محمد سعد عبد الحفيظ وكلية الإعلام... ألم تسمع نصيحة بطوط من قبل؟

الأحد، 14 يوليو 2019 07:14 ص
محمد سعد عبد الحفيظ وكلية الإعلام... ألم تسمع نصيحة بطوط من قبل؟
طلال رسلان يكتب

يبدو أن الصحفي محمد سعد عبد الحفيظ لم تمر عليه، ولو صدفة، قصة مجلة "بطوط" التي ينصح فيها رئيس التحرير، المدون منصبه على باب جانبي، صحفيا مبتدئا بأن الصحفي الحق لا يخشى قول الحقيقة، عندما قرر رمي الحجر في بئر شرب منه ماء بنصيحة على طريقة السم في العسل محذرا خريجي الثانوية خوفا على مستقبلهم بألا يقتربوا من التفكير بشغل أحد رغباتهم بكلية الإعلام لكي لا تكون مدخلا لشغلانة الصحافة.
 
053d0d3a-24e4-4067-8699-32b6f14cf21c
 
بكل أسف، عام على عوم سعد كثيرون يحملون كارنيه نقابة الصحفيين بل وموكلين عنهم، بغض النظر عن وجهة نظرك في النقابة وكارنيهها الموقر في الأساس، ولكن على الأقل ربما لم يكن لديك مانع بضم هؤلاء إلى قائمة من لا يستحقون حمله.
 
القضية لا تحتمل المزايدات، وبعيدا عن إقحام التفلسف، فإذا ما واربنا الباب لنظرية عبد الحفيظ ورفاقه، بعدم الاقتراب أو التصوير من مهنة الصحافة، لكان تاريخنا الصحفي بورا لا ممر فيه لأولياء الكتابة الصالحين هيكل، ومصطفى وعلي أمين، والتابعي، ومحمود عوض، ومصطفى شردي، وغيرهم من جيل إلى جيل يبدو بأنهم لم يعدلوا سعد عبد الحفيظ عن نصيحة ربما تحمل أعلى درجات التطرف في الأنانية، ففي الأخير ارتضى هو خوض غمار معركة الصحافة وسد شغفه وحرمها على المستقبل، هذا إن لم يكن دخوله إلى المهنة في الأساس كان من باب السبوبة ليس إلا.
 
حسنا، لقد تخطينا إذا مرحلة اللامعقول بزمن، يفترض أن أحد المحسوبين على الصناعة قرر فجأة، وهو يقتات أصلا من المهنة ولم يتركها حتى كتابة هذه السطور بل ويستميت على منصبه، يدعو طلاب الثانوية العامة أن يلفظوها من تفكيرهم، إذا فمن الأحرى به أولا أن يقفز من السفينة الغارقة من وجهة نظره، وليبحث المدعون عن شماعة أخرى غير إقحام شماعة سقف الحريات والمسموح واللامسموح فلن يفيدهم ذلك إذا ما طرقنا أبواب التاريخ بظروف ومد أكثر شراسة مئات المرات لو جابهه أمثال عبد الحفيظ لربما اختاروا انتظار قطار خطابات القوى العاملة.
 
بالمنطق لو افترضنا أن نصيحة سعد عبد الحفيظ ردة فعل طبيعية عن تحربة شخصية فاشلة، كيف يمكن بأي حال من الأحول غل يد أجيال ربما اختارت هذا الطريق كمرآة لأحلامها، أو حتى إقحامهم في نتيجة تجربة وإرغامهم على دفع الفاتورة أو الحساب على المشاريب.
 
البوح بمشاعر الانكواء بالتجربة هنا لم يلامس شيئا من العدل بأي حال من الأحوال، فهي كإرغام شخص لا يعرف شيئا عن السباحة بالنزول إلى المحيط، فماذا إذا عقدنا العزم على تكبيله بسلاسل أحكام شخصية.
 
دائما لكل مهنة أوزارها، ودائما هناك حلول أو حتى تحايل على الحلول، غير أن أوزار الصحافة، التي من الواضح أنها جانبت عبد الحفيظ الصواب، تتعلق بدرجة الإيمان وتجديد الشغف وحلاوة البدايات بعد التعثر، واستحضار الأمل بعد الأمل. نعم كثيرون يقعون في منتصف الطريق، ويتعثرون لضيق الحال، وأكثر منهم لم يستطع بدء الطريق أصلا، لكن أضعافهم يخلقون لشغفهم ثغرات يبنون بها سفينة نوح.
 
فإذا كان سعد لا يرى أملا أو مستقبلا لمهنة الصحافة، فلماذا لا يقدم استقالته من مجلس النقابة، ويترك مقعده للحالمين، والذين يأخذون على عاتقهم الدفاع عن المهنة وتطويرها، بدلا من المساهمة في تدميرها؟
 
أما لو كانت نصيحة عبد الحفيظ ورفاقه والموافقون على مضد من قبيل الدعابة أو المشاركة في تريند الثانوية العامة بمزيد من اللايكات وال «ها ها ها ها»، فهي في الواقع دعابة سخيفة وجب الاعتذار عنها لغسل ماء الوجه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة