فبركة خبر وفاة كيم جونج أون.. الإعلام الأمريكي يسقط في «فخ السوشيال»

السبت، 02 مايو 2020 02:15 م
فبركة خبر وفاة كيم جونج أون.. الإعلام الأمريكي يسقط في «فخ السوشيال»
كيم جونج

حكمت وسائل التواصل الإجتماعى ومواقع إعلامية كبرى فى أمريكا على زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون بالموت فقبل يومين شاع فيديو يظهر فيه تابوت يرقد فيه شخص ميت، ويدور حوله عدد من الأشخاص يودعوه.

 طاف الفيديو مواقع التواصل بسرعة بوصفه تأكيدا لموت الكوري الشمالى كيم جونج اون، واللافت للنظر أن الفيديو نفسه يظهر فيه جونج اون في لقطة، لكن لا احد ممن أعادوا تشيير الفيديو اهتم بالأمر.

الفيديو بدا نهاية كوميدية لعدة تقارير وأخبار بعضها انتشر من وكالات أنباء عالمية مثل رويتر وصحف أمريكية وقنوات كبرى مثل سى إن إن، كلها نقلت عن مصادر مجهولة تأكيدات بوفاة كيم جونج اون، وفى حين أعلن البعض ابتهاجه برحيل الديكتاتور الكوري الشمالي واصل البعض السخرية في وداع الرجل الذي واجه الولايات المتحدة الأمريكية وأجبر الرئيس دونالد ترامب على لقاءه والتفاوض معه قبل أن تفشل مفاوضات نزع السلاح النووي .

نبأ وفاة كيم جونج أون انتشر منسوبا في بعض الأحيان إلى قنوات في هونج كونج، أو مصادر لم تعلن عن نفسه داخل كوريا التي واصلت التعتيم على الأمر ولم تقدم اى بيان رسمي أو تصريح يرد على ما نشر حول وفاة جونج أون.

والواقع أن ما نشر خلال الأيام الماضية عن وفاة جونج أون نموذج لما يمكن تسميته "الهبد التكراري"، حيث يظل طرف ما ينشر خبرا بلا توثيق ومن كثرة التكرار يصبح الخبر شبه حقيقة، وهذا لاعلاقة له بالموقف من كوريا الشمالية لكن له علاقة بكيفية صناعة أكاذيب ونشرها ووجود مئات الآلاف لديهم الاستعداد لتصديقها وإعادة نشرها.. إنه عصر الاتصالات والسوشيال ميديا.

لقد بنى عدد كبير من البشر مواقفهم المؤيدة أو الرافضة لجونج أون على معلومات مشكوك في صحة أغلبها، تصريحات مجهلة ومعلومات متناثرة في أفلام وثائقية أو تقارير صحفية مبتورة منسوبة لصحفيين أو معارضين بلا أسماء وهى لعبة جربتها الولايات المتحدة من قبل ونفعت من خصومها، لدرجة ان الرئيس الامريكى عاير جونج اون اثناء التلاسنات بينهما قبل اللقاء، بان بلاده تزدحم بطوابير السيارات انتظارا للبنزين، واتضح ان كوريا ليس بها سيارات لتقف طوابير وان النقل بمواصلات عامة.

ونفس الأمر مع المعلومات عن السلاح الصاروخي والنووي الكوري الشمالي، وأغلبه ينتمي إلى هذه النوعية من "الهبد" الخالي من المعلومات. وقد سبق ونشرت صحف أمريكية كبرى صورا قالت إنها لهياكل صواريخ خالية، مجرد هياكل، وبعد أيام أطلقت بيونج يانج الصواريخ ردا على التقارير الصحفية التى شككت فيها.

ماجرى مؤخرا انه  انتشرت فجأة  التقارير والقصص عن تدهور صحة كيم جونج اون، ونشرت بعضها بشكل غامض في مواقع مجهولة وسرعان ما انتقلت الى صفحات فيس بوك ثم الى صحف ومحطات كبرى و وكالة رويتر  للأنباء التي تورطت في نشر تقرير عن زيارة وفد صيني لبيونج يانج من اجل علاج جونج اون. التقارير تنوعت يعضها اشار إلى تدهور صحة أون وأخرى عن وفاته وثالثة عن عودته من المرض أو الموت.  والمرض نفسه اختلف من تقرير إلى آخر مرة بفيروس كورونا وأخرى على أثر جراحة بالقلب، وثالثة بالأوعية الدموية.

كل هذه التقارير ليس لها مصدر واحدا ، كلها "تقول مصادر .. أو نقلت جهات عن جهات"، وهى عنعنات لايمكن التماس اى درجة من الحقيقة، بل هي مجرد ادعاءات بدا مثيرا للدهشة أن تأتى مثل هذه الأخبار من وكالة مثل رويتر و قناة سى إن إن، وباقي الصحف والمواقع الأمريكية.

 و طبعا لم تكن  المرة الأولى التي تنشر وكالات ومحطات تقارير يتضح أنها بلا مصدر، فقد سبق وأعلنت نفس الصحف تقارير قالت أنها خاصة عن أوامر لجونج اون بتنفيذ إعدامات لمساعدين وأعضاء بالحكومة بصواريخ عابرة للقارات وهناك وثائقيات تبنت هذه القصص، قبل ان يظهر الأشخاص الذين تم الإعلان عن إعدامهم أحياء بجانب جونج اون مثل كيم هي تشول، مسئول الاستخبارات السابق ومبعوث كيم جونج أون للولايات المتحدة وقالت شبكة "سى إن إن"، وأكبر الصحف في كوريا الجنوبية ووكالة رويتر أنه تم إعدامه رميا بالرصاص عادت الصحف لتقول انه محتجز لدى الدولة، وبعد أيام ظهر كيم تشول بجوار كيم جونج أون في حفل فني ، وأيضا عم الزعيم الكوري كيم جونج أون جانج سونج ثايك و نشر انه تم إعدامه بتهمة الخيانة، مصحوبا بصور، ليعود الرجل للظهور في تكريم من ابن أخيه.و أيضا الجنرال ري يونج جيل، الذي تحدثت صحافة كوريا الجنوبية عن إعدامه و ظهر في وسائل إعلام حكومية بعد بضعة أشهر خلال مراسم ترقيته      ، وقبلها تم نشر قصة عن إعدام مهندس صمم مطارا بصاروخ ارض جو، واتضح أن القصة كلها مختلقة . وحتى قصص عنف جونج أو سياسات أو إعدام مرضى فيروس كورونا كلها من بنات أفكار محرري الصحف الكورية الجنوبية والأمريكية الفكاهية.

ولهذا بدا خبر وفاة أو مرض جونج اون مبنى على معلومة واحدة انج ونج اون لم يظهر منذ 12 ابريل في الإعلام ولم تنشر حوله أخبار، ما أدى بالصحف والقنوات الأمريكية نقل تقارير عن تدهور صحته أو وفاته في خبر منسوب لتلفزيون هونج كونج.  ونشرت وكالة رويتر ،ومع غياب أي مواقف أو رد رسمي  تنتشر التقارير على مواقع التواصل،   وعند تتبع بدايته اى من هذه الأخبار تصل إلى مواقع مجهولة مثل موقع " كى إن ديلى" أو كور انج كاند، أو كوري برينتر بابليش" أسماء رنانة اغلبها بلا معنى، تنقل منها مواقع ووكالات تزعم المهنية ، تكتشف خطأ ما نشرته فتبدأ حملة للتراجع بنشر تصريحات مجهلة تقول إن اون يتعافى في مقاطعة هيانجسان على الساحل الشرقي للبلاد بعد جراحة بالقلب.مجلة مجهولة قالت أن الطبيب الذي اجري الجراحة لكيم كان متوترا أخر الجراحة مما أدى بجونج اون لغيبوبة.

واللافت للنظر ان تقارير وفاته تبنت خبرا اخر بتولي شقيقته الحكم وأنها أكثر عنفا منه، وطبعا كان هناك من نقل وأعاد تشيير هذه المعلومات التي لاتوجد وثيقة أو تصريح واحد يؤيدها، عن طبيعة الشقيقة ناهيك عن توليها نفسه.

التكرار يمكن أن يجعل الوهم حقيقة، والمعلومات من مصادر واحدة مجهولة تمنحها رويتر وسى إن إن ونيويورك تايمز الخ معناها الحديث عن مهنية الإعلام الغربي واحترافيته يتلاشى أمام كمية الهبد الخالي من المعلومات والمواد المفبركة والمسيسة الموجهة وبعض من يتخذون موقفا من كوريا الشمالية وحكامها يتبنون موقفا مبنى على معلومات مشكوك فيها ولا تخلو من أساطير نتيجة البث التكراري المتعدد ، بالرغم من ان بيونج يانج غالبا ليس لها اى تدخلات فى شؤون اى من دول العالم، ويعلن ان هناك محاولات تجسس مستمرة من الولايات المتحدة، وان امريكا تطالب بيونج يانج بتصفية سلاحها النووى من دون اى وعود، ولهذا فشلت المفاوضات.بل ان الولايات المتحدة سبق لها وتراجعت عن الاتهامات وحسن ترامب من تصريحاته تجاه جونج. واعترف الإعلام الأمريكى بانه تجاوز فى نشر اخبار مفبركة. ويبدو أن خبر وفاة جونج اون حمل فى طياته ملامح وفاة اعلام امريكى.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق