أحلام في المخيم...

الثلاثاء، 25 يونيو 2019 05:00 م
أحلام في المخيم...
د. ماريان جرجس

 
مجرد خبر ضمن عناوين الأخبار المذاعة على رأس كل ساعة، عُنوان مكرر معتاد لا يحظى بانتباهنا مثل أخبار الكرة والفن، أو حتى يحتل مساحة خبر غير هام  التهم  صفحات السوشيال ميديا.
 
الخبر عنوان "مخيم دوميز للاجئين السوريين بشمال العراق يحلمون بالعودة لوطنهم بعد سبع سنوات".. حقا واقع أليم !، لكن الأشد إيلاما من ذلك الواقع، أنه فرض نفسه على هؤلاء اللاجئين فأصبح التأقلم معه حتميًا، ما أبشع أن تكون الفاجعة  أمرًا مزمنًا تختفي ملامحها بين طيات الزمن.
 
الملفت في الخبر أن سوريا والعراق الشقيق، الاثنان حالهم ليس الأفضل من بعضهما البعض، فتُرى ما الذي جعل قرابة 32 إلف نسمة تذهب إلى مخيم " دوميز" فى شمال العراق، ويتدفقوا  إلى هذا المخيم بل ويقيموا أيضًا مخيم " دوميز" 2، الذي يبعد عن الحدود السورية بحوالي 60 كيلومترًا، ويقع في إقليم كردستان.
 
بالطبع، الأمر كان قسريًا، تعرضت بلادهم لظروف قاسية داخليًا وخارجيًا وكان البحر من أمامهم وأحلامهم من ورائهم، أحلام ولدت في المخيم بعد أن ضاعت ممتلكاتهم وحياتهم وبيوتهم، فصاروا في انتظار مساعدات دولية ومساعدات طبية مثل حركة أطباء بلا حدود، ومصائرهم تقررها المفوضية الدولية لشؤون اللاجئين، ولد 3000  طفلا داخل المخيم وولدت معهم الأحلام، حلم الأب أن يعود إلى الوطن الذي تركه وحلم الطفل أن يرى الوطن الذي سمع عنه فقط، حلم الحياة الآدمية التي تتيح لهم حرية الاختيار في كافة الشؤون الحياتية.
 
من المسئول عن مصائر هؤلاء المواطنون لا اللاجئون؟.. ربما لم يجدوا وقتها في بلادهم من يستطيع أن يمسك بزمام الأمور ويقبض بقبضة قوية على شؤون الدولة مثلنا؟، فيتصدى إلى العدوان الثلاثي؛ ذلك الفيروس الذي اشتهر به "الربيع العربي" كما أطلقوا عليه والذي كاد أن يودى بالوطن العربي كله؟.
 
الفيروس الثلاثي المكون من انشقاق في صفوف أبناء الوطن الواحد، فصائل مسلحة ، إرادة بعض الدول الخارجية لتفكيك دول الوطن العربي والاستفادة من النفط وخيرات أرضها، أي التدخل الخارجي.
 
هذا الفيروس  العلاج له سوي القبضة الحديدية الحكيمة على الأمور قبل أن تنفلت زمامها لنلق هلاكنا جميعًا، هذا هو العلاج الذي لجأت له مصر وقت حدوث الأزمة في البلاد ما بين 2011 و 2013، وتنبهت له واستجمعت كل إرادتها  لتصد كل  محاولة للتدخل الخارجي في شؤونها، موحدة الصفوف في وقت قياسي، فعامل الوقت هو الأساس في تلك المعادلة بل مفتاح السر، فالبلاد التي أصيبت بذلك الوباء وتفككت كانت في إرادتها أن توحد صفوفها أمام العدوان ولكن التواني والتباطؤ كان السبب في  كثير من المخيمات وقوارب الموت في المتوسط .
 
ليس " دوميز"  فقط  هو المخيم الوحيد الذي به أحلام لا تستطيع أن ترى النور، بل هناك ألاف "دوميز" ولكن ليتنا نعي.
 
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق