خسائرها تفوق الحروب العسكرية.. هكذا تهدم الـ«سوشيال ميديا» اقتصاد دول الشرق الأوسط

السبت، 02 نوفمبر 2019 08:00 م
خسائرها تفوق الحروب العسكرية.. هكذا تهدم الـ«سوشيال ميديا» اقتصاد دول الشرق الأوسط
السوشيال ميديا
هبة جعفر

أصبحت «السوشيال ميديا» شريكا أساسيا فى الحياة العامة سواء من خلال نشر الأخبار وتداولها أو التسوق وبيع المنتجات، وخلال فترة قصيرة تحولت مواقع التواصل الاجتماعى إلى سلاح ذو حدين، من خلال نشر الشائعات والترويج لها، ما يؤثر على المجتمع والاقتصاد المصرى، فضلا عن استخدامها فى الترويج والتسويق فيما يعرف بالاقتصاد غير الرسمى، الأمر الذى يطرح تساؤلا حول تأثير «السوشيال ميديا» على الاقتصاد المصرى والسيطرة عليه من خلال خبراء الاقتصاد.

الدكتور محمد راشد، الخبير الاقتصادى والمدرس بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة بنى سويف، يؤكد أن الشائعة عبارة عن أخبار مفبركة تغير من شكلها وأسلوبها مع الوقت ويتم تداولها ونشرها عبر وسائط متعددة أبرزها حاليا وسائل التواصل الاجتماعى، والتطور الهائل الحادث فى تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، ما يسهم بدرجة كبيرة فى انتشار الشائعات بين قطاع عريض من الجماهير فى زمن قياسى.
 
وأضاف راشد: «تعتبر الشائعات إحدى أدوات أسلحة الحروب الاقتصادية التى تستخدم لزعزعة الاستقرار الاقتصادى داخل دولة معينة، ومن ثم مع الوقت ينعكس ذلك إلى حالة من عدم الاستقرار السياسى، وبالتالى فالشائعات الاقتصادية يمكن أن تستخدم من قبل أجهزة استخبارات لدولة معينة لضرب اقتصاد دولة أخرى، وتسخر كل وسائل الإعلام المرئى والمسموع والمقروء لنقل هذه الشائعة، ويتم التركيز على وسائل التواصل الاجتماعى التى تسهم فى الانتشار السريع للشائعة، عن طريق قيام رواد التواصل الاجتماعى بتناقل ونشر هذه الشائعة على اعتبار أنها حقيقة، وقد يدركون أنهم بذلك ينشرون الوعى بين أصدقائهم على منصات التواصل الاجتماعى».
 
ويكمل الدكتور محمد راشد، حديثه بقوله «على سبيل المثال يمكن لداعمى الحروب الاقتصادية نشر شائعة عن قرب إفلاس بنك معين، ما يدفع المودعين إلى الهرولة نحو البنك لسحب ودائعهم، وبالتالى لا يستطيع البنك الوفاء بكل هذه الأموال دفعة واحدة لأنه قام بإقراضها لآخرين، ومع تطور الشائعة يمكن أن تمتد لبنوك أخرى داخل القطاع المصرفى، ما يفقد المواطنين الثقة فى البنوك، ومحاولة سحب ما لهم من أموال بداخلها، ما يعرض القطاع المصرفى بأكمله لأزمة حقيقية قد تودى به إلى غياهب غير معلومة جراء شائعة ليس لها أى أساس من الصحة وموجهة بالأساس لضرب العمود الفقرى للاقتصاد ممثلا فى القطاع المصرفى».
 
وأوضح راشد، أنه قد يقوم ببث الشائعة إحدى الشركات المنافسة داخل السوق من أجل إزاحة منافس آخر من على قمة السوق واحتلال مكانه ولو بشكل مؤقت، كنشر شائعة بأن سيارة معينة بها عيوب فى التصنيع، وبالتالى لن يخاطر كثيرون بدفع مبالغ طائلة لشراء مثل هذه السيارة، وبالتالى تقف مثل هذه الشائعات كحائط صد أمام المستثمرين الأجانب إذا كانت لغة الشائعات مسيطرة على السوق دون رادع أو تصدٍ حقيقى.
 
وقال الخبير الاقتصادى: «بوجه عام تؤثر الشائعات على الاقتصاد بشكل سلبى وتزعزع ثقة المستثمرين سواء المحليين أو الأجانب فى الاقتصاد الوطنى، فالشائعات ذات الطابع الاقتصادى هى أداة من أدوات الإرهاب الاقتصادى للنيل من الوطن، وبالتالى يتطلب الأمر من كل أجهزة الدولة الرصد السريع والتصدى المبكر لمثل هذه الشائعات فى مهدها، وأن يكون الرد المكثف من خلال نفس وسائل الإعلام التى انتشرت منها الشائعة عبر خبراء متخصصين، وفى نفس الوقت تقوم الأجهزة الأمنية بدورها فى تتبع مصدر الشائعة للتعرف على الجهة التى أطلقتها فى هذا التوقيت تحديدا، ولا سيما أن أعداء الخارج قد يقومون بتجنيد عملاء لهم من الداخل مقابل مبالغ مالية للاشتراك فى هذا المخطط».
 
مما قاله الدكتور محمد راشد، يمكن استنتاج أن الشائعات الاقتصادية اليوم قد تفوق خسائرها مقدار الخسائر الناجمة عن الحروب العسكرية، فهى من أشد الأسلحة الفتاكة التى تلحق أشد الضرر بالاقتصاد وقطاعاته المختلفة، ما يستدعى الأمر نصوص تشريعية رادعة وتأسيس منظومة توعوية للمواطنين تحذرهم من خطر هذه الشائعات سواء داخل النظام التعليمى فى المدارس والجامعات أو عبر وسائل الإعلام وكذلك منصات التواصل الاجتماعى التى تعج بالقدر الأكبر من هذه الشائعات.
 
على جانب آخر، تستخدم فيه «السوشيال ميديا» التجارة الإلكترونية، فقد ظهرت تطبيقات التجارة الإلكترونية، وأشهرها تطبيق التحويلات الإلكترونية للأموال، الذى كان سائدا بين الشركات العملاقة، ثم تطور التبادل الإلكترونى للبيانات الذى وسع تطبيق التجارة الإلكترونية من مجرد معاملات مالية إلى معاملات أخرى، ما زاد استخدام هذه التقنية فى الشركات المساهمة وغيرها، وكذلك من التطبيقات التى ظهرت فى السابق تطبيقات الاتصالات السلكية واللاسلكية المستخدمة فى بيع الأسهم وتذاكر السفر على شبكات خاصة، ومع ظهور شبكة الإنترنت فى تسعينيات القرن الماضى وانتشارها ونموها إلى الملايين من البشر، ظهرت التجارة الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت وتم تطوير تطبيقاتها بشكل كبير.
 
التجارة الإلكترونية، تعتبر أحد إفرازات ونواتج الثورة التكنولوجية وثورة الإنترنت، وتسهم بشدة فى دعم الاقتصاد الوطنى إذا تم استغلالها الاستغلال الأمثل، حيث يمكن الاعتماد عليها فى زيادة حجم الصادرات ونمو التجارة الخارجية لأنها تسهل الوصول لأسواق الاستهلاك الخارجية، ويمكن أيضاً من خلالها عقد الصفقات التجارية المختلفة بسهولة وسرعة فائقة، علاوة على تحليل أوضاع الأسواق الخارجية والتعرف كذلك على أسواق جديدة، ما يفتح آفاقا جديدة للتعاون التجارى والاقتصادى، كما تساعد الوسائل الإلكترونية التى اتسع انتشارها حاليا كل المشروعات على اختلاف أحجامها فى التسويق لمنتجاتها سواء فى الداخل أو فى الخارج، ما يفتح أسواقا جديدة وينعكس إيجابيا على نمو حجم الإنتاج والاستثمار وخلق فرص العمل، بما يكون له مردود ملموس فى النهاية على مستوى الدخل القومى.
 
الاهتمام المتزايد بالتجارة الإلكترونية فى العقدين الأخيرين أسهم بدرجة كبيرة فى نشأة شركات متخصصة فى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بما يخدم البنية التحتية لتطبيقات التجارة الإلكترونية، وبالتالى أدى ذلك إلى توجه الكثير من المستثمرين إلى ضخ رءوس أموالهم واستثمارها فى القطاعات المتعلقة بتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات ذات الصلة بمجال التجارة الإلكترونية، وأصبح هذا القطاع من أفضل القطاعات نموا على مدار السنوات الماضية واتسعت بالتبعية قدرته على توليد العديد من فرص العمل، وقد انعكس ذلك على الجامعات التى فتحت تخصصات وأقساما علمية ذات صلة بهذا المجال الحيوى، لكى تستطيع الوفاء بمتطلبات سوق العمل، فالمكون الإلكترونى بات يفرض نفسه بقوة على كل المجالات وفى القلب منها الاقتصادية والتى أصبح لزاما عليها الاستعانة بالتطبيقات الحديثة فى التجارة الإلكترونية والاستفادة منها نظرا لاحتدام المنافسة بين الشركات فى الأسواق المحلية والدولية على حد سواء.
 
 
ومن جانبه أوضح الدكتور أحمد سعيد، خبير التشريعات الاقتصادية وخبير التشريعات الاقتصادية بالجامعة البريطانية، أن وجود وسائل الاتصال الحديثة كان له عظيم الأثر في سرعة تداول الاخبار بل تعدى الامر ذلك ليصل الى حد استخدام تلك الوسائل لفرض أفكار بعينها وفرض ثقافة معينة على شعوب العالم، وهو الامر الذي أطلق عليه مصطلح العولمة.
 
 حيث أن فكرة العولمة هي تحويل العالم كله إلى نمط فكري واحد، نمط ثقافي واحد، ضد أي هوية، تحديداً تحويله إلى نمط غربي بحت، في سلوكه واستهلاكه، وهو الامر الذي يسمح باستمرار التفوق الاقتصادي للدول الغربية.
 
 وأضاف خبير التشريعات الاقتصادية، أن ظهور العولمة من البداية كان بهدف تحقيق المكاسب الاقتصادية، أن (الاقتصاد) كان سبب الحروب العالمية الأولي والثانية، بهدف السيطرة على المقدرات الاقتصادية للدول النامية، باعتبار تلك الدول مستعمرات يأخذون المواد الخام منها ويبيعوها لهم منتجات نهائية بأضعاف الثمن، وليس المواد الخام فقط التي رغبوا في الاستيلاء عليها بل أرادوا أيضا الاستيلاء على العقول، حيث أرادوا استيراد العقول المبتكرة لدولهم للسيطرة على الاختراع والابتكار للقضاء على أي فرصة للدولة النامية في التطوير.
 
أن الاستعمار قد غير ادواته وهيئته حيث كان الاستعمار قديماً بالأدوات العسكرية لأخذ المواد الخام رغماً عن إرادة الشعوب، و لكن عند انتهاء الحرب العالمية الثانية و تأسيس منظمة الأمم المتحدة، لم تتغير مبادئ الاستعمار ولكن كان لابد من تغيير شكل الاستعمار العسكري الدموي إلي شكل إنساني اكثر تحضرا، فتحول الاستعمار إلي مجموعة اتفاقيات حررتها الأمم المتحدة لحماية حقوق الملكية الفكرية ومنع الدول النامية من تقليد ابتكاراتها التكنولوجية واتفاقيات لإزالة القيود الجمركية لتسمح للدول المتقدمة باحتلال اسواق الدول النامية، وإهدار أي فرصة لتأسيس صناعة في الدول النامية.
 
لما سبق كان لابد من وجود وسيلة للترويج للأفكار التي تحقق اهداف الاستعمار الاقتصادي، لذلك فقد تم استبدال الأدوات العسكرية بالسيطرة الفكرية عن طريق زراعة الأفكار في الأذهان فكانت أسهل الطرق لذلك هي - وسائل الاعلام-  كأفلام هوليود التي يتم من خلالها تسويق علامات تجارية للمطاعم والملابس والاجهزة الالكترونية، فكانت هذه هي أول الطرق للغزو الاقتصادي الحديث.
 
والحل لمواجهة خطر هذا الغزو الثقافي والاقتصادي هو في توعية الشعوب وتعليم المواطن القدرة على مناقشة الافكار التي يتلقها والبحث عن مصدرها والهدف منها. فالخطر الداهم الذي تواجهه الدول النامية حاليا يكمن في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اصبحت تلك المواقع مصدرا مباشرا للترويج لأهداف الاستعمار الاقتصادي بل تخطى الامر لتصبح تلك المواقع مصدر لدعم الارهاب، حيث يتم التلاعب بعقول الأشخاص عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي من خلال نشر الشائعات والاعلانات المبهرة حيث يوجد الكثير من الكذب بهدف التسويق لسلع غير ذات قيمه او زعزعة استقرار دول لحساب دول أخرى وكل ذلك في النهاية لخدمة المصالح الاستعمارية الاقتصادية.
 
 وأضاف سعيد، بجانب كل ما تسببه مواقع التواصل الاجتماعي من اضرار للدول النامية، لكن هناك فرصة للاستفادة منها، حيث يمكننا استخدام نفس تلك الوسيلة في توعية الشعوب، فبالفعل تلك المواقع اصبحت وسيلة سهلة ورخيصة لنشر المعلومات سواء في البيوت أو في وسائل المواصلات أو في أي مكان فيمكن للدول النامية استغلال ذلك بشكل إيجابي لنشر الافكار التي تدعم تطوير العقول والمجتمعات.
 
حيث يمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة تعليمية فيوجد الكثير من الأطفال الذين يستخدمون تلك المواقع بشكل متواصل في اليوم فيمكن استغلال ذلك وتقديم معلومات مفيدة للأطفال والكبار من خلالها.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة