30 يونيو ليست النهاية

الأحد، 30 يونيو 2019 12:54 م
30 يونيو ليست النهاية
هشام السروجي يكتب:

لم تكن ثورة 30 يونيو نهاية جماعة الإخوان، ولا نهاية المخاطر التي تحاول تطويق الدولة المصرية وحصارها، بل كانت بداية للحرب الشاملة معهم، ومرآة عكست الوجه الدميم للتنظيم، الذي حاول إخفاءه منذ تأسيسيه.

خصوصية 30 يونيو كانت في أنها محاولة شعب أن يبقى حيًا، لم تكن ثورة رفاهية تنادي بعبارات الديمقراطية والكرامة والحريات. فسيطرة الإخوان على السلطة هدد وجود المصريين، الأمر الذي فرض ضرورة بدء المواجهة مع الجماعة، بل مواجهة بين الحياة وبين جماعة ظلامية، وكأنها انتقلت عبر آلة الزمن من العصور الوسطى، حيث لغة الدماء والقتل فقط.

بعد أن اعتلت جماعة الإخوان سدة الحكم، مرت أشهر معدودات، كانت كافية أن تكشف ضحالة وجنون العقلية التي تدير مصر، الكل أجمع على أن مصر أمام سيناريوهين لا ثالث لهما، إما أن تستمر الجماعة وتسقط الدولة في بئر لا قرار له؛ فتغرق في التطرف والانقسام المجتمعي الذي استحضر في المشهد شبح الحرب الأهلية، أو الثورة وخلع الجماعة من جذورها والقضاء على جميع روافدها، وإجهاض مشروعها في الداخل والخارج.

كانت مصر في تلك اللحظة كالمريض، حين يطرحه المرض على فراش الموت، في غرفة الإنعاش، أعضاءه الحيوية تنهار. أتذكر أن عشرات المنتمين للتيار الإسلامي، ومنهم شباب إخوان حدثوني حينها عن أن رحيل الإخوان عن الحكم أمر لا مفر منه، الكل كان يرى الواقع مجردًا من الهلاوس، لذا كان القرار بوجوب إنهاء تلك الحقبة في الحال. تحلق الجميع حول هذا الهدف المصيري، وتجلت غريزة البقاء التي هددها أنصار الجماعة، وأدرك العقل الجمعي أن المعركة هي معركة وجود.

كل الطرق كانت تؤدي إلى 30 يونيو، المعطيات كانت واضحة كالشمس، مكتب الإرشاد نفسه كان يرى النهاية قادمة، في الفيلم الذي أنتجته قناة الجزيرة القطرية عن الساعات الأخيرة في حكم الرئيس السابق محمد مرسي، اعترف خالد القزاز سكرتير المعزول، أن قيادات الجماعة نفسها غادرت خطاب مرسي يوم 26 يونيو، اعتراضًا على ما تضمنه من جنون وغرابة. كل الممارسات كانت تؤكد على ضرورة أن يرحل أبناء البنا عن قصر الإتحادية.

تنصلت الجماعة على مدار عقود من كل مناهج التطرف التي تأسست عليها، ووقائع العنف والدم التي يزخر بها تاريخها، ونصبت مجالس الندب الكربلائية مع كل تأريخه توثق إرهابها، مدعية أنها اتهامات باطلة، لكن فترة ما بعد 30 يونيو كانت «كاشفة»، ووثيقة تاريخية حية على إرهاب الجماعة وتعطشهم للدماء.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق