«صورية المهر».. إشكالية قانونية على طريق تنفيذ دعاوى الخلع

الإثنين، 04 مايو 2020 07:00 م
«صورية المهر».. إشكالية قانونية على طريق تنفيذ دعاوى الخلع
محكمة الأسرة

حيلة ذكية يلجا إليها بعض الأزواج في دعوى الخلع يطلق عليها «صورية المهر»، وتعني الدفع ببطلان مقدم الصداق الثابت وأن هذا المقدم صوري وليس هو المهر المدفوع بالفعل المتعارف عليه بين الناس، وأن العرف السائد في مجتمعنا الشرقي أن مقدم الصداق المدون بقسيمة الزواج هو واحد جنيها فقط، وتقوم الزوجة برد مؤخر الصداق عند دعوى الخلع.

ويقول خبراء قانونيون، إن فى مثل هذه القضايا أو الدعاوى يلجأ الزوج إلى حيلة رفع دعوى - صورية المهر - حتى يستفيد من تعطيل إجراءات دعوى الخلع ويدفع بصورية مؤخر الصداق ويتم تأجيل الحكم فى دعوى الخلع حتى يفصل فى دعوى الصورية التي رفعها الزوج، ودعوى صورية المهر تتم عن طريقين إما أن يتم رفعها داخل محكمة الأسرة ليدفع بها الزوج دعوى الخلع بشكل دعوى فرعية أو تُحيل المحكمة الدعوى للتحقيق للإثبات والنفي، أو أن تقوم المحكمة بالتحقيق وقد لا تحكم بالصورية.    
 
وهناك حزمة من الإشكاليات فى دعاوى الخلع وأبرزها دعوى صورية المهر وأثرها على دعوى الخلع ومقدم الصداق الواجب رده على الزوج وحل إشكالية عدم جواز الاستئناف فى الخلع وكيفية إثبات الصورية، حيث أن غالبا ما يدفع الزوج دعوى الخلع بصورية مقدم الصداق الثابت فى وثيقة الزواج والجميع يعلم أن هذا المقدم صوري وليس هو المهر المدفوع بالفعل.
 
ويرى الخبير القانوني والمحامى المتخصص في الشأن الأسري محمد عبد التواب، إنه إذا دفع الزوج دعوى الخلع بصورية مقدم الصداق الثابت في وثيقة الزواج يعلم الجميع أن هذا المقدم صوري وليس هو المهر المدفوع بالفعل، فتقوم المحكمة بتحقيق الدفع وقد لا تحكم بالصورية، وأحيانا تلتفت المحكمة عن الدفع بالصورية ثم تقضى بالخلع وهنا يفاجأ الزوج بقاعدة عدم جواز الاستئناف لحكم الخلع طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 20 من القانون 1 لسنة 2000.
 
ويشير عبد التواب، أنه تفاديا لذلك يجب علي محامى الزوج اتخاذ الآتي: رفع دعوى مستقلة بصورية مقدم الصداق فور وصول إنذار من الزوجة بالتنازل عن حقوقها ورد مقدم الصداق الثابت بالوثيقة ويفضل رفعها قبل دعوى الخلع.  إذا رفعت دعوى الخلع يجب على الزوج أن يطلب من المحكمة في دعوى الخلع وقفها تعليقا لحين الفصل فى دعوى الصورية بحكم نهائي وهذه الأخيرة لا قيد على استئنافها فإذا قضى برفضها واستؤنفت وقضى لصالح الزوج بالصورية يتم تجديد دعوى الخلع ليتم الفصل فيها من جديد على ضوء الحكم الصادر بصورية المهر. 
 
وبشأن لماذا يضيع حق الزوج فى كثير من الأحيان؟ يقول الخبير القانوني، أن المادة 19 من القانون 100 لسنة 1985 تنص: «إذا اختلف الزوجان في مقدار المهر فالبينة على الزوجة، فإن عجزت كان القول للزوج بيمينه إلا إذا ادعى مالا يصح أن يكون مهرا لمثلها عرفا، فيحكم بمهر المثل وإذا كانت تلك المادة الإثبات على الزوجة في إثبات مقدار المهر ولكن عبء إثبات الصورية يقع على الزوج بكافة الطرق ومنها شهادة الشهود.
 
وإنه لابد من إتيان الزوج بشهود يؤكد صورية المهر، ويستمع لأقوالهم القاضي وفى النهاية يصدر الحكم حسب قناعة القاضي الشخصية في الفصل في دعوى صورية المهر، وفى كثير من الأحيان لا تقبل المحكمة الدفع ولا تحيل الدعوى للتحقيق وتفصل في الدعوى ضمناً برفض الدفع و يصير الحكم انتهائي بطبيعة الحال ويضيع حق الزوج إن كان بلا طائل، وسابقا قضت المحكمة الدستورية العليا برفض دعوى عدم دستورية الخلع، وتحصنت المادة المنظمة بالدستورية.
 
ومن ناحية أخرى - يعرف الخلع بأنه هو الافتداء إذا ما كرهت المرأة زوجَها وخافت ألا تُوفِّيه حقه، فأوجد لها الشرع، الخلع مخرجًا إن أريد بها الضرر، وهى لا تقبل به، فأحل لها أن تفتدى نفسها بشىء من المال، ولكن بشرط ألا يزيد عن المَهر، وتُعتبر حبيبة بنت سَهل الأنصاري زوجة ثابت بن قيس بن شماس، أولَ حالة خُلْع فى الإسلام.
 
ففى صحيح البخارى عن عِكرمة عن ابن عباس، أن امرأة ثابت بن قيس قالت لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "يا رسول الله، زوجي ثابت بن قيس ما أعيب عليه فى خلُق ولا دِين، ولكن أكره الكفْر فى الإسلام – أي: أكره عدم الوفاء بحقِّه لبغضي له - فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: أتردِّين عليه حديقته؟، وهى المهر الذى أمهَرَها، فقالت: نعم، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لثابت: اقبل الحديقة، وطلِّقها تطليقة.  
 
وفى هذا المقام قال الله سبحانه وتعالى: «الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ» البقرة: 229.
 
وحول ماذا سترد المرأة التي تريد الخلع طالما ليس هناك مهر؟ يجيب عبد التواب بقوله:  أما الآن فلا يوجد مهر، رغم أنه ركن من أركان الزواج، فماذا سترد المرأة التي تريد الخلع؟ كما أن إجراءات الخلع تشوبها بعض العيوب الدستورية والمخالفات الشرعية مثل عدم علم الزوج بانعقاد الخصومة، فالزوجة تعلنه إعلانا إداريا، عن طريق مأمور القسم، وغالبا لا يصل إلى شخص المدعى عليه، كما أن الأصل فى الشريعة أن ترد الزوجة إلى الزوج كل ما قدمه لها، لكن ما يحدث وما جرى عليه العمل فى القانون والمحاكم المصرية، أنها لا ترد إلا جنيها واحدا فقط، وهو مقدم الصداق المذكور فى وثيقة الزواج.
 
 ويضيف: علاوة على أن الخلع فى أغلب الحالات دون أسباب معلومة، كما أنه فى الخلع تسلب إرادة الزوج وحريته فى إيقاع الطلاق بإرادته المنفردة ليحل القاضي مكانه فى إيقاع الطلاق ودون علم الزوج وحتى تصبح إجراءات الخلع صحيحة، لابد من تحقق الشروط السابقة، وأن تثبت الزوجة أمام القاضى استعدادها التام لرد كل ما قدمه الزوج لها.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق