المستحيلة الممكنة

الجمعة، 14 فبراير 2020 03:00 م
المستحيلة الممكنة
مصطفى الجمل

 

يحتاج كاتب المقال في البداية للتمهيد لأي موضوع يناقشه، وتبرير سبب اختياره هذه القضية أو القصة على وجه التحديد للتعليق عليها دون غيرها وهو ما يطلق عليه في عالم السينما «الفرشة»، وتزداد الحاجة للتبرير كلما كان الأمر يخص أناسًا بعينهم أحياء يرزقون سيتأثرون سلبا أو إيجابا بما يكتب عنهم، وليس أمرًا عامًا، أما والعالم يحتفل بعيد الحب، يصبح الكلام في حلاوة الحب والعشق والهيام فرضًا مباحًا.. لا علل لا مبررات.

يكتب الناس عن أحبائهم والمقربين لقلوبهم، يكتبون عن صفاتهم المليحة، يُحدِثُون بالقصائد والألحان عن نضارة وجههم وصفاء ابتسامتهم ونظرتهم الآخذة، ورشاقة جسدهم واتساق قوامهم.. وأكتب اليوم عن الجامعة لكل تلك الصفات، والمانعة لكل خبيثٍ أن يتسلل لها.. أكتب عن: المستحيلة الممكنة.

ممكنة هي كالماء الصافي، الذي هو سر الحياة، لا يمكنك الاستغناء عنه أو الحياة بدونه، سيكون عليك أن تتحمل تكلفة اقتنائه، بأن تعده بالحفاظ عليه بعيداً عن أي معكرات وملوثات ومنغصات، فقط احفظه فيما يليق به لتجده وقت الحرب درعًا، ووقت الجوع قوتًا ووقت الهرع سكونًا وطمأنينة.

مستحيلة في السماح لأي ما كان أن يقترب منها ويخترق حدودها ويكسر صمتها الداخلي، ويبعثر أوراقها على غير إرادتها.

ممكنة كصديق وفي، يلقيه القدر في طريقك ليصير ثاني إثنين إذ هما في الغار، لا تفارق قدمه قدمك، ولا يلتفت عنك إلا للاطمئنان على سلامة طريقك، ويؤثر على نفسه أي شيء بيده ولو كان به خصاصة.

مستحيلة، في التحول عن مواقفها وثوابتها مهما كانت المغريات ومهما كان الثمن، ثابتة راسخة كالجبال، تصد وترد عن أحبائها كل سوء وضرر.

ممكنة، في نيل حبها والنوم في حرمها، والنهل من بريقها، شريطة ألا تزعجها وتقلق نومها وتعكر صفوها، أو تضيء غرفتها وقت غفوتها.

مستحيلة في الاحتفاظ بهدوئها ووقارها أمام ألبوم عمرو دياب أو أغنية لمدحت صالح، أو طقطوقة للست، ويكمن تفردها في ثورة مشاعرها أيضاً في حضرة مهرجانات أوكا، وأورتيجا، مرورا بحمو بيكا وانتهاء بحسن شاكوش.

ممكنة.. في رد غيبتك، ممكنة.. في الدفاع عن محاسنك، ممكنة.. في صد هجمات الواشين والنمامين.. ممكنة في حماية ظهرك.. ممكنة في كل شيء.. ممكنة حتى لو لم تكن هذا اليوم ممكنة ♥ 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق