بالعقود تنقضي مصالح الناس.. «التعويض» جزاء الإخلال بالعقد في القانون

الجمعة، 01 فبراير 2019 12:00 م
بالعقود تنقضي مصالح الناس.. «التعويض» جزاء الإخلال بالعقد في القانون
التعويض فى العقود
علاء رضوان

الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية أولت أحكام العقود اهتماماً بالغاً لما لها من أهمية في حياة الناس فبالعقود تقضى مصالحهم وتدار شئونهم، ذلك أن الإنسان لا ينفك عن إبرام عقد من العقود، فجعلت له قواعد تضبطه ومعايير تحفظه، بها يدرك العاقد ماله من حقوق فيطالب بها ولا يتجاوزها، وما عليه من التزامات فيؤديها ولا يمنعها.

ولأهمية أحكام العقد فقد اعتنى الفقهاء ببيان حقيقة العقد وتعريفاته اللغوية والإصطلاحية، وأركانه وشروطه وأقسامه المختلفة باعتبارات متعددة، وجاء أيضاً الإهتمام بالمسئولية العقدية من حيث إفتراض وجود عقد صحيح بين المتعاقدين قابل للتنفيذ ، وفشل أو إخلال المدين بتنفيذ العقد وضعت له الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية ضوابط وقواعد ليكون سبباً لتعويض الدائن . 

1000_133c3e020c

فى التقرير التالى «صوت الأمة» رصد عن أحكام العقد التعويض كجزاء للإخلال بالعقد قواعده وعناصره وتطبيقاته في القانون المصري والشريعة الإسلاميـــة من حيث المسئولية العقدية، وقواعد التعويض، وعناصر التعويض في القانون المصري – وفقا للخبير القانونى والمحامى سامى البوادى.

المسئولية العقدية في القانون المصري :

للحديث عن الجزاءات المترتبة علي الإخلال بالعقد يستحسن إستعراض المسئولية العقدية أولاً ومن ثم الجزاءات المترتبة عن الإخلال، فالقانون المصري تناول المسئولية العقدية وأركانها وفصلها إلي ثلاثة  ولكي يكون التعويض مستحقاً كجزاء عن الإخلال بالعقد لابد من وجود خطأ عقدي ويكون قد ترتب عليه ضرراً للمدين وتكون هنالك علاقة سببية بين الخطأ والضرر، أي يكون الخطأ العقدي هو ماترتب عنه الضرر المعوض عنه وليس غيره، ويمكن تناول هذه الأركان بشئ من التفصيل الآتي – بحسب «البوادى» : 

download (1)

«الخطأ العقدي ــ الضرر ـ علاقة السببية بين الخطأ والضرر»

أ/ الخطــأ العقدي :

وقد قسم القانون المصري الخطأ العقدي إلي نوعين حيث المسئولية :

1-الخطأ العقدي في مسئولية المدين عن عمله الشخصي.

2-والمسئولية العقدية عن الغير وعن الأشياء .

القانون المصري تناول أنواع الإلتزام العقدي، وذهب إلي وجود نوعين من الإلتزامات، هما الإلتزام ببذل عناية، والإلتزام بتحقيق غاية .

-الإلتزام ببذل عناية، هو إلتزام المتعاقد ببذل عناية الرجل العادي في تنفيذ الألتزام المترتب عليه بموجب العقد ولايكون ضامناً للنتيجة طالما بل العناية المطلوبة في التنفيذ، كإلتزامه بعمل دون أن يضمن النتجية المترتبة عن هذا العمل .

وعلي الدائن عند الدفع بعدم قيام المدين بإلتزامه وفقاً لعناية الرجل العادي يقع عليه عبء إثبات ذلك، ومتي مانجح في ذلك وأثبت الضرر فإنه يكون مستحقاً للتعويض .

-الإلتزام بتحقيق غاية، وذلك أن يكون المدين قد إلتزم بتحقيق غاية معينة بموجب العقد، مثلاً كإلتزامه بالإمتناع عن عمل، ولايشترط في هذه الحالة أن يؤدي ذلك الإلتزام إلي نتيجة .

-فالمسئولية عن عمل المدين الشخصي، وهي عدم قيام المدين بإلتزاماته بموجب العقد لأي سبب من الأسباب .

-والمسئولية العقدية عن الغير والأشياء، تكون في حالة مايقوم المدين بإستخدام أشخاص آخرين لتنفيذ الإلتزام العقدي، وتكون المسئولية هنا كالمسئولية الشخصية تحكمها نفس القواعد. 

download

ب-الضرر:

ويُضيف «البوادى» - لكي يكون هناك تترتب المسئولية العقدية علي المدين وبالتالي يكون الدائن مستحقاً للتعويض لابد من وجود الضرر، والذي يقع عبء إثباته علي الدائن .

وقد إستثني القانون المصري فوائد التأخير «قانونية ـ أو ـ إتفاقية»، وذلك وفقاً لنص المادة «228» من القانون المدني المصري التي تنص علي الآتي : «لا يشترط لأستحقاق فوائد التأخير قانونية كانت أو اتفاقية أن يثبت الدائن ضررا لحقه من هذا التأخير».

ـ أما في حالة وجود الشرط الجزائي في العقد فأن عبء إثبات الضرر ينتقل إلي المدين، حسبما ورد بنص المادة «224» من القانون المدني كالآتي:

1- لا يكون التعويض الإتفاقى مستحقا إذا اثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أى ضرر .

2-ويجوز للقاضى أن يخفض هذا التعويض إذا اثبت المدين أن التقدير كان مبالغا فيه إلى درجة كبيرة، أو أن الألتزام الأصلى قد نفذ في جزء منه .

3- ويقع باطلا كل اتفاق يخالف أحكام الفقرتين السابقتين .

وبالتالي فإن القانون المصري يذهب إلي أن التعويض عن الإخلال بالعقد لايكون إلا عن الضرر المباشر المتوقع .

وقسم الضر ر إلي نوعين : ضرر مادي ـ وضرر أدبي .

الضرر المادي :

الضرر المادي قد يكون ضرراً حلاً، أو ضرراً مستقبلياً، أو ضرراً محتملاً .

-الضرر الحال وهو الضرر الذي وقع وتحقق فعلياً علي الدائن ويوجب التعويض .

-الضرر المستقبلي هو الضرر المحقق الوقوع، وهو مايكون نتيجة راجحة ستقع حتماً جراء الإخلال بالعق، ويعوض الدائن عنه .

-الضرر المحتمل الوقوع لايوجب التعويض إلا إذا تحقق فعلاً .

الضرر الأدبي :

وهو نادراً مايقع في المسئولية العقدية، ولكن القانون المصري جوز التعويض عنه حسبما ورد بنص المادة «222» من القانون المدني المصري :

1- يشمل التعويض الضرر الأدبى أيضا، ولكن لا يجوز في هذه الحالة أن ينتقل إلى الغير إلا إذا تحدد بقتضى اتفاق، أو طالب الدائن به أمام القضاء.

2- ومع ذلك لا يجوز الحكم بتعويض إلا للأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية عما يصيبهم من ألم من جراء موت المصاب .

وقد إستثني القانون من التعويض الأقارب إلي الدرجة الثانية والأزواج عما يصيبهم من ألم جراء موت المصاب .

والتعويض عن الضرر الأدبي في المسئولية العقدية يعوض فقط عن الضرر المباشر المتوقع «ومع ذلك اذا كان الإلتزام مصدره العقد، فلا يلتزم المدين الذى لم يرتكب غشا أو خطأ جسيما إلا بتعويض الضرر الذى كان يمكن توقعه عادة وقت التعاقد»، مادة «221/2» من القانون المدني المصري. 

تعريف-المسؤولية-من-الناحية-القانونية

3-علاقة السببية بين الخطأ و الضرر:

لكي يكون هنالك تعويض لا بد من وجو علاقة سببية بين الخطأ والضرر، أي أن يكون الخطأ العقدي هو سبباً مباشراً للضرر، وهو أمر مفترض لا يكلف الدائن بإثباته، ولكن للمدين أن ينفيه بأن الخطأ ليس سبباً في الضرر الذي وقع علي الدائن، وهو الأمر الذي يصعب إثباته إلا بإثبات تدخل سبب أجنبي كالقوة القاهرة أو خطأ الدائن نفسه أو فعل الغير .

قواعد التعويض في القانون المصري :

من الجزاءات التي رتبها القانون المصري كجزاء للإخلال بالعقد التنفيذ العيني متي كان ممكناً وطالب به الدائن وليس فيه إرهاق للمدين .

لذا فإن التعويض يحل محل التنفيذ العيني إذا إذا كان التنفيذ العيني مستحيلاً، والتنفيذ العيني قد يكون إلتزام بنقل ملكية أو حق عيني آخر، وقد يكون إلتزاماً بعمل، أو إلتزام ببذل عناية، أو إلتزام بالتسليم، أو إلتزام بالقيام بعمل أو الإمتناع عن عمل .

«إذا التزم المدين بالإمتناع عن عمل واخل بالإلتزام جاز للدائن أن يطلب إزالة ما وقع مخالفا للألتزام، وله أن يطلب من القضاء ترخيصا في أن يقوم بهذة الأزالة على نفقة المدين» المادة «212» من القانون المدني المصري .

أنواع التعويض :

هناك ثلاثة انواع للتعويض عن الإخلال بالعقد : «التعويض القضائي»  «التعويض القانوني» «التعويض الإتفاقي ـ الشرط الجزائي»

1/التعويض القضائي : رد في المادة «218» من القانون المدني المصري «لا يستحق التعويض إلا بعد إعذار المدين مالم ينص علي غير ذلك»

ولكن هناك إستثناءات لا يشترط فيها إعذارالمدين، والتعويض في حالة عدم التنفيذ له حالتان :

أ/ تعويض عن عدم التنفيذ .

ب/ تعويض تعويض عن التأخر في التنفيذ .

2/التعويض الإتفاقي «الشرط الجزائي»:

تنص المادة 224 من القانون المدني :

1-لا يكون التعويض الاتفاقي مستحقا إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر.

2-ويجوز للقاضي أن يخفض هذا التعويض إذا أثبت المدين أن التقدير كان مبالغا فيه إلى درجة كبيرة، أو أن الالتزام الأصلي قد نفذ في جزء منه.

3-ويقع باطلا كل اتفاق يخالف أحكام الفقرتين السابقتين

.ونشير في هذا الصدد إلي سابقة:

طعن 889 سنة 72 ق جلسة 8/3/2003 - مشار إليه بموسوعة الدعاوى د / محمد المنجي.

كما قضت محكمة النقض في ذات الموضوع اتفاق الطرفين مقدما - في عقد العمل - علي التعويض الذي يستحقه المطعون ضده إذا تقاعست الطاعنة عن تنفيذ العقد أو ألغته قبل نهاية مدته ، فإن تحقق هذا الشرط يجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعادين فلا يكلف المطعون ضده بإثباته ويتعين علي الطاعنة إذا ادعت أن المطعون ضده لم يلحقه أي ضرر أو أن التقدير مبالغ فيه إلي درجة كبيرة أن تثبت ادعاءها إعمالا لأحكام الشرط الجزائي.

وأيضاً سابقة :

طعن 11 سنة 37 ق- جلسة 21/4/1973

الهيئة الموقرة : ثابت مما سبـق أن التزام المدعي عليه بأداء الشرط الجزائي -

التعويض الاتفاقي الثابت بالعقد - يرتكن إلى أساس قانوني وتواترت عليه أحكام النقض تطبيقاً له وتنفيذاً .

3/التعويض القانوني (الفوائد):

في القانون المصري إذا كان محل العقد مبلغ مالي وكان معلوم المقدار عند الطلب وتأخر المدين في سداده فأنه يدفع للدائن علي سبيل التعويض فوائد قدرها «4%» عن التأخير، كما يجوز لطرفي العقد الإتفاق علي نسبة أخري علي ألا تتجاوز «7%»، ولإستحقاق الفوائد لا يشترط أن يثبت الدائن الضرر. 

download (2)

عناصر التعويض في القانون المصري :

وقد أورد المادة «221» من القانون المصري العناصر التي يجب توفرها في التعويض عن الإخلال، نص المادة :

1- اذا لم يكن التعويض مقدرا في العقد او بنص في القانون، فالقاضى هو الذى يقدره ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب، بشرط ان يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالألتزام او للتأخر في الوفاء به، ويعتبر الضرر نتيجة طبيعيه اذا لم يكن في استطاعة الدائن ان يتوقاه ببذل جهد معقول.

2-ومع ذلك إذا كان الألتزام مصدره العقد، فلا يلتزم المدين الذى لم يرتكب غشا او خطأ جسيما الا بتعويض الضرر الذى كان يمكن توقعه عادة وقت التعاقد .

ويمكن قراءة عناصر التعويض في القانون المصري كالآتي:

1-التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب .

2-أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالإلتزام أو للتأخر في الوفاء به .

3-أن الضرر نتيجة طبيعيه إذا لم يكن في استطاعة الدائن أن يتوقاه ببذل جهد معقول.

4-في حالة لم يرتكب المدين غشاً أو خطأً جسيماً يعوض عن الضرر المتوقع .

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق