على هامش «كورونا».. حرب تكسير عظام بين الثلاثة الكبار في النفط

الثلاثاء، 17 مارس 2020 10:59 م
على هامش «كورونا».. حرب تكسير عظام بين الثلاثة الكبار في النفط
النفط
كتب مايكل فارس

في شهر يناير الماضي تراوحت أسعار النفط ما بين 60-70 دولار للبرميل، لتحل أزمة كورونا بشكل فتاك وتهوي أسعاره في مارس، وسط مخاوف من أن انتشار فيروس كورونا الذى قد يقلص طلب الصين على النفط الخام.

 

وقد اتفقت أوبك وروسيا وحلفاء آخرون، في إطار ما يعرف بمجموعة أوبك+، على تعميق تخفيضات الإمدادات بواقع 500 ألف برميل يوميا من أول يناير 2020، للحيلولة دون انهيار أسعار النفط، الذى يخضع لآلية السوق العرض والطلب، فتخفيض الإنتاج يعني ارتفاع أسعار النفط، إلا أن موسكو تراجعت عن موافقتها المبدئية، لتتخذ السعودية قرارا مغايرا بتخفيض أسعار النفط.

 

يقول خبراء أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين يعلم هشاشة الصناعة النفطية الأمريكية وأنها مبنية على معدلات ديون عالية جدا، وعليه عندما دعت المملكة العربية السعودية في الاجتماع الأخير لأوبك، لتقليل الإنتاج في سبيل تقليص كميات النفط المعروضة بالأسواق للمحافظة على استقرار الأسواق، قرر الرئيس الروسي نقض ذلك.

 

وتسعى روسيا برفضها للمقترح السعوديش مع أوبك في جزء منه إلى إغراق الشركات الأمريكية لصناعة النفط من الصخر الزيتي والتي تعتمد بصورة كبيرة على أسعار أعلى للنفط في بحر من الخام ذو الأسعار الرخيصة، وهدف بوتين هو المصارعة لاستعادة الحصة السوقية من المنقبين الأمريكيين الذين دفعت معدلات نموهم رغم استنادها على الديون إلى أخذ اللقب من روسيا كأكبر منتج للنفط في العالم، العام 2018، في صورة عكست التفوق الأمريكي وكيف أعادت التكنولوجيا تشكيل المشهد العالمي للطاقة.

 

ولفهم الرفض الروسي للمقترح السعودي، يقول مات سميث، رئيس إدارة أبحاث السلع لدى شركة كليبر داتا المعنية بأبحاث الطاقة وصف ما تقوم به روسيا بردة فعل تهدف لشل صناعة النفط من الصخر الزيتي في أمريكا، في حين قالت هيلما كروفت من RBC كابيتال إن استراتيجية روسيا يبدو أنها لا تستهدف فقط شركات صناعة النفط من الصخر الزيتي بل أيضا سياسة العقوبات القسرية التي مكنت طفرة قطاع الطاقة بأمريكا.

 

وعقب الرفض الروسي، جاء رد المملكة العربية السعودية مفاجئا، حيث قامت المملكة بعد فشل التوصل إلى اتفاق بتصعيد الأوضاع، حيث قال محللون إن المملكة خفضت أسعار بيعها الرسمي لشهر أبريل بمقدار 6 دولارات إلى 8 دولارات، في محاولة لاستعادة حصتها في السوق وزيادة الضغط على روسيا، وقد أعلن أمين الناصر، رئيس شركة أرامكو التي تعتبر جوهرة الصناعات النفطية في السعودية، عن تلقي توجيه من وزارة الطاقة بالمملكة لرفع مستوى الإنتاج اليومي القصوى من 12 إلى 13 مليون برميل يوميا، في خطوة اضمت لها الإمارات بتصريح جاء على لسان سلطان الجابر، وزير الدولة والرئيس التنفيذي لأدنوك ومجموعة شركاتها، حيث قال: تماشياً مع استراتيجيتنا للنمو والتوسع وزيادة الإنتاج، تمتلك أدنوك إمكانية إمداد الأسواق بأكثر من أربعة ملايين برميل يومياً في أبريل المقبل، كما نعمل على تسريع التقدم نحو هدفنا بالوصول إلى سعة إنتاجية تبلغ خمسة ملايين برميل يومياً".

 

وقد ارتفع إنتاج النفط الأمريكي، الذي يقوده الصخر الزيتي، أكثر من الضعف خلال العقد الماضي إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، لمستويات باتت الولايات المتحدة الأمريكية تضخ نفطا أكثر من أي بلد آخر، بما في ذلك روسيا والمملكة العربية السعودية.  

 

وكشف  تقرير صادر عن مركز "كابيتال إيكونوميكس" ومقره لندن، إن السعودية يمكنها التأقلم مع بيئة منخفضة لأسعار النفط لسنوات عدة مقبلة مع قدرات تمويلية مرتفعة يتمتع بها أكبر منتج للنفط بالعالم بعد انهيار اتفاق دعم الأسعار بين المنتجين داخل أوبك وخارجها، ما هوى بأسعار النفط وسط مخاوف أخرى تتعلق بهبوط حاد في الطلب في خضم المخاوف المتعلقة بانتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19".

 

وأكد المركز البحثي، في دراسة بعنوان "ما هي المدة الزمنية التي تستطيع السعودية التأقلم بها مع أسعار النفط المنخفضة"، أن هبوط أسعار النفط سيؤدي إلى عجوزات مالية بالموازنة، ربما يدفع الدول المنتجة لتغيير سياستها النفطية لرفع الأسعار، ولكن في الواقع فإن عجز ميزان المعاملات الجارية قد يلعب دورا أكبر من عجز الموازنة في هذا الأمر، وهو ما يعني أن السعودية ستكون لديها قدرة أكبر على الصمود في بيئة أسعار النفط المنخفضة لسنوات عدة، مشيرا إلى أن عجز الموازنة سيكون أكبر من العجز في ميزان المعاملات الجارية بالنسبة للسعودية وهو 15% للناتج المحلي الإجمالي مقابل 6% لعجز المعاملات الجارية، ويحدث هذا الأمر ببساطة مع وجود فائض لدى القطاع الخاص حتى مع انخفاض أسعار النفط يعوض العجز لدى القطاع العام".

 

وحتى اليوم، لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية أكبر منتج للنفط في العالم تليها روسيا ثم المملكة العربية السعودية، ولكن على الأغلب وبحلول أبريل المقبل، ستتجاوز المملكة روسيا بفارق بسيط لتصبح في المركز الثاني، في حين أن البعض يرى أن السعودية لن توقف حرب أسعار النفط حتى تستعيد تاج على رأس قائمة المنتجين الدوليين.

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة