صبري السنوسي عميد حقوق القاهرة: التعديلات هدفها إصلاح الدستور (حوار)

الأحد، 31 مارس 2019 09:00 ص
صبري السنوسي عميد حقوق القاهرة: التعديلات هدفها إصلاح الدستور (حوار)
صبرى السنوسى
محمد أسعد.. تصوير: محمد نبيل

- كنت من بين المؤيدين لإلغاء مجلس الشورى لكن التجربة أثبتت أهمية وجوده

- تشكيل المجلس الأعلى للهيئات القضائية لا يمس استقلال القضاء

التمييز الإيجابى للمرأة لا يخل بمبدأ المساواة ويتفق مع كل المواثيق

دستور 2014 وضع فى ظروف صعبة.. ولا توجد مادة تستعصى على التعديل

 
خلال مشاركته فى جلسات الحوار المجتمعى التى أجريت بمجلس النواب، حول التعديلات الدستورية الجديدة، أبدى الدكتور صبرى السنوسى، أحد أهم أساتذة القانون الدستورى فى مصر، وعميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة، رأيه وملاحظاته حول تلك التعديلات، فلسفتها، ووجوب إدخالها على دستور 2014، الذى يرى أنه وُضع فى ظروف صعبة مرت بها البلاد عقب ثورة 30 يونيو.. «صوت الأمة» التقت «السنوسى» لقراءة تلك التعديلات، ومعرفة ملاحظاتها حولها وكان لنا هذا الحوار:
 
صبرى السنوسى (1)
 
التساؤل حاليا.. ما أهمية إجراء التعديلات الدستورية على دستور لم يمر على إقراره سوى 5 سنوات؟

دستور 2014 المُعدل أساسًا لدستور 2012، وُضع فى ظروف صعبة مرت بها البلاد عقب ثورة 30 يونيو، كما أن دستور 2012 نفسه، وُضع فى ظروف مشابهة، فكانت البلاد- خلال الحالتين- فى حالة ثورية، واضطراب وشد وجذب، وتظاهرات وعمليات إرهابية، وكانت سرعة إنجاز الاستحقاقات الانتخابية أحد أهم الأهداف، وإعادة بناء الدولة، أخذاً فى الاعتبار أن الدساتير يجب أن توضع فى هدوء وعدم انقسام، لذلك حان الوقت لإعادة النظر فى الدستور بعد مرحلة الاستقرار الحالية التى وصلنا إليها.

لماذا قلت إننا بحاجة أيضًا لدستور جديد، وليس مجرد تعديلات على دستور 2014؟

جميع التعديلات المطروحة حاليًا جيدة جدًا، وقلت إننا بالفعل كنا فى أشد الحاجة إليها، بل يزيد أننا نحتاج لوضع دستور جديد، فكما قلت لك دستور 2014، هو تعديل لدستور 2012 الذى وضع أيضًا فى ظروف صعبة.
 
ويجب أن أشير هنا إلى أن كل دساتير العالم قابلة للتعديل فى أى وقت، لأنها صناعة بشرية، وبالتالى نصت على طريقة تعديله، لأن الظروف تتغير، وما يناسب مرحلة قد لا يتناسب مع مرحلة أخرى، ولا يجوز لجيل فرض إرادته على أجيال أخرى قادمة.

هل توجد بالفعل مواد مستعصية على التعديل؟ بمعنى أنه لا يجوز تعديلها؟

الفقه الدستورى حول العالم انتهى إلى أنه لا توجد أى مادة دستورية تستعصى على التعديل، لأنه لا يوجد ما يسمو على إرادة الشعب، الشعب فقط هو صاحب «القول الفصل» فى إجراء التعديلات من عدمه، أى مادة وأى تعديل، ولا يوجد كذلك حظر زمنى.
 
- دساتير عدة حول العالم وضعت حظرا زمنيا حول تعديل مواد بعينها، ومع ذلك تم تعديلها، وفى مصر حدث ذلك فى دستور 1930، الذى نص على عدم تعديله إلا بعد مرور 10 سنوات، ومع ذلك أراد الشعب الإطاحة بالدستور كله.
 
ما يحدث فى مصر الآن هو «إصلاح دستورى»، وكل دساتير العالم يتم تعديلها من فترة لأخرى، الدستور الأمريكى والفرنسى والألمانى تم تعديلها مرات كثيرة خلال السنوات والعقود الماضية، لكى تتناسب مع كل مرحلة، لأن الفكر الدستورى يتغير، وقد تكشف الظروف أن مواد بعينها لا تتلاءم مع المرحلة وهكذا.

دعنا نتطرق للتعديلات ذاتها، ما رأيك فى منح ما لا يقل عن ربع عدد مقاعد مجلس النواب للمرأة؟

هذا يُسمى فى الفقه الدستورى بـ «التمييز الإيجابى» وهو مهم مع فئات بعينها قد لا تستطيع الوصول للبرلمان إلا بتحديد نسبة أو ما تسمى «الكوتة» لها، وهذا لا يخل بمبدأ المساواة، ويتفق مع المادة 11 من الدستور ذاته.
 
المرأة المصرية قدمت الكثير عبر التاريخ، وأثبتت نجاحها فى كافة القطاعات، وتستحق تحديد ما لا يقل عن ربع المقاعد لها، ويزيد، لا يمكن لأحد أن ينكر دورها فى ثورة 30 يونيو، ولا ما تقدمه من تضحيات، ونجاحات رأيناها فى كل قطاعات الدولة.
 
صبرى السنوسى (2)

من بين التعديلات المقترحة النص على عودة مجلس الشورى تحت مسمى «مجلس الشيوخ».. هل تؤيد ذلك؟

أعترف لك أننى كنت من بين المنادين والمؤيدين لفكرة إلغاء مجلس الشورى، والاكتفاء بغرفة واحدة للبرلمان، لكن التجربة أثبتت أن هذا خطأ، وأن وجود غرفتين للبرلمان أمر فى غاية الأهمية، لأننا نحتاج لمجلس الشيوخ وهو مجلس الخبرة والحكماء والمختصين بالعمل التشريعى بشكل أكبر وأكثر خبرة.
 
أؤيد حاليًا عودة مجلس الشورى، مع منحه مزيدا من الصلاحيات والاختصاصات التشريعية، فمعظم دول العالم لديها غرفتان للتشريع لضمان خروج التشريعات والقوانين منضبطة دستوريًا، ولمزيد من الرقابة على الحكومة، وعقد الاتفاقيات ومراجعتها وغير ذلك.

البعض يقول إن تشكيل مجلس أعلى للجهات والهيئات القضائية برئاسة رئيس الجمهورية يمس استقلال القضاء.. ما رأيك؟

تشكيل مجلس أعلى يضم الجهات والهيئات القضائية برئاسة رئيس الجمهورية، لا يمس استقلال القضاء، الرئيس هنا يترأسه المجلس باعتباره رئيسًا للدولة، ورئيس لكل السلطات وليست للسلطة التنفيذية فقط، كما أن المجلس دوره إدارى فقط، ينظر فى الأمور والشئون الإدارية، ويعمل على التنسيق بين الجهات والهيئات القضائية، وليست له علاقة بالعمل القضائى، فالقاضى على المنصة لا سلطان عليه، والهدف من تشكيل المجلس فقط النظر فى الأمور الإدارية المشتركة بين الجهات والهيئات القضائية، ومعظم دول العالم لها مجالس عليا مشابهة، يوجد تحفظ فقط على الجزء الخاصة فى حالة غياب رئيس الجمهورية، فلا يجوز ترؤس وزير العدل له، وأظن أن مجلس النواب سيأخذ هذه النقطة فى اعتباره.

ما رأيك فى التعديلات الخاصة بطريقة اختيار رؤساء الهيئات القضائية؟

كان لا بد من وضع قاعدة موحدة لكل الهيئات والجهات القضائية حول طريقة اختيار رؤسائها، بما فى ذلك المحكمة الدستورية العليا، وهذا لا يمس تماما استقلال القضاء أو العمل القضائى، فكما ذكرت لك لا أحد يتدخل فى العمل القضائى، المجلس الدستورى الفرنسى على سبيل المثال يعطى لرئيس الجمهورية سلطة ترشيح 3 من أعضائه.

كيف ترى تعديل المادة 200 الخاصة بمهمة القوات المسلحة؟

التعديل ينص على أن القوات المسلحة هى ملك للشعب مهمتها حماية البلاد، والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها وصون الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتساب الشعب وحقوق وحريات الأفراد..»، الهدف منه هو إعادة صياغة مهمة ودور القوات المسلحة، فى حماية البلاد وصوت الدستور والديمقراطية والحفاظ على مدنية الدولة.
 
القوات المسلحة لعبت بالفعل دورها فى الحفاظ على الديمقراطية ومدنية الدولة، بموقفها خلال ثورتى 25 يناير و30 يونيو، والتعديل فقط يؤكد على هذا الدور، ولولا تدخلها فى الوقت المناسب لتحولت مصر لبرك من الدماء، وبالتالى فدورها فى حماية الدستور ومدنية الدولة هو دور تاريخى وواجب عليها لا يقل أهمية عن دورها فى حماية البلاد والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها.

هل تنحاز للقول بأن مدة الأربع سنوات بالفعل غير كافية لفترة الرئاسة؟

واضعو دستور 2012 وتعديلاته فى دستور 2014، اعترفوا بالفعل أن مدة الـ 4 سنوات تم أخذها عن النظام الأمريكى، واعترفوا كذلك بفشل هذا النظام فى مصر، لأن مدة السنوات الأربعة لا تتناسب مع دول مرت وتمر بمثل هذه الظروف، وهى غير كافية لتحقيق أى إنجازات أو تطبيق خطط وبرنامج رئيس الجمهورية.
 
وبغض النظر عن الرئيس الحالى، أرى أن الأصل فى الترشح هو حرية المنافسة، وحرية الترشح دون التقييد بمدد وفترات معينة، وأن يتم فتح الباب للجميع، وفتح الفترات والمدد، طالما أن الشعب هو صاحب الاختيار فمن حق الجميع أن يترشح، ومن حق الشعب أن يوافق عليه من عدمه، وأن يختار أيا من بين المرشحين، المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على سبيل المثال ترشحت لأربع فترات حتى الآن وتم اختيارها دون التقيد بفترتين أو أخرى.
 
صبرى السنوسى (3)

هل هناك رسالة توجهها للمصريين؟

أوجه حديثى للجميع، وأدعو كل من له حق الانتحاب أن يشارك فى عملية الاستفتاء على التعديلات الدستورية، سواء بالموافقة أو الرفض، المهم هو المشاركة، لأن ذلك واجب علينا جميعًا.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق