قناع الديمقراطية يسقط عن أردوغان.. ماذا قالت منظمة الشفافية بشأن تركيا؟

الجمعة، 01 فبراير 2019 01:00 م
قناع الديمقراطية يسقط عن أردوغان.. ماذا قالت منظمة الشفافية بشأن تركيا؟
أردوغان- أرشيفية

 
بالقمع والفساد والتدخل في شؤون القضاء وتكميم الأفواه ومصادرة الحريات، يقود رجب إردوغان بلاده إلى حافة الانهيار، ويضعها في مقدمة الدول الأكثر استبدادا، ما يجعل تركيا النموذج الأسوأ في العالم. 
 
«من دولة شبه حرة إلى دولة غير حرة».. هكذا وثقت منظمة الشفافية الدولية- مقرها برلين- التراجع الكبير لتركيا في مجال مكافحة الفساد تحت حكم العدالة والتنمية.
 
وفقًا لمؤشر مدركات الفساد لعام 2018، الذي أعلنته المنظمة الدولية أول أمس الثلاثاء، تراجعت تركيا ثماني نقاط تباعًا خلال السنوات الخمس الماضية، وعشر نقاط في سبعة أعوام، لتصبح واحدة من بين خمس دول هي الأكثر تراجعًا على المؤشر منذ عام 2012، وتحتل المرتبة 78 من 180 دولة برصيد 41 نقطة.
 
المنظمة الدولية التي تعمل في مجال مكافحة الفساد منذ أكثر من 25 عامًا فضحت تغول نظام رجب إردوغان على السلطة، وشخصت أزمة الحالة التركية بأنها أزمة تنازل عن الديمقراطية، مؤكدة أن احتكار النظام لكل السلطات وإعدامه للحريات يكرس للفساد.
 
جملة انتهاكات ذكرت المنظمة أن نظام إردوغان يمارسها بحق القضاء، وقانون المناقصات العام، ومشروعات الشراكة بين القطاع العام والخاص وعمليات الخصخصة، ما يصعد بأنقرة إلى حافة الهوية.

«الشفافية الدولية».. كشفت العلاقة القوية بين انتهاكات الديمقراطية ومستوى الفقر، والارتباط الطردي بين التراجع في مدركات الفساد والديمقراطية، ما جعل  الدول التي تشهد تراجعًا في مؤشر الديمقراطية في الفترة من 2012 إلى 2018، هي الأقل محاربة للفساد. 
 
وفقًا للمؤشر، فإن التحليل المقارن للبيانات المتعلقة بالديمقراطية في العالم يكشف وجود علاقة بين الفساد ومستوى الديمقراطية، حيث حصلت الديمقراطيات الكاملة على معدل 75 درجة على المؤشر، في حين سجلت الديمقراطيات المعيبة 49 درجة، والأنظمة الهجينة التي تشوبها بعض التوجهات الاستبدادية 35 درجة، فيما كان أضعف معدل من نصيب الأنظمة الاستبدادية التي سجلت 30 درجة فقط في مؤشر مدركات الفساد.
 
نتائج المؤشر لعام 2018، أظهرت أن مدركات الفساد تتعلق مباشرة بسيادة القانون وحرية الصحافة والتعبير وقوة المجتمع المدني، مؤكدة أن الانتهاكات التي تمارسها حكومة العدالة والتنمية، تمثل عائقَا أمام تركيا للوصول إلى المتوسط العالمي.
 
 تراجع تركيا جاء بمقدار درجة عام 2016  مسجلة 41 درجة تزامنًا مع الحملة الشرسة ضد المعارضين، تحت ذريعة الانتماء لحركة الخدمة التابعة لفتح الله جولن المتهم بتدبير محاولة الانقلاب المزعومة في يوليو 2016. رئيسة منظمة الشفافية الدولية أويا أوزارسلان، قالت إن عدم القدرة في السيطرة على الفساد يساهم في أزمة الديمقراطيين والأنظمة الشعبية في جميع أنحاء العالم.
 
أوزارسلان شخصت الأزمة الكبيرة التي تعاني منها تركيا تحت حكم العدالة والتنمية بأنها أزمة تنازل عن الديمقراطية، ما نتج عنها إضعاف المؤسسات، والقضاء على حرية الإعلام، وفقدان سيادة القانون والدستور، وعدم احترام الاتفاقيات الأساسية الإلزامية.
 

الانتهاكات التي يمارسها نظام إردوغان بحق القضاء ومبادئ الجدارة، والممارسات المخالفة لنص وروح قانون المناقصات العام، والممارسات المخالفة للمصلحة العامة في مشروعات الشراكة بين القطاع العام والخاص وعمليات الخصخصة، أبرز المشكلات التي تعيق القضاء على الفساد في أنقرة.

تركيا في فئة الدول التي لا تطبق الديمقراطية ضمن مؤشر مدركات الفساد وضعف المؤسسات، برفقة دول تعاني من عدم استقرار اقتصادي واجتماعي وسياسي، وفق المنظمة الدولية.
 
وثقت المنظمة تراجع تصنيف تركيا من «دولة شبه حرة» إلى «دولة غير حرة»، مؤكدة أن التقييم يعكس تردي الأوضاع على مستوى سيادة القانون والمؤسسات الديمقراطية، ويكشف تفاقم التضييق على المجتمع المدني والإعلام المستقل في تركيا. 
 
باتريشيا موريرا، المديرة التنفيذية لمنظمة الشفافية الدولية ألمحت إلى إعدام نظام العدالة والتنمية للديمقراطية، وميلاد حقبة جديدة من الفساد بقولها: «في ظل ما نراه من تهديد للمؤسسات الديمقراطية حول العالم – غالبا على يد قيادات ذات توجه استبدادي أو شعبوي- يتعين علينا أن نبذل جهدا أكبر لتعزيز الضوابط والتوازنات الديمقراطية ولحماية حقوق المواطنين».
 
وأضافت: «ينخر الفساد في الأنظمة الديمقراطية شيئا فشيئا ليؤدي في نهاية المطاف إلى حلقة مفرغة، يضعف فيها الفساد المؤسسات الديمقراطية فتصبح أقل قدرة على مكافحته». في 2013، احتلت تركيا منصبا قياديا في مجموعة آسيا الوسطى وأوروبا الشرقية على مؤشر مدركات الفساد، بينما تراجعت في الوقت الحالي على المؤشر مع دول مثل جورجستان وبيلاروسيا والجبل الأسود.
 
وفقًا لنتائج مؤشر مدركات الفساد، حصلت تركيا على نقطة منخفضة من بين الدول الـ 28 المكونة للاتحاد الأوروبي، لتصل إلى المرتبة الأخيرة بعد بلغاريا. احتلت المرتبة 34 من بين 35 الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية،  والـ 12 مع الهند في تقييم دول مجموعة العشرين. 
 

الدنمارك تصدرت دول العالم على مؤشر مدركات الفساد عام 2018 برصيد 88 نقطة، تلتها نيوزيلندا 87 نقطة، فيما جاءت سنغافورة والسويد وسويسرا وفنلندا في المرتبة الثالثة برصيد 85 نقطة، واحتلت النرويج المرتبة الرابعة برصيد 84 نقطة، وهولندا المركز الخامس بـ 82 نقطة، بينما تذيل المؤشر الصومال وجنوب السودان وسورية.
 
منطقة أوروبا الغربية والاتحاد الأوروبي احتلتا الدرجات على مستوى المناطق، حيث بلغ المعدل فيها 66 درجة، في حين ظهرت أدنى الدرجات في منطقة إفريقيا 32 درجة، وأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى  35 درجة. خمس دول خسرت أكثر النقاط في المؤشر ما بين الأعوام 2012-2018، حيث فقدت سانت لوسيا 16 نقطة، والبحرين 15 نقطة، وسورية 13 نقطة، والمجر 9 نقاط، وتركيا 8 نقطة. 
 
مؤشر مدركات الفساد «سي بي أي»، هو تقييم سنوي يعتمد منهجية مستندة على عدة مصادر لقياس مدركات الفساد لـ180 دولة، ويعكس تصورات الخبراء بشأن الفساد في منظمات المجتمع المدني والقطاع العام لممثلي عالم الأعمال. 
 
في العام الماضي استند المؤشر إلى 13 استطلاعا وتقييما للفساد أجراه خبراء لتحديد درجة على القطاع العام في 180 دولة وإقليما، عن طريق وضع درجة تتراوح بين 0 (الأكثر فسادا) و100 (الأكثر نزاهة).
 
نقاط تركيا على المؤشر حددت اعتمادًا على 8 أبحاث: تقييم المخاطر الفطرية للرؤية العالمية، والكتاب السنوي للتنافسية العالمية لمركز المنافسة الإدارية، ومؤشر الحوكمة المستدامة في مؤسسة بيرتلسمان، ومؤشر سيادة القانون لمشروع العدالة العالمي، والدليل الدولي للمخاطر، والمنتدى الاقتصادي العالمي، ومشروع تنوع الديمقراطية، وتصنيف المخاطرة لوحدة الاستخبارات الاقتصادية‎.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق