عقدة "جيزي" تلاحق أردوغان.. سلطان أنقرة يقطع أشجار إزمير على طريقة "داعش"

السبت، 13 أبريل 2019 06:00 م
عقدة "جيزي" تلاحق أردوغان.. سلطان أنقرة يقطع أشجار إزمير على طريقة "داعش"

لا يفرق رجب أردوغان، بين قطع رؤوس البشر من المعارضين له، وبين قطع الأشجار، إذ يبدو أن احتجاجات "جيزي" عام 2013، التي بدأت بالتنديد بقطع أشجار المنتزه، وانتهت إلى المطالبة برحيله، جعلته يعادي كل ما هو أخضر.
 
وضع حزب العدالة والتنمية الحاكم، برئاسة رجب أردوغان، وأثناء رئاسته لبلدية إزمير طوال السنوات الأربع الأخيرة، خطة لقطع 1000 شجرة زيتون في البلدية العام 2015؛ بحجة تنفيذ أعمال الطريق الجديد الذي يقع بالقرب من قرية "إيلك كورشون" التابعة لمقاطعة أوديميش في إزمير غرب الأناضول.
 
وفي موقع مشابه، كابر سلطان أنقرة في الاعتراف بالهزيمة المدوية والفادحة التي تلقاها، خلال الانتخابات البلدية الأخيرة، والتي تأكد خسارته لأهم المدن، إسطنبول وأنقرة وإزمير وأنطاليا، وذلك في محاولة لكسب مزيد من الوقت لمحو وإتلاف الملفات والمستندات التي تدين حزبه العدالة والتنمية الحاكم، وتثبت فساد رجاله، وأيضًا كمحاولة للتعتيم على مشروعاته الفاشلة في هذه المدن، وأبرزها قطع الأشجار.
 
أعمال قطع الأشجار لا تزال جارية في البلدية تنفيذًا للمشروع الذي بدأه الحزب الحاكم، فيما قال عدد من أهالي القرية، في تصريحات نقلتها صحيفة "ديكان" التركية، اليوم الجمعة، إنهم يقاتلون منذ 4 أو 5 سنوات لمنع قطع أشجار الزيتون، وأكدوا عدم تمكنهم من التحدث إلى أي شخص لمنع تلك الأفعال التي وصفوها بـ"المجزرة البيئية".
 
نائب رئيس جمعية التضامن لشعوب القوقاز في قرية إيلك كورشون، رفعت ديريك، قال إن أصغر الأشجار المزمع قطعها يرجع تاريخ زرعها ما بين 50 إلى 60 عامًا؛ مضيفًا "ما يستهدفونه من قطع كل تلك الأشجار هو اختصار الطريق لمسافة 100 متر فقط".
 
وأضاف " إذا لم يتم منع قطع الأشجار، فلن تكون في قريتنا مراعي، نحن نريد توسيع الطريق السريع الحالي، ولكن نرغب في الوقت نفسه في حماية تاريخ الطبيعة والأشجار الخضراء".
 
في عهد العدالة والتنمية، تعددت مذابح الأشجار في البلديات المختلفة، واختفت الغابات، وتقلصت المساحات المزروعة، وهجر الفلاحون الأراضي بعد الارتفاع الرهيب في أسعار البذور والمبيدات، في حين تعرض نشطاء البيئة والعاملون في القطاع إلى ملاحقات أمنية انتهت بوضعهم في السجون. 
 
وفقا للإدارة العامة للإنتاج الزراعي في وزارة الأغذية والزراعة والثروة الحيوانية، انخفضت نسبة الأراضي المزروعة خلال عام 2017 مقارنة بـ 2016 بمعدل 336 ألف هكتار لتصل إلى 23 مليونا و375 ألف هكتار.
 
تراجعت المساحات الخضراء من 27 مليونا و856 ألف هكتار في 1990 إلى 26 مليونا و579 ألف هكتار في عام 2002، وتقلصت من 23 مليونا و939 ألف هكتار في 2014 إلى 23 مليونا و711 هكتارا في 2016، أما أكبر انخفاض شهدته البلاد حدث خلال 2017 بواقع 336 ألف هكتار.
 
حسب بيانات وزارة الزراعة، شهدت مساحات المراعي تراجعا حادا في الفترة من 1970 - 2017، بعد انحسار مساحتها من 21 مليونا و998 ألف هكتار، لتصل إلى 10 ملايين و 984 ألف هكتار، وتخسر تركيا 10 ملايين و713 ألف هكتار. 
 
مساحات إنتاج نباتات الحقول انخفضت من 18.8 مليون هكتار عام 1990 إلى 15.5 مليون هكتار في 2017، وتراجع عدد المزارعين المسجل منذ 2002 من 2 مليون و588 ألفا و666 شخصا، ليصل إلى 2 مليون و132 ألف شخص، بواقع 465 ألفا و 175 شخصا.
 
اقتلعت جرافات النظام ما يقرب من 199 شجرة من حديقة ماتشقا، أكبر المسطحات الزراعية المتبقية في مدينة إسطنبول، ونقلت 85 شجرة من أصل 199  إلى منطقة صاري يار، و 114 شجرة إلى مناطق أخرى، بعد إعلان البدء في تجفيف الأشجار، في شهر فبراير الماضي، حيث أزيلت أشجار السرو الزرقاء والسوداء التي تم اقتلاعها من حديقة ماتشقا في غضون 8 أشهر.  
 
مرر إردوغان قانونا مشبوها عام 2012 يسمح له باستغلال المحميات الطبيعية في إقامة مشاريع تجارية، وبيعها إلى الشركات الكبيرة، في انتهاك واضح للدستور التركي الذي ينص في المادة 56 منه على الحق بحياة متعافية وطبيعة متوازنة.
 
سمحت الحكومة بالاستثمار في مساحة 4.1 مليون هكتار (16592 كيلو مترا مربعا) من الغابات، بعد أن منحت رجال الأعمال الموافقات على إقامة مشروعاتهم على الأراضي الزراعية، ووصلت قيمة العقود التي أبرمتها الحكومة مع شركات مقربة منها إلى نحو 150 مليار دولار في منطقة البحر الأسود فقط وفق ما أعلنته خديجة حجي صالح أوغلو، عضوة منصة مقاومة البحر الأسود وهي منظمة تكافح من أجل وقف تدمير البيئة المحلية.
 
ذكرت صالح أوغلو أن المنطقة تحولت إلى موقع بناء، محذرة من أن المشروعات لا تؤدي فقط إلى تدمير المساحات الخضراء، وإنما إلى تغيرات سكانية، بسبب الهجرة الناتجة عن الأضرار البيئية، ووجهت صرخات استغاثة بقولها: إنهم يأخذون المياه من أنهارنا ويقطعون أشجارنا ويحفرون أرضنا لإقامة المناجم، حسب ما نقله موقع أحوال التركي.
 
مجازر العدالة والتنمية ضد الأشجار، لم تنته عند هذا الحد، ففي نوفمبر 2014 وافقت وزارة البيئة على مشروع مجمع تشالداغ للنيكل والكوبالت والحديد بمحافظة مانيسا غرب البلاد.
 
وأكد الخبراء قطع مليوني شجرة في منطقة تشالداغ التي تضم أكبر احتياطي محتمل للنيكل الخام في تركيا بإجمالي 29.7 مليون طن.
 
وفي نفس المحافظة لكن في بلدة سوما وقعت مذبحة أشجار أخرى،حيث قطعت مجموعة شركات كولين المقربة من الحكومة 6 آلاف شجرة زيتون، من أجل إنشاء محطات توليد الطاقة الحرارية، وشبه بعض المعارضين قطع العدالة والتنمية للأشجار بـ"داعش" التي تقطع رؤوس الأبرياء.
 
ومع كل قرار تتخذه الحكومة التركية بحق الطبيعة، تشهد تركيا احتجاجات متكررة من أجل حماية الأشجار لاسيما التي تمتد أعمارها لعشرات السنين.
وتسببت الأشجار في أكبر عصيان مدني ضد إردوغان خلال عام 2013، وتظاهر مئات الآلاف في منتزة "جيزي" بإسطنبول احتجاجا على قطع أشجار المنتزه لبناء متجر عليها مطالبين بخلع إردوغان ما دفع الحكومة لقمع التظاهرات بشدة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة