفحاتها، كما أن لها دور أساسي في توجيه الرأي العام تجاه قضية معينة، وهو مايتم ملاحظته بشدة في السنوات القليلة الماضية.

وبات رواد «السوشيال ميديا» على تواصل دائم من خلال صفحات الـ«فيس بوك»، وغيرها من مواقع التواصل، وأصبحت وسائل النشر، والهاشتاج، من أبرز أشكال القوى الضاربة لإحداث تغيير ما، أو الترويج لأفكار، أو شن الحملات على العادات والتقاليد التي يعتبرها جماعة السوشيال ميديا مغايرة للعصر الحالي، أو لإرساء قواعد مجتمعية جديدة.

وتمكن هؤلاء في الأونة الأخيرة من إحداث حراكا مجتمعيا لتأييد أو لرفض أفكار معينة، كما تمكنوا من إجبار صانعي القرار على العدول عن قرارات ومواقف لاتماشى وطبيعتهم الحالية، وذلك إدراكا منهم بحجم الأثر التى تتركه تلك الأدوات الإلكترونية فى نفوس مستخدميها.

وأصبحت غالبية الحملات التي تم إطلاقها منذ مطلع العام الجاري عبر صفحات الـ«فيس بوك»، تهتم بإحداث تغييرا إو إصلاحا اقتصاديا، أو مجتمعيا، أضر بالمواطنين، ولمواجهة جشع التجار وغلاء الأسعار، كان أبرزها حملة «خليها تصدي»، التي استهدفت سوق السيارات في مصر، وتسببت في إرباك القائمين عليه لمواجهة الغلاء غير المبرر في أسعار السيارات، لاسيما بعد أن تم تطبيق اتفاقية «زيرو جمارك».

وأكدت تلك الحملة على نجاحها في توحيد الرأي العام، وإجبار التجار على مراجعة أسعار السوق التي يتحكمون فيها، بعدما أربكت مبيعاتهم بشكل كبير، ودفعتهم لمراجعة معدلات ونسب الزيادة المقررة على الأسعار، حيث انضم لتلك الحملة ما يزيد عن نصف مليون مستخدم لمواقع السوشيال ميديا فى فترة وجيزة وأثرت بالفعل على متخذى القرار وأجبرت بعض شركات السيارات على تخفيض أسعارها وسط تأكيدات مطلقى الحملة بأن هدفهم هو ضبط إيقاع الأسعار للتخفيف من على كاهل المواطن وليس لإلحاق أى ضرر بالاقتصاد المصرى، كما أشاع المناهضون للحملة من مستوردين ومصنعين للسيارات.

وفتحت تلك الحملة الباب للترويج لأفكار أخرى سعيا إلى إحداث تغير جذري بها، لاسيما وأنها أثرت بشكل مباشر على شكل العلاقة المجتمعية بين المواطنين، خاصة الشباب، مستهدفة تخفيف نفقات ومتطلبات الزواج بالتزامن مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات، الأمر الذي يعيقهم عن استكمال تلك الرحلة، فجائت حملة «خليها تعنس» التي سلطت الضوء على ضرورة إعادة التفكير في الأعراف المصرية المتعلقة بالزواج وتكاليفه، والتي عفى عليها الزمن.

ولاقت تلك الحملات قبولا من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وأحدث ضجة كبيرة قد تكون سببا في إعادة النظر في تلك التقاليد، حتى استخدمها آخرون لمواجهة جشع تجار السجائر تحت عنوان «خليها في المصنع»، وأمام تلك الحملات التي تتسم بالذكورية اتجه الفتيات إلى الرد بحملات تعبر عن تمسك بعضن بالتقاليد والأعراف المتبعة في الزواج تحت عنوان «خليك فى حضن أمك»، مبررين ذلك بأن الفتاة ليست سلعة للعرض والطلب حتى وإن كان هناك عدد من الأهالى يغالون فى بعض مستلزمات الزواج.

وباتت «ضغطة الزر» المنشور من خلالها كثير من الأفكار والحملات والقضايا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ذات أهمية كبرى، لاسيما وإثارتها لتساؤلات كثيرة حول مدى فاعلية تلك الحملات على الرأي العام، وقوة تأثيرها، ومدى استمرارها في حربها على تلك القضايا، ومن هو الجمهور المتسهدف من ورائها.

وفي هذا الصدد تشير التقديرات التى كشف عنها موقع «We Are Social» والخاص بمراقبة وضع الإنترنت فى العالم عام 2017 إلى أن عدد مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى فى مصر وصل لأكثر من 33 مليون مستخدم مما يعنى حجم الاستهلاك الواسع ومدى الانتشار التى حققته تلك الوسائل الحديثة فى عمليات الاتصال والتأثير.

الدكتور أسامة طلعت، الخبير التكنولوجى، يقول إن هناك ما يقرب من 40 مليون مواطن يستخدمون الإنترنت فى مصر وهذه نسبة ليست قليلة للتفاعل والتأثر بأدوات السوشيال ميديا وما تطرحه من قضايا، وبالتالى من السهل أن يتم التأثير فى الناس من خلالها على اعتبار أنها السلاح الأقوى والأكثر انتشارا، مشيرا إلى أن نجاح تلك الحملات يتوقف على أن كانت تمس احتياجات الناس أم لا وأتوقع استمرارها حتى يكون لها مردود على أرض الواقع خاصة وأن وظيفة السوشيال ميديا هى الحشد وتوحيد الآراء فى أقل وقت ممكن وهذا يتجلى فى مختلف القضايا سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية.

وتضيف الدكتورة هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع وعضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إن هناك حملات وإن بدت من أسمائها طريفة كحملتى خليها تعنس، وخليك عند أمك، إلا أنهما يعبران عن مشكلة حقيقية تتعلق بتكاليف الزواج الباهظة والمغالاة والضغوط المادية التى تمارسها بعض الأسر على الشباب راغبى الزواج مما خلق نوع من الإحجام لديهم إلا لو هناك حالة من التفاهم فيما بينهم، مشيرة إلى أن هناك إحصائية صادرة من قبل المركز القومى للبحوث تشير إلى أنه أمام كل فتاة عزباء هناك رجلان مناسبان لها لم يتزوجا، مما يعنى أن نسبة العزوبية بين الرجال أكبر من النساء وليس العكس كما يتردد، هذا فيما يتعلق بالحملات الاجتماعية سابقة الذكر أما حملة خليها تصدى ستحدث حالة من الحراك وتخلق نوعا من التوازن وبشكل عام هذه الحملات التى يتم إطلاقها بين الحين والآخر عبر منصات التواصل الاجتماعى لن تكون مؤثرة، إلا إذا ارتبطت بقضية فعلية على أرض الواقع، وأصبحت تمس احتياجات الناس فعلا وتعبر عن أزمة موجودة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق