أشهر روائي لم يكتب كلمة

الأربعاء، 05 فبراير 2020 01:22 م
أشهر روائي لم يكتب كلمة
محمود الغول يكتب :

على هامش معرض الكتاب قررت أن أحاور أهم وأشهر روائي في مصر، رغم أنه لم ينشر بل ولم يكتب ولو رواية واحدة، فهل تعرفون من هو؟ نعم إنه «أحدهم»، ذلك الذي نخشى جميعا أن نكون الأشرار في روايته، ونتمنى لو كنا الأبطال فيها..
 
جاءتني الفكرة عندما رأيته منزويا في أحد الأركان بإحدى صالات المعرض، فترردت قبل أن أحادثه إلى أن استجمعت قواي وشجاعتي، وباغته..
 
-  مساء الخير يا سيدي..
 
= مساء النور.. هل تعرفني؟
- نعم أعرفك.. لكن انتظر أنا هنا من يسأل..
=  اتفضل اسأل يا سيدي.
- ما اسمك؟
= ألم تقل يا صديقي العزيز إنك تعرفني؟
- نعم لكنني أعرفك باسم «أحدهم» فماذا عن اسمك الحقيقي؟
= مش هتفرق.. اعتبرني أحمد أو هاني أو جرجس أو حتى سماح ولا هناء.
- لا أفهمك..
= يا أخي أقصد أن أي أحد يمكن أن يكون هو أنا، فكل منا لديه رواية واحدة على الأقل.
- صحيح أنت محق.. لكن خبرني بالله عليك ما السبب في شهرتك هذه رغم أنك لم تكتب ولو رواية واحدة؟
= بلا فخر أنا اشهر مجهول في مصر، وشهرتي تنبع من أنني أي أحد، فقد أكون أنا أنت مثلا.
- عظيم، رغم أنني لا أفهك جيدا.
= الأمر بسيط يا صديقي، فكما قلت لك لدى كل منا رواية، والرواية تحتاج إلى شخصيات، لهذا فكل منا صاحب رواية كما أنه بطل أو شرير في رواية أخرى، بل الغريب أنك قد تكون البطل والشرير في الرواية نفسها.
- وكيف ذلك؟
= يتوقف ذلك على راوي الرواية وموقفه منك، فالحدث واحد ولكل منا وجهة نظر يبنيها على ما يراه من الزاوية التي يقف فيها، وكذا الزاوية التي يرى من خلالها أبطال وأشرار روايته.
- طيب، وماذا عن الرواي نفسه؟
= صاحب الرواية غالبا لا يرى نفسه، هو فقط شاهد عيان يحكي ما يراه أمامه، أو ما يعتقد أنه يراه، كما أن مشاعره تتدخل بشكل مباشر في عملية الإبصار.. لهذا انصحك بألا تعتمد على ما يحكيه أحد أطراف الرواية، بل عليك أن تستمع إلى الراوي وكذا إلى البطل والشرير في الرواية نفسها..
- وبهذا أكون قادر على تكوين صورة حقيقية بخصوص حقيقة الرواية؟
= لا أستطيع أن أقول ذلك، فهناك دائما جزء ناقص لا يمكن معرفته من خلال ما يحكى.
- ماذا تقصد؟
= إنه الإحساس يا صديقي، فكل التفاصيل والأحداث يمكن سردها، لكن الإحاسيس لا تحكى.
- وهل هذا يشكل فارقا في فهم حقيقة الرواية؟
= طبعا، واختصارا: كل حكاية بين اثنين لا يفهمها غيرهما، وحتى وإن حكيا التفاصيل، فسيبقى الجزء الأهم وهو ما يشعران به، ألم تسمع ولو مرة أحدهم يشكو شيئا لكنه لا يستطيع التعبير عنه بالكلمات؟!
- يووووووووووووه سمعت الكثير يا صديقي..
 
= قاسية هي التفاصيل حين تستعصي على الحكي، فلا يمكن البوح بها رغم الرغبة في إخراجها من مرقدها كي تفسح مكانا في الصدر الذي يعاني الوجع.. ذلك الوجع الذي يخلفه أقرب الناس إليك.. ومع ذلك فكونك تعاني خير من ألا يكون لك مكانا في أي رواية، سواء كنت البطل أو الشرير.
- ألهذا الحد؟
= نعم، فأنت موجود فقط إذا ذكرك أحدهم في روايته.
 
 - ممممممممم، طيب، المهم أخبرني عن عوالم رواياتك وعما تحكي؟
= رواياتي كثيرة ومتعددة ورغم ذلك فمعظمها يدور عن الخيانة والخذلان والحب والهجر وقلة الأصل.
- أرى أن كلها موضوعات مؤسفة.. عدا الحب طبعا..
= حتى روايات الحب قد تتحول إلى رواية خذلان أو هجر أو خيانة فيما بعد.
- لم كل هذا السواد؟
= وهو أنا جايب حاجة من عندي ما هو كله على إيديك يا برنس.
- برنس! لماذا تحول الحوار بيننا هكذا يا صديقي؟!
= أنا لست صديقك..
- حتى أنت خذلتني؟!
= مش قلتلك، إنها لعنة النهايات يا برنس.
 إلى هنا انتهى حواري مع «أحدهم» الذي بدأ بشكل وانتهى بشكل آخر.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق