ضياع الأيتام بين التبني والكفالة

السبت، 12 أكتوبر 2019 01:51 م
ضياع الأيتام بين التبني والكفالة
سمر جاد

 
قال رسول الله (ص) "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة"، وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى.. لقد ألهمتني قصة السيدة رشا مكي وطفلها المكفول كثيراّ، وقررت أن أساعدها في نشر الوعي المجتمعي الخاص بقضية كفالة الأيتام في مصر، فلقد عانت رشا من البيروقراطية في الإجراءات وواجهت العديد من العراقيل خلال مشوارها في كفالة مصطفي منذ ستة سنوات، ويتم حاليا العمل على تعديل الكثير من تلك الإجراءات لإزالة العراقيل وتيسير الإجراءات على الأسر الراغبة في كفالة يتيم في بيتها، لكن يعد تعديل الإجراءات -على ما يبدو- أسهل كثيرا من تغيير مفاهيم المجتمع حول كفالة اليتيم.
 
مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، وكما فعلت رشا وغيرت مصير طفلاّ لينعم بمستقبل أفضل يستطيع كل من يقرأ مقالي هذا، مساعدة كل طفل يتيم على أرض الوطن بنشر الوعي بشأن تلك القضية، و من ثم إحداث التغيير الثقافي اللازم، فهناك آلاف الأطفال مثل مصطفى مازالوا ينتظرون من يحنو عليهم ويمنحهم الحب والأمان الذي يفتقدون إليه، وينتظرون من ينتشلهم من مصير قد يكون حالك الظلام.
 
سأجيب في هذا المقال عن الكثير من التساؤلات التي تبدر إلى الأذهان لتوضيح بعض المفاهيم وإزالة الكثير من التخبط.. السؤال الأول: هل التبني مسموح به في مصر؟.. التبني غير مسموح به لأسباب تتعلق بحفظ الأنساب والمواريث كما جاء في الشريعة الإسلامية، لكن ما هو مسموح به هو نظام الكفالة المنزلية.
 
السؤال الثاني : هل يمكنني كفالة طفل بالمنزل؟.. خلافا لما هو متعارف عليه من مفهوم للكفالة، ففي الواقع لا تقتصر كفالة اليتيم على إرسال مبلغ دوري لدور الأيتام، لكن المفهوم الاشمل والأصح هو كفالة اليتيم في المنزل، ولم تكن هناك ملاجئ أيام الرسول (ص) و كان الناس يربوا اليتامى في منازلهم تبعا لدرجة القرابة، لكن مع انتشار ظاهرة العثور على أطفال رضع- مجهولي النسب والهوية- في الشارع و إيداعهم الملاجئ، أصبح لدينا آلاف الأطفال بلا هوية وبلا ماض وفي كثير من الأحيان بلا مستقبل.
 
 السؤال الثالث : لماذا قد يفكر البعض في الكفالة المنزلية؟.. قد يرغب البعض ممن حرموا من نعمة البنين من اتخاذ طفلا كأبن أو ابنة لهم حتى يشعروا بمتعة الأبوة، و قد يفعل ذلك البعض-حتى ممن رزقهم الله أطفالا- ،من أجل عظيم الثواب.
 
السؤال الرابع: هل الكفالة المنزلية حلال أم حرام ؟ و ما الفرق بينها و بين التبني؟.. الكفالة المنزلية حلال حلال، بل وتدخل كافل اليتيم أعلى مراتب الجنة كما ذكر في الحديث الشريف، والفارق بسيط جدا بينه وبين مفهوم التبني، فالكفالة تعطي للكافل مسئولية الرعاية الكاملة والمستمرة للطفل المكفول كما هو الحال في التبني، ومن المسموح للكافل أن يغير الاسم الأول ولقب العائلة ليتخذ لقبه دون المساس باسم الأب للحفاظ على الأنساب، كما أنه على عكس الطفل المتبنى فان الطفل المكفول لا يورث الكافل.
 
السؤال الخامس : أريد أن يورثني ابني المكفول فليس له غيري في الحياة فماذا أفعل؟.. لن يكون المكفول ضمن الورثة الشرعيين للكافل، لكن يجيز الشرع تخصيص نصيب له (أو لأى شخص) في صورة هبة، وبذلك يتم ضمان استمرارية منح المكفول حياة كريمة.
 
السؤال السادس : لدي أطفالا بنين وأريد تبني فتاة ولكنني أخشى الاختلاط فماذا أفعل؟.. يمكن كفالة الطفلة و إرضاعها بدون حمل من خلال أدوية يصفها أطباء التوليد وأمراض النساء، وبذلك تصبح أختهم في الرضاعة.
 
السؤال السابع: ماذا أفعل لأكفل طفل في بيتى؟.. أولا يمكنك الاتصال على الخط الساخن المخصص من وزارة التضامن الاجتماعي للاستفسارات وهو 19828، ويكون التقديم من خلال مكاتب الشئون الاجتماعية أو من على موقع الوزارة
     
في المقال القادم انتظروا المزيد من الإجابات و التفاصيل عن الإجراءات المطلوبة.
 
 
 
 
 

 

تعليقات (2)
كفاله اليتيم
بواسطة: Nada
بتاريخ: السبت، 12 أكتوبر 2019 04:57 م

معلومات جميله و مفيده نرجو الاستمرار

التبني
بواسطة: اليوسفي
بتاريخ: الأحد، 19 يناير 2020 03:44 ص

رأيي في التبني: هل تحريم التبني مرتبط بمنظومة تشريعات قرآنية فى الميراث و الزواج حتى لا يكون للابن المتبنى حقوق ليست له؟ سؤال طرحه أحد الأصدقاء المفترضين، وكان جوابي كالآتي: الإشكالية توجد في مفهوم الوالد (géniteur ) فهي مسألة بيولوجية تقوم بها حتي الحيوانات الثديية . أما الأب (le parrain ou l'éducateur ) هو من أب بتشديد الباء وهي بمعنى نما ينمو. ونقول أبت المشاتل يعنى نمت وربت. هذا لغويا .أما واقعيا فإن من يرعى الطفل ويتكفل بنموه وتربيته قبل الفطام ،فإنه هو الأب .فالأب في غياب الوالد أو موته أو في حالة الطلاق هو الذي يخرج الطفل من المرحلة البهيمية إلى مرحلة الإنسان .مع العلم أن لا أحد يولد لقيطا أو كافرا أو جبارا فأبواه يمجسانه أو يهودانه ..... وقد ذكر الله تعالى في ذكره الحكيم الوالد والأب بكل دقة. (ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا) وليس كما ولداني صغيرا. والحديث الشريف يقول (أدعوهم لآبائهم )وليس لوالديهم . وللحفاظ على كرامة الإنسان وللحيلولة دون وجود أطفال الشوارع والمجرمين الذين لا رحمة لهم، أوصى الله باليتامى في عدة آيات . ومن الأفضل للمجتمع قبول التبني وما يترتب عليه من إرث و نسب ورحمة. أما الكفالة فتكون للطفل اليافع أو للعاقل الذي يعرف أحد والديه ،كما فعل الرسول عليه السلام مع زيد ،فقد تكفل به وهو يافع ،ولما أتى أبوه وعمه تعرف عليهما ،حينها طلب منه الرسول أن يختار الرجوع إلى أهله أو البقاء معه ،ففضل البقاء .وهذا ما جعل الفقهاء يقيسون عليه . الكرامة والرحمة والهوية الإنسانية قبل المسائل المادية الإنسان لا يختار بيئته ولا زمنه ولا مجتمعه. ولا جيناته. ولون عينيه. ولا يختار أبويه فهو سجين هذه الأسوار.

اضف تعليق


الأكثر قراءة