ليس لها من دون الله كاشفة

الإثنين، 16 مارس 2020 08:16 م
ليس لها من دون الله كاشفة
شيرين سيف الدين

 
إبتلاء ومحنة كبرى يعيشها سكان العالم أجمع بلا استثناء ، ولأول مرة تعاني شعوب العالم نفس المعاناة ويتجرع الجميع من نفس كأس الخوف والقلق والمرض.
 
فيروس بسيط اجتاح الأرض ولم يفرق بين فقير أو غني أو رئيس وزراء أو وزيرة صحة  أو فنان شهير أو لاعب كرة ، لا يستطيع مخلوق بشري على وجه الأرض حتى الآن مهما بلغت قوته أو ثروته أو شهرته أن يضمن عدم إصابته أو إصابة أحد أحبائه وكأنه درس من الله للجميع أنه القادر فوق عباده.
 
عندما أشاهد فيديوهات للحرم المكي الذي لم يكن يتوقف فيه السعي ولا الطواف للحظة ، أو مساجد خاوية وأستمع لمؤذن يطلب من الناس باكيا الصلاة في بيوتهم ، وعندما أرى منظر الشوارع الخاوية والأماكن الأثرية والسياحية العالمية التي باتت تشبه بيت الأشباح كشوارع روما الجميلة التي كانت تعج بالحياة والبهجة ، ولم تكن تخلو حارة بها ولا شارع من البشر والموسيقى الرنانة والمعالم التي يقف السياح أمامها لالتقاط الصور التذكارية ، أشعر وأنا أشاهد كل تلك المظاهر بأن الأرض باتت غاضبة من البشر وأرادت أن تأخذ منهم هدنة وتستريح ، وكأن الله أراد للجميع أن يتركوها تستفيق من أفعالهم ، فالأغلبية باتت تعيش للحظة فقط ، وملأ الظلم العالم أجمع.
 
نرى شعوبا وأطفالا لاذنب لهم تشردوا وهجروا بيوتهم الآمنة ليعيشوا في العراء لمجرد أن هناك دولا وحكومات طامعة في خيرات أوطانهم ، وأنهم ابتلوا بحكام لم يفكروا سوا في كراسيهم ، وقطاع من الشعب خانوا وباعوا أوطانهم للعدو ، وفي المقابل وقفت الشعوب التي تدعي الإنسانية موقف المتفرج ولم تحاول ردع حكامها عن استباحة أراضي وخيرات الغير، وجلسوا في مقاعد المتفرجين على مساكين ملقين في الثلوج على حدودهم دون أن يهتزوا أو تشعر قلوبهم بذرة رأفة تجاه هؤلاء ، بالرغم من أنهم يتمتعون بحكومات ديمقراطية ترضخ لإرادة شعوبها كما يدعون.
 
أشعر وأنا أرى المسلمين عاجزين عن زيارة بيوت الله وآداء المناسك بأن الله غضبان ممن يطهرون أجسادهم خمس مرات للوضوء دون أن يطهروا قلوبهم ونفوسهم ، ويبدأون صلواتهم ب( الله أكبر) ولم يؤمنوا حقا بأنه أكبر من تكبرهم وتجبرهم وكذبهم وتدليسهم ونفاقهم وأكبر من قدرتهم على إيذاء الغير ، ولا أستثني نفسي بالطبع فالجميع في الذنوب سواء.
 
اهتم العالم بالمظهر ونسي الجوهر ، فالمؤمنون بالأديان السماوية أخذوا القشور ونسوا أن الدين المعاملة وأن تقوى الله هي الأساس ، والعلمانيون يرددون شعارات الإنسانية واتسموا بالظلم والأنانية ، وصوروا للعالم بأن العلم هو الأساس وها هو العلم يقف عاجزا أمام أمر الله ولم يقدم للبشرية ما كانت تنتظره منه.
 
أراد الله لحكمة ما أن يخيف البشرية - وعلى رأسها أبناء الدول المتقدمة - من المرض والجوع والحرمان من الحياة الطبيعية كما يعاني غيرهم من البائسين الملقين على حدودهم في أقسى الظروف دون أن يعبأ بهم أحد.
 
وكأن أراد الله أن يشعرنا بنعمه التي كنا نعتقد أنها مسلمات وعلى رأسها الحرية والطمأنينة، وها هي شعوب العالم أجمع باتت حبيسة كلٌ سجين وقابع في مكانه، محروم من حرية التنقل ، وأصبحت أبسط الأمور كالخروج من المنزل للتمشية واستنشاق الهواء في الطرقات ممنوعة.
 
وبما أننا جميعا تأكدنا من أن البشر (عاجزون) وأضعف من الضعف نفسه ، فعلينا بالعودة إلى الله ، ولنتفكر ولنراجع أنفسنا ونعترف بذنوبنا وأخطاءنا لعلنا نتوب ونتطهر فيرضى عنا الله ويزيح الغمة.
 
وختاما ومن وجهة نظري فإن الحل موجود وبأيادينا نحن وإذا أردنا معرفته فلنتمعن في قول الله تعالى ( وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً  وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَيَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْء قَدْرا) صدق الله العظيم .

 

تعليقات (2)
لا اله الا الله
بواسطة: Fadi
بتاريخ: الثلاثاء، 17 مارس 2020 11:45 ص

من أروع ما قرأت وسال الدمع من عيني سلم قلمك وفكرك

رهيب
بواسطة: دينا
بتاريخ: الثلاثاء، 17 مارس 2020 11:47 ص

مقال رهيب أشار لما غاب عن عقل الكثير فربما هذا هو ذنب الملقين على الحدود دون أن يعبأ بهم أحد .. وجعني المقال ده جدا

اضف تعليق