يعيد رسم حدود السياسة الأمريكية.. خطة ترامب للسلام تغير الحقائق على الأرض

الخميس، 30 يناير 2020 03:00 م
يعيد رسم حدود السياسة الأمريكية.. خطة ترامب للسلام تغير الحقائق على الأرض

خطة ثنائية امريكية إسرائيلية طرحها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بمنأى عن السلطة الفلسطينية التى تقاطع الحوار مع واشنطن منذ أن أعلن البيت الأبيض القدس عاصمة لإسرائيل فى ديسمبر 2017. الطرح الذى يتضمن منح أجزاء من القدس الشرقية للسيادة الإسرائيلية، اثار غضبا واسعا بين الشعب الفلسطينى، في حين نادت بعض القوى الدولية للتريث والعودة إلى مائدة المفاوضات. 
 
الاقتراح الذي كشف النقاب عنه امس الثلاثاء، والذي أشرف عليه صهر ترامب جاريد كوشنر، يحمل انحيازا كبيرا لإسرائيل. وعلى الرغم من أنه يتضمن قيام دولة فلسطينية، فإنه يضع شروطًا قاسية للفلسطينيين، ومن ثم يستبعد الكثيرون أن يقبل الفلسطينيون حدود الدولة التى تتضمنها الخطة التى جاءت بعد مجموعة من التحركات الأخرى المؤيدة لإسرائيل من قبل ترامب، بما فى ذلك نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وتقليص المساعدات المالية للفلسطينيين. 
 
 
ووصف معن عريقات، الرئيس السابق لوفد منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن، إعلان ترامب عن الخطة بأنه تمثيلية كاملة وسيرك لافتا إلى أن الخطة تم تقديمها دون أي تشاور مسبق مع الجانب الفلسطينى. وأضاف فى تعليقات للإذاعة الوطنية الأمريكية أن خطة ترامب ستسفر عن سيطرة إسرائيل الكاملة على 30٪ من الضفة الغربية، والتى من المفترض أن تكون الدولة الفلسطينية المستقبلية، إلى جانب قطاع غزة. 
 
وفيما يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو اتهامات فساد ويواجه الرئيس الامريكى احتمالات عزله من منصبه بعد أن وجه له مجلس النواب اتهامات بسوء استغلال السلطة وعرقلة الكونجرس، اعتبر عريقات إعلان خطة السلام فى ذلك الوقت محاولة من الزعيمين لانقاذ مستقبلهم السياسى بالداخل. وشدد "شعبنا لن يقبل بأى حل لن يوفر لنا حق تقرير المصير وحق إنشاء دولتنا المستقلة وانهاء الاحتلال العسكرى الإسرائيلى.
 
وفيما شهدت المدن الفلسطينية احتشاد أعداد كبيرة من المواطنين، للاحتجاج على الخطة، أشار غيث العمرى، الزميل لدى معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إلى أن مسؤولون السلطة الفلسطينية قد يسمحوا ببروز بعض الاحتجاجات على الخطة بعيداً عن نقاط الاحتكاك مع الإسرائيليين، دون زعزعة الاستقرار في هذه المرحلة. ومع ذلك، قد تحدث تطورات خارجة عن سيطرتهم، على الرغم من أن السلطة الفلسطينية أثبتت أنها قادرة على التحكم بالشارع في ظروف مماثلة.
 
 
وفيما رفضت الفصائل الفلسطينية بالإجماع هذه الخطة، حذر العمرى أن بعض الفصائل - وخاصة حماس - لديها مصلحة فى زعزعة استقرار الضفة الغربية. علاوةً على ذلك، كوّن الجمهور نظرة سلبية عن الخطة بعد سنوات من تكهنات وسائل الإعلام في المنطقة التي صورتها على أنها مسيئة جداً للفلسطينيين. وإذا أقدمت إسرائيل على ضم أي أرض بعد إعلان البيت الأبيض عن خطته، فمن شبه المؤكد أن تتخذ السلطة الفلسطينية أو الجمهور الفلسطيني خطوات أكثر تشدداً. والأهم من ذلك، ستسعى السلطة الفلسطينية إلى وقف التعاون الأمني مع إسرائيل، ذلك التعاون الذي لا يحظى بشعبية كبيرة أساساً من الجمهور الفلسطيني الذي هدد بإلغائه مرات عديدة خلال فترات التوتر الشديد. ونظراً إلى الدور الرئيسي الذي يلعبه هذا التعاون في الحفاظ على الاستقرار، فقد يؤدي وقف التعاون إلى وضع متقلب للغاية.
 
وعلى المدى البعيد، ومن خلال خلق حقائق معينة على أرض الواقع، فربما يكون ترامب قد أعاد رسم حدود الشروط المقبولة سياسياً للإدارات الأمريكية - ديمقراطية أو جمهورية.  وقال إيلان بيرمان، نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأمريكية فى تعليقات لصحيفة بولتيكو: "سوف يغير الواقع على الأرض بطريقة يصعب ردها."
 
 
وتقول الصحيفة إن الموقف الأمريكى التقليدي بشأن قضايا "الوضع النهائى" كان يقوم على ضرورة حلها بشكل أفضل بين الطرفين المتنازعين، وهذا يعني أنه ينبغي لإسرائيل والفلسطينيين أن يتفقوا على الموضوعات الأكثر حساسية. وطالما قدم كل جانب مطالب غير قابلة للتفاوض، لكن دائما ما كان المسئولون الأمريكيون يسعون لصياغة حلول وسط.
 
لكن الآن، قد يتعرض رؤساء الولايات المتحدة في المستقبل لضغوط شديدة، على سبيل المثال، للتراجع عن قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهي جزرة دبلوماسية طالما احجم عنها الأمريكيون. وبالفعل أشار بعض الديمقراطيين الذين يخوضون السباق لانتخابات الرئاسة 2020، إلى أنهم لن يتراجعوا عن الاعتراف ولن يعيدون السفارة الأمريكية إلى تل أبيب.
 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق