8 مبادئ أرستها «الإدارية العليا» لدعم حرية الفن والإبداع

الأحد، 02 فبراير 2020 02:46 م
8 مبادئ أرستها «الإدارية العليا» لدعم حرية الفن والإبداع
محكمة الإدارية العليا
أحمد سامي

 
حسمت المحكمة الإدارية العليا قضية إعادة ترجمة مسرحيتى «حرية برايمر» و«دم على حلق قطة» من اللغة الألمانية، وببراءة رئيس المركز القومى للمسرح الذي تم معاقبته باللوم لأنه أعاد ترجمة مسرحيتين من اللغة الألمانية للعربية، وقررت المحكمة حظر فرض قيود جائرة على حرية الإبداع.
 
وقضت المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار عادل بريك نائب رئيس مجلس الدولة رئيس المحكمة وعضوية المستشارين سيد سلطان والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى وحسن محمود ونبيل عطاالله نواب رئيس مجلس الدولة بإلغاء قرار رئيس أكاديمية الفنون  بتوقيع عقوبة اللوم على الدكتور حسين حمدى الجندى بالمعهد العالى للسينما التابع لأكاديمية الفنون أثناء ندبه للعمل بوظيفة رئيس المركز القومى للمسرح، وببراءته من الاتهام المنسوب إليه.
 
وأكدت المحكمة على  ثمانية مبادئ عن حرية الفن والإبداع: وهى أن الترجمة ليست محض نقل عمل أدبى أو مؤلف من لغة إلي لغة وإنما هي في ذاتها عمل أدبى وفنى لحمته الإبداع وسداه الفن، وجسر التواصل بين ثقافات الشعوب، وأن ثقافة المترجم هي مفتاح تميزه، فهو شريك للمؤلف فلا يقتصر دوره علي نقل العمل من لغة إلي لغة وقدرته علي اختيار المعنى الدقيق من بين المعانى المترادفة وأن نقل أجواء الرواية والأحداث التي وقعت وشخوص هذا العمل الأدبي ومشاعرهم الإنسانية المتباينة، قدرات تختلف من مترجم إلي أخر، وللترجمة مبدعيها كما للمؤلفين من إبداع.
 
وأن المشرع الدستورى كفل حرية الإبداع الفنى والأدبى وألزم الدولة بالنهوض بالفنون والأدب ورعاية المبدعين وحماية إبداعاتهم، وأن الإبداع هو عمل ذهنى وجهد خلاق و موقف حر واع ليس نقلاً كاملاً عن آخرين، ولا ترديداً لآراء وأفكار يتداولها الناس فيما بينهم، وأنه لا غضاضة من ترجمة العمل الفنى الأجنبى أكثر من مرة طالما كان محتويا على ابداع وتميز يظهره بثوب جديد ولا يجوز فرض قيود جائرة على حرية الابداع كما أكدت على أن حرية الإبداع جوهر النفس البشرية وأعمق معطياتها والمبدع لا ينغلق استئثارًا، بل يتعداه إلى آخرين انتشارًاو وأن الإبداع لا ينفصل عن حرية التعبير بل هو من روافدها، يجب أن يتمخض عن قيم وآراء ومعان تجعل المجتمع أكثر وعيًا بالحقائق والقيم الجديدة التى تحتضنها.
 
وكان رئيس أكاديمية الفنون قد أحال الدكتور المذكور إلى النيابة الإدارية التى انتهت فيه إلى مسئوليته لموافقته على التعاقد مع المترجم أسامة أبو طالب على ترجمة نص «دم على حلق قطة وحرية برايمر» رغم سبق صدورها ضمن إصدارات مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى وهو ما كان يستوجب معه التعاقد مع الأخير على إعادة النشر.
 
وقالت المحكمة، إن المشرع اختص أكاديمية الفنون بكل ما يتعلق بتعليم الفنون والبحوث العلمية التي تقوم بها معاهدها في سبيل خدمة المجتمع والارتقاء به حضاريا، وناط بها المساهمة في ترقية الفكر والفن والقيم الإنسانية والاتجاه بالفنون اتجاها قوميا يرعى تراث البلاد وأصالتها وإعداد المختصين في المجالات التي تختص بها، كما تعمل على توثيق الروابط الثقافية والفنية مع الأجهزة المشتغلة بالفنون في الوطن العربي والدول الأجنبية على الصعيدين المحلي والعالمي، وناط المشرع برئيس الأكاديمية تكليف أحد أعضاء هيئة التدريس في الأكاديمية ومن درجة لا تقل عن درجة من يجرى التحقيق معه بمباشرة التحقيق فيما ينسب إلى عضو هيئة التدريس كما أجاز له أن يندب أحد أعضاء هيئة التدريس في كليات الحقوق لهذا الغرض أو يطلب إلى النيابة الإدارية مباشرة هذا التحقيق على أن يقدم عن التحقيق تقريرا إلى رئيس الأكاديمية ولوزير الثقافة أن يطلب إبلاغه بهذا التقرير.
 
ولرئيس الأكاديمية بعد الاطلاع على التقرير أن يحفظ التحقيق أو أن يأمر بإحالة العضو المحقق معه إلى مجلس التأديب إذا رأى محلا لذلك أو أن يكتفي بتوقيع عقوبة عليه في حدود ما تقرره المادة 76 حيث يكون لرئيس الأكاديمية توقيع عقوبة التنبيه واللوم المنصوص عليهما في المادة 74 على أعضاء هيئة التدريس الذين يخلون بواجباتهم أو بمقتضيات وظائفهم، وذلك بعد سماع أقوالهم وتحقيق دفاعهم.
 
وأشارت المحكمة أن قوام ما نسب إلي الطاعن من مسئولتيه لموافقة علي التعاقد مع المترجم/ أسامة أبو طالب علي ترجمة نص مسرحيتى (دم علي حلق قطة و حرية برايمر) في رغم سبق صدورها ضمن إصدارات مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبي وهو ما كان يستوجب معه التعاقد مع الأخير علي إعادة النشر، على الرغم من أن الترجمة ليست محض نقل عمل أدبى أو مؤلف من لسان إلي لسان أو من لغة إلي لغة وإنما هي في ذاتها عمل أدبى وفنى لحمته الإبداع وسداه الفن حيث تعد ثقافة المترجم التي تختلف من مترجم لأخر هي مفتاح تميزه، فهو شريك للمؤلف فلا يقتصر دوره علي نقل العمل من لغة إلى لغة وإنما تحدد قيمة الترجمة علي قدرة المترجم علي اختيار المعنى الدقيق من بين المعانى المترادفة، ونقل أجواء الرواية والأحداث التي وقعت وشخوص هذا العمل الأدبي ومشاعرهم الإنسانية المتباينة، وهي قدرات تختلف من مترجم إلي أخر، ومن ثم كان المتلقى لهذا العمل الفنى يفاضل بين من قام بترجمته فيقبل ترجمة مترجم ويرفض أخرى، ويقبل سماع عمل موسيقى لفنان عالمى بقيادة قائد (مايسترو) معين ولا يسيغه إذا قام به قائد أخر، ذلك أن المترجم أو القائد يضفى علي هذا العمل من ذاتيته وبراعته في الترجمة والقيادة ما يختلف عن قدرة وبراعة غيره من المترجمين والقادة، ومن ثم كان للترجمة مبدعيها كما للمؤلفين من إبداع.
 
وأوضحت المحكمة أنه في ضوء ذلك حق لكل من يتصدى لإخراج عمل فنى سواء علي المسرح أو شاشة التلفاز أو دار  الخيالة (السينما) أن يختار ترجمة لهذا العمل الفنى تولاها مترجم محدد اَنس إليه واطمأن إلي أن لديه القدرة علي نقل النص المترجم بأجوائه وأحداثه وأشخاصه إلي اللغة العربية علي نحو يرتضيه ويعينه علي إخراجه بالشكل الذي يصبو إليه هو أيضاً كمبدع .
 
واستطردت المحكمة أن المشرع الدستورى كفل حرية الإبداع الفنى والأدبى وألزم الدولة بالنهوض بالفنون والأدب ورعاية المبدعين وحماية إبداعاتهم وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لذلك، بحسبان أن الإبداع هو عمل ذهنى وجهد خلاق - علميًا كان أم أدبيًا أم فنيًا أم ثقافيًا - ليس إلا موقفًا حرًا واعيًا يتناول ألوانًا من الفنون والعلوم تتعدد أشكالها، وتتباين طرائق التعبير عنها، فلايكون نقلاً كاملاً عن آخرين، ولا ترديداً لآراء وأفكار يتداولها الناس فيما بينهم - دون ترتيبها أو تصنيفها، أو ربطها ببعض وتحليلها بل يتعين أن يكون بعيدًا عن التقليد والمحاكاة ، وأن ينحلّ عملاً ذهنيًا وجهدًا خلاّقًا، ولو لم يكـن ابتكارًا كاملاً جديدًا كل الجدة، وأن يتخـذ كذلك ثوبًا ماديًا - ولو كان رسمًا أو صوتًا أو صورة أو عملاً حركيًا أو ترجمة لعمل أدبى – فلا ينغلق على المبدع استئثارًا، بل يتعداه إلى آخرين انتشارًا، ليكون مؤثرًا فيهم، ذلك أن حرية الإبداع تمثل جوهر النفس البشرية وأعمق معطياتها، وصقل عناصر الخلق فيها، وإذكاؤها، كافل لحيويتها، فلا تكون هامدة، بل إن التقدم فى عديد من مظاهره يرتبط بها، فالإبداع لا ينفصل عن حرية التعبيربل هو من روافدها، يجب أن يتمخض عن قيم وآراء ومعان تجعل المجتمع أكثر وعيًا بالحقائق والقيم الجديدة التى تحتضنها.
 
وذكرت المحكمة أن الثابت فى الأوراق أن الطاعن بصفته رئيس المركز القومى للمسرح أصدر قرارا بتشكيل لجنة متخصصة لقراءة وفحص المطبوعات المقدمة للنشر برئاسة الدكتور حسين عبد الغنى المشرف العام على الإدارات الفنية بالمركز القومى للمسرح وضمت بين عضويتها محمد أمين عبد الصمد مقدم الشكوى ضد الطاعن الذى انبنى الحكم الطعين والتحقيقات على شكواه، ثم حرر الدكتور حسين عبد الغنى المشرف العام على الإدارات الفنية بالمركز القومى للمسرح كتابا موجهاً للطاعن للتفضل بالموافقة على التعاقد مع الدكتور أسامة أبو طالب على ترجمة دراسة نقدية لمسرحيتين هما «حرية برايمر» و«دم على حلق قطة» مترجمة من اللغة الألمانية لطبعهما ضمن خطة مطبوعات المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية مقابل أربعة عشر ألف جنيه مصرى، ومن ثم فإن البين من الأوراق أن التعاقد كان واضحاً وضوحا لا مرية فيه فى أنه على ترجمة دراسة نقدية للمسرحيتين المذكورتين وليس إعادة نشر , وهو بهذه المثابة يعد عملاً إبداعيا جديدا منبت الصلة بما سبق نشره عن  المسرحيتين ضمن إصدارات مهرجان القاهرة الدولي بالمسرح التجريبي , ومن ثم فليس بلازم أخذ موافقة مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى على هذا العمل الإبداعى المترجم الجديد.
 
وانتهت المحكمة إلى أن الأوراق أجدبت عن تطابق العملين المتشابهين عن ترجمة ذات المسرحيتين الألمانيتين ,ولا غضاضة من ترجمة العمل الفنى الأجنبى أكثر من مرة طالما كان محتويا على ابداع وتميز يظهره بثوب جديد، فلكل فرد مجالاً حرًا لتطوير ملكاته وقدراته ، فلا يجوز تنحيتها أو فرض قيود جائرة تحد منها، والقول بغير ذلك فيه تقييد لحرية الفن والابداع، خاصة وأن المصنف الأصلى غير المترجم لهاتين المسرحيتين لا يدخل فى حماية الملكية الفكرية لمهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى حتى يُشترط موافقته على ترجمة بدراسة نقدية مستجدة، كما أجدبت الأوراق عن مباشرة  المؤلف أو المترجم هذا الحق بنفسه أو بواسطة غيره في مدي ثلاث سنوات من تاريخ أول نشر للمصنف الأصلي حتى انتهى حق حماية المؤلف وحق من ترجم مصنفه إلي لغة أجنبية أخرى في ترجمة ذلك المصنف إلي اللغة العربية أو المترجم الحاصل في مهرجان السينما، طالما كان بعد مرور أكثر من مدي ثلاث سنوات، ولما كان الأمر كذلك فإنه يغدو القرار المطعون فيه الصادر من رئيس اكاديمية الفنون  بتوقيع عقوبة اللوم على الطاعن متنكباً وجه الصواب ومخالفاً لحكم القانون ويتعين القضاء بإلغائه، وببراءة الطاعن من الاتهام المسند إليه.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة