أفريقيا على ضفاف النيل.. مكافحة الإرهاب أولوية مصرية لتوفير الأمن بالقارة السمراء

الأحد، 03 فبراير 2019 10:00 ص
أفريقيا على ضفاف النيل.. مكافحة الإرهاب أولوية مصرية لتوفير الأمن بالقارة السمراء
بوكو حرام- أرشيفية
شريهان المنيري

 
سامح شكري: خطتنا تستهدف تجفيف منابع تمويل التنظيمات الإرهابية وعدم توفير ملاذات  آمنة لها

الدكتور أيمن شبانة: الأزهر الشريف دوره محوري في مكافحة الفكر المتطرف.. ومصر ركيزة أساسية في أىي منظومة أمنية
 
نجحت مصر خلال السنوات الأخيرة الماضية فى استعادة دورها ومكانتها فى القارة الأفريقية تدريجيًا، وهو الأمر الذى اهتم به الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ ولايته الرئاسية الأولى، وتم ترجمته من خلال جولاته الخارجية، التى اهتمت بشكل خاص بدول أفريقيا، لا سيما دول حوض النيل.
 
واتسع التعاون المصرى الأفريقى منذ ذلك الحين ليشمل مجالات عدة تشمل محاور استراتيجية واجتماعية مختلفة، ولعل الملف الأمنى من المحاور التى يتم التعاون فيها من قبل الجانبين للحفاظ على أمن واستقرار القارة السمراء التى تحيط بها الكثير من التهديدات لأمنها واستقرارها من خلال دعم وتمويل جهات بعينها لها أطماع وأهداف خبيثة بالمنطقة؛ تنتمى لجماعات وتنظيمات إرهابية إضافة إلى عمليات الهجرة غير الشرعية والقرصنة البحرية وغيرها من عمليات الجريمة المنظمة.
 
وتحرص مصر على مواصلة الجهود خلال رئاستها للاتحاد الأفريقى لعام 2019  فى دعم سُبل التعاون الثنائى والإقليمى لمواجهة الإرهاب بكل أشكاله؛ فطالما سعت القاهرة إلى تحقيق الأمن والاستقرار فى أفريقيا بهدف تحقيق تنمية شاملة من خلال جهود دبلوماسية تهدف إلى حل النزاعات بالطرق السلمية والحوار مع الأطراف الأفريقية المختلفة فيما بينها، والتوجه إلى المحافل الدولية سواء عبر الاتحاد الأفريقى أو الأمم المتحدة، كما حرصت على الحوار الوطنى واتفاق السلام فى جنوب السودان، إضافة إلى المشاركة فى عمليات حفظ السلام بالقارة السمراء، وقد شاركت مصر منذ عام 1960 بـ37 بعثة أممية بأكثر من 30 ألفًا من القوات العسكرية والشرطية فى 24 دولة ما بين أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا، حتى أصبحت مصر الآن فى المرتبة الـ7 عالميًا بقائمة كبريات الدول المساهمة بقوات عسكرية وشرطية فى عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة فى 6 بعثات جميعها فى أفريقيا.
 
كما استضافت مصر مؤتمرًا إقليميًا لتطوير أداء عمليات حفظ السلام فى نوفمبر من العام الماضى كبداية للمشاورات الإقليمية الأولى من نوعها على المستوى الأفريقى منذ إطلاق سكرتير عام الأمم المتحدة مبادرته لتطوير عمليات حفظ السلام فى مارس من عام 2018. 
 
تجدر الإشارة إلى نجاح الجهود المصرية الأفريقية فى إنشاء المركز الإقليمى لمكافحة الإرهاب لدول الساحل والصحراء، والتحالف مع دول الخليج للحفاظ على أمن البحر الأحمر، ما أسفر عنه تحالف الدول المتشاطئة «مصر والسعودية والسودان والصومال والنيجر وجيبوتى والأردن»، والتنسيق فى مشروع «نيوم» السعودى وغيرها من التحالفات الثنائية بين السعودية والإمارات ودول أفريقية لتحقيق مزيد من التنمية فى القارة السمراء.
 
سامح شكرى وزير الخارجية، أكد حرص الدبلوماسية المصرية على تعزيز التنسيق الثنائى والإقليمى فى مجال مكافحة الإرهاب والتطرف وتجفيف منابع تمويله، ومنع الجماعات الإرهابية من استخدام الوسائل الإعلامية والتواصل الاجتماعى فى بث رسائلها الهدامة، وضمان عدم توفير ملاذات آمنة لتلك التنظيمات الإرهابية التى ترتبط جميعها بذات الفكر الأيديولوجى المتطرف، وقال إن موضوع مكافحة الإرهاب يعد إحدى الأولويات الرئيسية خلال فترة رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى عام 2019، وذلك تأسيسا على الجهد الذى بذل خلال السنوات الماضية من أجل تعزيز التعاون الثنائى مع دول القارة.
 
وتابع: «وكذلك على المستوى الإقليمى فى إطار الاتحاد الأفريقى للتصدى لظاهرة الإرهاب والتطرف، لافتاً إلى أن مصر تعمل على تفعيل آليات الاتحاد الأفريقى الكفيلة بضمان مكافحة فاعلة وشاملة للإرهاب والتطرف، كما نظمت مصر خلال عضويتها فى مجلس السلم والأمن الأفريقى العديد من الفعاليات الخاصة بمكافحة الإرهاب، كان أبرزها ترؤس الرئيس السيسى اجتماعا للمجلس فى شهر يناير 2018 لبحث ومناقشة موضوع «المقاربة الشاملة لمكافحة التهديد العابر للحدود للإرهاب فى أفريقيا». 
 
واستضافت مصر عدداً من ورش العمل والمؤتمرات المتعلقة بمناقشة جميع الجوانب المتعلقة بالإرهاب والتطرف، كان آخرها ورشة عمل للخبراء فى موضوع «مكافحة الفكر المتطرف المؤدى إلى الإرهاب فى شرق أفريقيا والقرن الأفريقى».
 
وأشار «شكرى» إلى أنه اتصالاً بالقضايا الأمنية فى القارة السمراء، فإن مصر مهتمة بموضوعات الهجرة غير الشرعية بشكل عام، كونها دولة عبور بحكم موقعها الجغرافى لآلاف المهاجرين واللاجئين الساعين للوصول إلى أوروبا عبر البحر المتوسط.
 
 كما أن مصر دولة مقصد لآلاف الوافدين من الجنسيات العربية والأفريقية، الذين فروا من حالة عدم الاستقرار والنزاعات الدائرة فى بلادهم، ما شكّل أعباءً ضخمة على الموازنة العامة للدولة لاستضافتهم، وتوفير الحماية لهم والاستفادة من الخدمات الصحية والتعليمية المتاحة، فضلاً عن استفادتهم من منظومة الدعم والبنية التحتية، وقال إن مصر تؤمن بأهمية تكاتف الجهود الدولية للتعامل مع قضية الهجرة غير الشرعية، حيث تشارك مصر بكثافة فى العديد من الأنشطة الإقليمية والدولية فى مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار فى البشر، وأهمها مبادرة الاتحاد الأفريقى – القرن الأفريقى لمكافحة ومنع الاتجار فى البشر وتهريب المهاجرين والتى تعمل على تعزيز التعاون بين الدول الأفريقية لمواجهة الهجرة غير الشرعية والاتجار فى البشر، وكذا توفير الدعم المالى والفنى اللازم للدول الأفريقية، ليس فقط للتعامل مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية، ولكن أيضاً لمواجهة أسبابها الجذرية.
 
وفى تصريحات خاصة لـ«صوت الأمة»، أكد نائب مدير مركز دراسات حوض النيل، والأستاذ بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، الدكتور أيمن شبانة على مجهودات مصر الكبيرة فى مجال التعاون الأمنى ومكافحة الإرهاب والحفاظ على أمن واستقرار أفريقيا، مشيراً إلى عدد من النقاط الهامة التى طورت فى العلاقات المصرية الأفريقية فى الناحية الأمنية، حيث استضافت مصر مركز الاتحاد الأفريقى لإعادة الاعمار، وتمثيل أفريقيا 6 مرات فى مجلس الأمن الدولى آخرها فى عامى 2016 – 2017، علاوة على الدفاع عن مسألة رفع العقوبات عن السودان فى مجلس الأمن، والمشاركة فى عمليات حفظ الأمن فى دارفور وجنوب السودان.
 
 كما استضافت مصر اجتماعات وزراء دفاع دول الساحل والصحراء فى أبريل 2016، والتى أسفرت عن الموافقة على اقتراح مصر بإنشاء مركز الساحل والصحراء لمكافحة الإرهاب، إضافة إلى المشاركة فى إنشاء قوة أفريقية جاهزة للانتشار السريع. 
 
وأشاد «شبانة» بدور مؤسسة الأزهر الشريف ومبادرته التى هدفت إلى الوساطة فى منطقة أفريقيا الوسطى لتعزيز السلم، إلى جانب ما تقوم به مصر من مجهودات فى دعم الشرعية فى ليبيا والاستقرار فى اليمن ومنطقة باب المندب، والنجاح فى إقناع عدد من دول المنطقة العربية فى إقامة مشروعات وتحالفات من شأنها الحفاظ على أمن البحر الأحمر وباب المندب، وقال: «مصر ركيزة أساسية فى أى منظومة لإقرار الأمن فى منطقتى باب المندب والبحر الأحمر». 
 
من ناحيته أكد مساعد رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية الصادرة عن مركز الأهرام للدراسات، أبو الفضل الإسناوى خلال ورقة بحثية له بعنوان «الجماعات الإرهابية فى مرمى النيران» على نجاح الاستراتيجية المصرية فى مجال مكافحة الإرهاب بأفريقيا، لافتًا إلى أنها تحركت فى منطلقات ثابتة، متوقع لها أن تشهد مزيدًا من التطور بعد تسلُم مصر رئاسة الاتحاد الأفريقى بعد أيام، وتوقع «الإسناوى» أن تكون رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى أساسًا لخلق نموذج متكامل لاستراتيجيات مكافحة الإرهاب فى القارة السمراء تعمل على تغيير وتحجيم التشدد والتطرف.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق