المصير المجهول

الجمعة، 03 مايو 2019 02:41 م
المصير المجهول
شيرين سيف الدين

 
أصعب ما يمكن أن يواجهه الإنسان في حياته هو المصير المجهول والتحول المفاجئ من الأمان للخوف والوحدة .
 
قرأت مشكلة على صفحة أطفال مفقودة على موقع فيس بوك عن مأساة لشاب يحاول البحث عن أسرته حيث تم العثور عليه وهو طفل رضيع وتم إيداعه إحدى دور الرعاية وأكمل حياته في تلك الدار وهو لايزال يكمل تعليمه إلا أنه اقترب من بلوغ سن ال ١٨ عام وهو السن القانوني الذي من المفترض أن يترك فيه الدار كغيره من أبناء الدار ، وقد أعرب ذلك الشاب عن خوفه ورعبه من مواجهة المجهول فهو لا يملك قوت يومه ولا يعمل وليس لديه دخل كي يستأجر شقة ، وكل ما يخشاه هو أن يضطر في نهاية المطاف للانحراف وتكملة حياته في الشارع دون ذنب جناه .
 
توقفت عند تلك الرسالة بغصة في قلبي وشعور بالمرارة والعجز عن مساعدة مثل هؤلاء الشباب من أبناء وطني ، فكلما فكرت في تلك المشكلة ووضعت نفسي مكانهم أشعر بالأسى والألم يمتلكني ولا أستطيع تخيل شعورهم في اليوم الذي يضطرون فيه للمغادرة دون سند يلجؤون إليه ،  فبالفعل ماذا يستطيع أن يفعل ذلك الشاب وأمثاله وإلى أين يذهبون وكيف لهم أن يكملوا حياتهم ؟ أفلا يكفيهم مرارة الفقد والعيش دون أم أو أب أو أهل ؟ ألا تكفيهم نظرات المجتمع الظالمة لهم فقط لأن ظروفهم اضطرتهم أن يجهلوا أسرهم ؟ هل يُعقل أن يُترَكوا فجأة في العراء لمواجهة قسوة الحياة بعد أن كان لهم مأوى لا يعرفون غيره ؟ وهل ننتظر حتى يتحولوا لمجرمين رغما عنهم كي يستطيعون العيش ؟  
 
لقد ناديت منذ فترة في مقال سابق بضرورة اهتمام الدولة بهؤلاء المساكين والنظر إليهم بعين الرحمة وحمايتهم من الدمار الذي قد يلحق بحياتهم عقب إلقائهم في الشوارع فجأة ، فكما اهتم سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي بسكان العشوائيات ووجه بنقلهم لمساكن آدمية  أتمنى أن يوجه الحكومة أيضا بتخصيص مساكن لخريجي دور الرعاية تأويهم حتى وإن كانت مكونة من غرفة واحدة لكل شخص يحتمي بين جدرانها إلى أن تتحسن ظروفه ويستطيع بناء حياة جديدة أفضل ، وهو أمر إن تم لن ينساه الوطن ولا أبناء تلك الدور مدى الحياة ،  وسيسطره التاريخ ضمن إنجازات هذه الحقبة الخاصة بمراعاة المواطن ورعاية حقوق الإنسان.
 
أعلم جيدا أيضا أن هناك من رجال الأعمال في مصر من يرغبون دائما في مساعدة المحتاجين وتقديم خدمات خيرية للمجتمع ولا أعتقد أن خيرا أفضل من إيجاد فرص عمل لهؤلاء الشباب في مؤسساتهم الخاصة ومساعدتهم على الكسب الحلال وحمايتهم من الضياع ، والبدء في حياة جديدة وكريمة بدلا من أن يتجهوا لطريق الانحراف الذي قد يبقى ملجأهم الوحيد للبقاء على قيد الحياة .
 
إن هؤلاء الشباب هم أبناء مصر وعلى الدولة إنقاذهم والحفاظ عليهم والاستفادة منهم ومن طاقاتهم بدلا من أن يتركوا في العراء بلا أهل ولا مأوى ولا عمل ثم نطالبهم بالالتزام بالقانون والولاء والانتماء للوطن الذي لفظهم  !

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق