سؤال حير العالم.. هل تم تصنيع فيروس كورونا داخل إحدى المختبرات؟

الأربعاء، 18 مارس 2020 11:42 م
سؤال حير العالم.. هل تم تصنيع فيروس كورونا داخل إحدى المختبرات؟

جدل واسع انتشر بشأن كورونا عقب توافد الحالات المصابة من مدينة ووهان الصينية ، حيث تساءل البعض عن مدي صحة قيام احدي المختبرات بتصنيع الفيروس من خلال هندسته وراثيا، أم أنه جديد كليا ومن فعل الطبيعة.

 

في نفس السياق وجه اتهاما للصين بتصنيع وتطوير إحدى سلالات وباء متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد (سارس)، الذي ظهرفي الصين عام 2003، وتصديره للعالم، خاصة مع تراجع أعداد الإصابات والوفيات هناك، في المقابل اتهم صينيون الولايات المتحدة بتصنيع الفيروس التاجي الجديد.

 

غلي الجانب الأخر نشرت مجلة "نيتشر" العلمية، الثلاثاء دراسة شارك فيها باحثون من جامعات أدنبرة وكولومبيا وسيدني وتولين، أكدت علي عدم وجود دليل على أن الفيروس تم صنعه في مختبر أو هندسته بأي شكل آخر، وذلك بعد أن قام العلماء بتحليل بيانات تسلسل الجينوم العام لفيروس كورونا المستجد واسمه العلمي "سارس كوف2" (SARS-CoV-2) والفيروسات ذات الصلة.

 

الجدير بالذكر أن فيروس كورونا المستجد هو الأحدث في سلالة فيروسات كورونا، وهو السابع المعروف من سلالة كورونا الذي يصيب البشر، والثالث الذي يسبب أمراضا خطيرة.

أما الأنواع الأربعة التي تجلب أعراضا بسيطة هي KU1 وNL63 وOC43 و 229E.

 

الفيروسات الأخطر ضمن السلالة، والتي تسبب أمراضا حادة هي ثلاثة، ظهر الأول منها في الصين عام 2003، وهو وباء متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد (سارس).

 

وفي عام 2012 انتشرت السلالة الثانية في المملكة العربية السعودية والتي سميت متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس).

 

وفي نهاية العام الماضي، بدأ انتشار السلالة الثالثة والحالية (كوفيد 19) والذي تم إلحاقه لاحقا بسلالة سارس، فسمّي علميا (سارس كوف 2).

 

وقال كريستيان أندرسن، الأستاذ المساعد في علم المناعة والأحياء الدقيقة وأحد مؤلفي الورقة البحثية، إنه "من خلال مقارنة بيانات تسلسل الجينوم المتاحة لسلالات الفيروس التاجي المعروفة، يمكننا أن نجزم بأن سارس كوف2 (كورونا المستجد) نشأ من خلال الطبيعة".

 

وحتى الثلاثاء، تم توثيق ما يقرب من 200 ألف إصابة و7900 وفاة حول العالم بفيروس كورونا المستجد، لكن الدراسة تشير إلى أن كثيرا من الوفيات لم يتم تشخيصها بالإصابة بالمرض، وبالتالي لم يتم تسجيلها في كثير من البلدان.

وتقول الدراسة إن العلماء الصينيين، وبعد وقت قصير من بدء انتشار الوباء، قاموا بتتبع تسلسل جينوم الفيروس وأتاحوا البيانات للباحثين في جميع أنحاء العالم، حيث أظهرت بيانات تسلسل الجينوم أن السلطات الصينية اكتشفت الفيروس بسرعة، وأن تزايد ارتفاع وتيرة الإصابات به كان بسبب انتقاله من إنسان لآخر، وأن بدايته كانت بسبب شخص واحد حمل الفيروس فأصاب به آخرين.

 

واستخدم الباحثون المشاركون في الدراسة من جامعات ومعاهد بحثية مختلفة بيانات التسلسل هذه لاستكشاف أصل ومنشأ الفيروس من خلال التركيز على سيناريوهات عديدة.

 

وبناء على تحليل النموذج الجيني للبروتين الخاص بفيروس كورونا المستجد، استنتج الباحثون أنه جاء نتيجة للتطور الطبيعي، وما دعم صحة هذا الاستنتاج هو البيانات الخاصة بالهيكل الجزيئي للفيروس.

 

وأشارت الدراسة إلى أن فيروس كورونا المستجد يشبه في الغالب الفيروسات ذات الصلة الموجودة في الخفافيش وآكل النمل الحرشفي.

 

ويلفت رئيس قسم الأوبئة في "ويلكوم ترست" ومقرها المملكة المتحدة الدكتور جوزي غولدنغ، إلى إن النتائج التي توصل إليها أندرسون وزملاؤه "ذات أهمية حاسمة في تقديم وجهة نظر مبنية على الأدلة ضد الشائعات التي تم تداولها حول أصل فيروس "سارس كوف 2" المسبب لمرض كوفيد 19"، مضيفا أن الدراسة "تنهي أي تكهنات بشأن الهندسة الوراثية المتعمدة".

كيف نشأ الفيروس؟

بناء على تحليل التسلسل الجينومي لكورونا المستجد، خلصت الدراسة إلى أن أصل الفيروس قد يكون واحدا من سيناريوهين محتملين..

السيناريو الأول

أن يكون الفيروس قد تطور إلى حالته المرضية الحالية من خلال الانتقاء الطبيعي لمضيف له غير بشري ثم انتقل إلى البشر، وذلك كما حدث مع تفشي الفيروسات التاجية المعروفة لهذه السلالة من قبل. حيث انتقل فيروس "سارس" للإنسان في الصين من خلال مضيف له هو حيوان الزباد، أما في حالة متلازمة الشرق الأوسط التنفسية "ميرس" والذي بدأ في السعودية، فكان مضيف الفيروس هو الجمل.

 

وفي حال فيروس "سارس كوف2" المعروف بكورونا المستجد، فيعتقد أن مضيفه هو الخفاش، نظرا لأنه يشبه فيروس كورونا الذي يصيب هذا الحيوان.

 

 
 
 
الخفافيش هي أهم الحيوانات المشتبه في استضافتها فيروس كورونا المستجد ونقله إلى الإنسان
الخفافيش هي أهم الحيوانات المشتبه في استضافتها فيروس كورونا المستجد ونقله إلى الإنسان

ولا توجد حالات موثقة تثبت انتقال الفيروس من الخفافيش إلى الإنسان، ولهذا يمكن أن يكون هناك مضيف وسيط أيضا بين الخفافيش والبشر.

السيناريو الثاني:

تشير الدراسة إلى إمكانية قفز نسخة غير مرضية من الفيروس من مضيف حيواني إلى البشر، ثم تطورها إلى حالتها المرضية الحالية بين السكان.

فعلى سبيل المثال، تحتوي بعض الفيروسات التاجية من حيوان "آكل النمل الحرشفي" او البنغولين، على بنية هيكلية شبيهة بفيروس كورونا المستجد.

حيوان آكل النمل الحرشفي أحد الناقلين المحتملين لفيروس كورونا المستجد إلى البشر
حيوان آكل النمل الحرشفي أحد الناقلين المحتملين لفيروس كورونا المستجد إلى البشر

وتقول الدراسة إن الفيروس ربما انتقل مباشرة من هذا الحيوان إلى الإنسان أو عبر وسيط استضاف الفيروس مثل حيواني الزباد أو النمس قبل أن يصل إلى الإنسان.

امرأة تمسك بحيوان النمس في كنيسة في روما بإيطاليا - صورة بتاريخ 17 يناير 2020
امرأة تمسك بحيوان النمس في كنيسة في روما بإيطاليا - صورة بتاريخ 17 يناير 2020

ووجد الباحثون أن موقع انقسام الفيروس الحالي مشابه لمواقع انقسام سلالات انفلونزا الطيور، التي ثبت أنها تنتقل بسهولة بين البشر، وربما طور "كورونا المستجد" موقعا للانقسام الفيروسي في الخلايا البشرية وسرعان ما بدأ الوباء الحالي.

سيدة تلعب مع حيوان الزباد

سيدة تلعب مع حيوان الزباد

وقال الباحث المشارك في الدراسة أندرو رامبو إن "من الصعب إن لم يكن من المستحيل معرفة أي من السيناريوهات على الأرجح حدث في هذه المرحلة".

وأضاف "إذا كان فيروس كورونا المستجد قد انتقل إلى البشر في شكله المرضي الحالي من مصدر حيواني، فإنه يثير احتمال تفشي المرض في المستقبل، حيث يمكن أن تنتقل سلالة الفيروس المسببة للمرض بين الحيوانات وقد تقفز مرة أخرى إلى البشر".

وتابع "أما الاحتمال الثاني وهو الأقل ترجيحا، أن يكون الفيروس التاجي قد دخل بشكل غير مَرَضِي من الحيوانات إلى البشر ثم تطورت خصائصه حتى أصبح بشكله الحالي".

 


 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق