الانتفاضة الأخيرة ضد رفقاء الدم في تونس

السبت، 30 مايو 2020 03:00 م
الانتفاضة الأخيرة ضد رفقاء الدم في تونس
راشد الغنوشي- زعيم حركة النهضة الإخوانية
عنتر عبد اللطيف وطلال رسلان

التونسيون يثورون فى مواجهة حركة النهضة الإخوانية.. والرئيس يوجه الإنذار الأخير للغنوشى

تحركات برلمانية واسعة وجلسة لمحاكمة «ذراع الإخوان فى تونس» على خطاياه وارتمائه فى أحضان تركيا

«الغنوشى» وإخوانه خططوا للانقلاب على «بورقيبة» وكفروا التونسيين واستحلوا أرواحهم ودماءهم

               

«الدولة التونسية واحدة.. ولها رئيس واحد فى الداخل والخارج».. كانت هذه الرسالة الأقوى التى وجهها الرئيس التونسى قيس سعيد، لرئيس البرلمان، راشد الغنوشى، وزعيم حركة النهضة، الفرع الإخوانى فى تونس.

قيس سعيد الذى تجاوز حدود البروتوكولات الكلاسيكية فى كلمته بعيد الفطر المبارك، يبدو أن الكيل فاض به من تجاوزت الغنوشى، لذلك كان تحذيره الشديد بقوله: «هناك من يريد العيش فى الفوضى.. فوضى الشارع وفوضى المفاهيم، ولكن للدولة مؤسساتها وقوانينها.. الدولة ليست صفقات تبرم فى الصباح وفى المساء.. لا أبحث عن خلق الأزمات فى تونس، أو إدارة الأزمات، كما يفعل بعض الأطراف السياسية»، مؤكدا أنه لن يسمح لأى طرف بتجاوز القانون أو تجاوز صلاحياته التى منحها الدستور.

ولم يكتف سعيد فقط بتوجيه تحذيراته للغنوشى بعدم التدخل فى الشأن التونسى الخارجى، فقد أكد أيضا أن «أموال الشعب المنهوبة يجب أن تعود إلى الشعب التونسى، وهو بصدد إعداد مشروع قانون لمكافحة الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة».

ما قاله الرئيس التونسى، أعاد مرة أخرى فتح ملف المسكوت عنه فى كتاب «راشد الغنوشى»، وحركة النهضة الإخوانية، لتجاوزهم حدود الدولة وصلاحيات رئيس الجمهورية وفق دستور سنة 2014، خاصة الغنوشى، الذى لم يستطع إخفاء فرحه أمام وسائل الإعلام، وأطلق تهنئته لأنقرة وحلفائها فى ليبيا باحتلال مناطق فى طرابلس.

صحيح أن موقف الغنوشى لم يكن مستغربا، فهو ذراع الجماعة والمقرب من قطر، وبالتالى ستأتى الأوامر بمباركة مساعى أنقرة لاحتلال ليبيا كما حدث فى سوريا، إلا أن تصريحات الغنوشى، فجرت عاصفة غضب داخل البرلمان والشارع التونسى قبل المنطقة العربية، كونه رئيس البرلمان التونسى، وينسحب عليه التمثيل السياسى الرسمى لتونس.

ولم يستمر الغضب التونسى على مواقع التواصل الاجتماعى والتصريحات الإعلامية بفيديوهات للنواب التونسيين الساخطين من خطوة الغنوشى، وطالبوا كثيرا بفتح كل ملفات الفساد وليس مباركة الاحتلال التركى لليبيا فقط، حتى خرجت موافقات رسمية من البرلمان التونسى على مطالبات برلمانية بإجراء تحقيق ومساءلة بشأن الزيارات الخارجية لـ «راشد الغنوشى»، رئيس حركة النهضة، والتحقيق بشأن تجاوزاته، بجانب تزايد التفاعل مع العريضة التى دشنها نشطاء تونسيون يطالبون بالتحقيق فى ثروته وتضخمها فى فترة وجيزة، وأصبح من أثرياء تونس.

ووافق البرلمان التونسى على المساءلة حول تدخل فى السياسة الخارجية لتونس، وقالت النائبة نسرين العمارى، عن كتلة الإصلاح وعضو بمكتب المجلس، فى بيان مقتضب: «قرر مكتب المجلس منذ قليل تحديد يوم 3 يونيو جلسة عامة للحوار حول الدبلوماسية البرلمانية والمواقف الأخيرة الصادرة عن رئاسة المجلس، وذلك استجابة للبيان الذى صدر الأمس عن 4 كتل برلمانية هى الإصلاح، وقلب تونس، وتحيا تونس والمستقبل»، وأوضحت أن هذا البيان كان مساندة لمطلب الحزب الدستورى الحر فى المساءلة وتحديد موقف البرلمان التونسى من التدخل فى الشأن الليبى.

وأعلن نواب مجلس الشعب التونسى عن حزبى الائتلاف الحاكم، رفضهم لتجاوزات راشد الغنوشى، رئيس البرلمان التونسى، والمتعلقة بالتواصل مع السلطات التركية بشأن التدخل التركى فى ليبيا، وقالت عضو مكتب البرلمان التونسى، والنائبة عن الحزب الدستورى الحر التونسى، سميرة السايحى إن قرار عقد الجلسة جاء على خلفية تقديم كتلة الحزب الدستورى الحر لائحة تهدف إلى رفض البرلمان للتدخل الخارجى فى ليبيا، موضحة أن اللائحة تأتى على ضوء اعتصام نفذته كتلة الدستورى الحر داخل البرلمان، إثر رفضه لطلب تقدمت به الأسبوع الماضى، ويهدف إلى مساءلة الغنوشى حول اتصالاته الخارجية والتدخل فى شئون دول أخرى.

وأوضحت النائبة عن الحزب الدستورى الحر التونسى، أن الكتلة أعادت تقديم طلبها للبرلمان، وتم قبول لائحتها، مشيرة إلى أن أربع كتل نيابية ساندت اللائحة، وهى كتل تحيا تونس (14 مقعدا)، وقلب تونس (29 مقعدا)، والإصلاح (16 مقعدا)، والمستقبل (8 مقاعد).

وتتواصل حالة الغضب التونسية جراء الدور الذى يقوم به رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشى فى دعم الميليشيات الإرهابية فى ليبيا، وقد أعلنت 4 كتل فى البرلمان التونسى، تبرؤها من المواقف الصادرة عن الغنوشى فى الشأن الخارجى، وطالبت بمساءلته فى أول جلسة عامة حول تدخله فى السياسة الخارجية للدولة، وإقحام البلاد فى صراعات المحاور الإقليمية، ووقع على البيان كل من كتل «قلب تونس»، (27 نائبا والإصلاح الوطنى ( 16 )، و «تحيا تونس» (14 نائبا)، و «المستقبل» ( 9 مقاعد)، حيث أدان البيان تكرر تدخلات الغنوشى فى السياسة الخارجية للدولة التونسية، وإقحامها فى النزاعات الداخلية للدول وصراع المحار الإقليمية، بما يتناقض مع المواقف الرسمية، على غرار التهنئة التى وجهها إلى رئيس حكومة الوفاق فايز السراج بعد سيطرة قواته على قاعدة الوطية فى معركة عسكرية بين فرقاء ليبيين.

وقال البيان إن راشد الغنوشى لا يملك أى صلاحية قانونية بالدستور، أو النظام الداخلى للبرلمان، تسمح له بالتعبير عن أى موقف باسم البرلمان، ما لم يقع التداول فيه، أو الاتفاق حوله، ودون العودة للهياكل والأطر الرسمية للبرلمان، موضحا أن المواقف الصادرة عن الغنوشى لا تعبر عن موقف البرلمان ولا تلزمه فى شىء، ما لم يقع التداول فيها والمصادقة عليها فى جلسة عامة للبرلمان.

وفى منتصف يناير الماضى، وجد الغنوشى نفسه فى مرمى انتقادات أغلب الكتل البرلمانية التونسية، احتجاجا على ملابسات زيارته التى أداها إلى تركيا التى تسببت فى جدل وملاسنة خلال الجلسة العامة، فيما دعا نواب آخرون إلى تنظيم جلسة استثنائية، لمساءلة وزيرى الداخلية والخارجية حول هذه الزيارة ولتوضيح موقف المجلس من القضية الليبية.

وقتها صوت 122 نائبا، على مساءلة الغنوشى فى الجلسة العامة، وتغيير جدول الأعمال الذى كان مبرمجا لمناقشة قوانين مالية، فى حين رفض 20 نائبا ذلك، وصوتت كتل «قلب تونس» و«الكتلة الديمقراطية» و«تحيا تونس» و«الدستورى الحر»، و«المستقبل» ضد حزب «النهضة» وحليفه «ائتلاف الكرامة»، وهو التصويت الثانى بعد التصويت القاضى بإسقاط حكومة الحبيب الجملى، المقترح من حزب «النهضة».

واعتبر برلمانيون تونسيون زيارة الغنوشى إلى تركيا فى هذا التوقيت «مشكوكا» فى خلفياتها كونها تزامنت مع سقوط حكومة الجملى من جهة، والأوضاع المتأزمة فى ليبيا، إذ اتهمه معارضوه بالمس بـ«السيادة الوطنية وتسريب أسرار الدولة التونسية بصفته عضوا فى مجلس الأمن القومى»، مطالبين بتوضيح حول صفته التى حضر بها، خاصة أن الإعلام التركى تداول الحدث باعتباره رئيسا لبرلمان تونس.

وتمسك البرلمانيون بحقهم فى معرفة سبب الزيارة أو المحادثات التى جرت، أما آخرون فطالبوه باختيار إحدى الصفتين الحزبية أو الرسمية، مشددين على أن تداخل الصفات يشوش على الأداء البرلمانى والدبلوماسى للبلاد. ودعا النواب إلى تنقيح القانون بشكل يمنع الجمع بين صفة رئاسة البرلمان ورئاسة الحزب لتجنب تضارب المصالح والفوضى فى المواقف والسياسات، وخصوصا على المستوى الدبلوماسى.
ثروة الغنوشى.. من أين لك هذا؟
فى غضون ذلك، استمر الغضب التونسى لإجبار السلطات على التحرك لتفكيك لغز ثروة رئيس البرلمان، وفتح ملفه المالى المشبوه، بعدما تحول من مجرد مدرس إلى واحد من أبرز أغنياء تونس، وأصبح يتمتع فى أقل من عقد بثروة كبيرة، كان لها دور كبير فى سيطرت حزب النهضة على الحكم فى تونس بعد ثورة 2011.

«من أين لك هذا».. ذلك كان عنوان العريضة الإلكترونية التى راح يتداولها التونسيون على نطاق واسع لجمع التوقيعات، والتى تطالب بالتحقيق فى مصادر ثروة الغنوشى، والتى كانت فرصة لمحاصرته والبحث عن أجوبة للتساؤلات والتخمينات الكثيرة، فى علاقة بأمواله الضخمة وطريقة حياته الباذخة دون وجود أنشطة مهنية واقتصادية فعلية له فى تونس، وانتمائه لعائلة متواضعة تعمل فى مجال الزراعة.

نشطاء تونسيون على صلة بالمبادرة كشفوا وجود التفاف كبير من التونسيين حول هذه العريضة، وإقبال الآلاف على التوقيع عليها من بينهم شخصيات منشقة عن حزب حركة النهضة ومؤرخون وعلماء اجتماع وفنانون وإعلاميون، مشددا على أن مبادرته مستقلة عن كل الأحزاب والنقابات وبعيدة عن التجاذبات والصراعات السياسية الحالية.

وأكد النشطاء أنه كان من الضرورى القيام بهذه المبادرة، خاصة أن الغنوشى منذ عودته إلى تونس تسارع نسق ثرائه و ثراء حزبه، معبرا عن أمله فى أن تتحول هذه المبادرة الإلكترونية إلى مشروع جاد يحقق أهدافها.

وفسروا تفاعل التونسيين مع هذه المبادرة التى تدعو للكشف عن مصادر ثورة الغنوشى تزايد الغضب وانعدام الثقة تجاه هذا الرجل الذى تعددت زلاّته فى الفترة الأخيرة، خاصة منذ توليه منصب رئاسة البرلمان، حيث باتت الاتهامات تحاصره من كل الجبهات، بعضها ارتبط بالإرهاب وبعضها الآخر بالتخابر مع جهات أجنبية.

ويرى محللون سياسيون أن «مظاهر الثراء الفاحش على رئيس حركة النهضة، فجّر شكوكا وتساؤلات كثيرة حول مصادر هذه الثروة ومدى شرعيتها لا سيما وأنه يترأس حزبا إسلاميا تربطه علاقات مع دول خارجية داعمة له على غرار قطر وتركيا».

وأضافوا أن تقرير محكمة المحاسبات الذى أشار إلى أن النهضة تلقت تمويلات مشبوهة خلال الانتخابات المحلية، أثار شكوك التونسيين حول سبل كسب الحركة وزعمائها لثروات طائلة وجعل معاملاتهم المالية تدخل طائلة جرائم الفساد، مؤكدين أن معطيات أخرى تزيد من شدة التشكيك فى طريقة كسب الغنوشى لسياراته ومنازله الفارهة، وهى أنه لم يتقلد سابقا مناصب عليا فى الدولة، ولا فى مؤسسات كبرى وهو موظف تدريس ولا يمكنه توفير مكاسبه براتب لا يفوق 2000 دينار (700 دولار ).

وأشاروا إلى أن الشبهات التى حامت حول إمكانية تلاعب صهره رفيق عبد السلام عندما كان على رأس وزارة الخارجية بهبة منحتها الصين لتونس وتحويلها إلى حسابه البنكى الخاص، قد فاقمت فقدان الثقة فى الغنوشى وعائلته والمقربين منه، وما زاد الطين بلة هو ما ورد فى نص استقالة رئيس مكتب الغنوشى، زبير الشهودى من منصبه، عندما أقسم بكونه لم يتورط فى أى شبهات مالية، ولم يتلّق أى رشوة طيلة فترة انتمائه للنهضة، وهو ما أوحى للكثيرين بوجود شبهة فساد مالى داخل النهضة واستحواذ الغنوشى وبعض الشخصيات المقربة منه على الموارد المالية للحركة وطريقة صرفها.

النهضة.. تاريخ ملىء بالدم

ويحفل ملف حركة النهضة الإخوانية بتونس بالعديد من الجرائم المروعة تجاه الشعب التونسى الرافض لهذه الجماعة، التى تعد امتدادا للحركة الأم بمصر التى نشرت الذعر وسفكت الدماء بالعديد من البلدان العربية، فمنذ تأسيس «النهضة التونسية» عام 1972 لم تتوان فى ارتكاب جرائم يندى لها الجبين.

 قد لا يعرف البعض أن اغتيال القياديين التونسيين البارزين شكرى بلعيد ومحمد البرهامى، ليست إلا محطة فى تاريخ هذه الحركة الدموية، التى تآمرت ضد الشعب التونسى عبر التخطيط للانقلابات وتكفير المعارضين منذ عهد الرئيس التونسى الراحل الحبيب بورقيبة.

جاء ما يعرف بـ «الربيع العربى» لتنتهز الحركة الفوضى بتونس، ويتولى رئيسها راشد الغنوشى رئاسة البرلمان ليتعدى صلاحيات منصبه مرة بزيارة تركيا ولقاء الرئيس الإخوانى رجب طيب أردوغان فى اجتماع سرى، ما أثار ضده القوى الوطنية التونسية، وتارة أخرى باتصالاته المريبة مع حكومة الوفاق الليبية المدعومة من تركيا وقطريا والتى تعمل على بث الفوضى والإرهاب بالأراضى الليبية، وهو ما جعل البرلمان التونسى يحدد الأول من يونيو المقبل، لانعقاد جلسة تهدف إلى مساءلة «الغنوشى»، بالتزامن مع تصاعد شعبية تطالب بالكشف عن مصادر ثروة «المشبوهة».

لم تكن تونس لتعرف وجه «الغنوشى» لولا اندلاع ما يعرف بالربيع العربى، فقد سبق وحاول عام 1989 تقنين أوضاع حركة النهضة الإخوانية التى كان يطلق عليها «حركة الاتجاه الإسلامى»، وعقب رفض طلبه فى عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، غادر الغنوشى إلى الجزائر ومنها إلى السودان، قبل أن يستقر فى العاصمة البريطانية ليعود إلى تونس مطلع عام 2011، إلا أن جرائمهم بحق الشعب التونسى لن تسقط بالتقادم، ونستعرض بعض عمليات تنظيم «النهضة التونسية» فى السطور التالية:

بخصوص حدث كلية العلوم فى فبراير، كان لأفراد من قيادات الحركة- النهضة- دور ضمن آخرين قد يكون فعّالا فى حجز عميد كليّة ومجموعة من الإداريين وتهديدهم المختبر كله بالتفجير..  هكذا اعترف راشد الغنوشى بمشاركة الإسلاميين فى هذه الجريمة، التى وقعت عام 1981 باحتجازهم  عميد كلية العلوم بتونس على الحيلى، وهى القضية التى عادت لتثيرها من جديد الدكتورة ليلى همامى، المرشحة السابقة لانتخابات الرئاسة التونسية، بقولها فى تصريحات وقتها إنها خرجت منذ أيام قليلة من أحد المستشفيات التونسية بعد أن تعرضت لمحاولة اغتيال وحرق منزلها، لافتة إلى أن حركة النهضة سعت للضغط عليها خلال تواجدها بالمستشفى للانسحاب من انتخابات الرئاسة التونسية، قائلة: «خرجت من المستشفى بعد إعلانى انسحابى من الانتخابات، لكن عندما خرجت من المستشفى أعلنت عودتى للانتخابات الرئاسية التونسية»، مشيرة إلى أن «ما حدث معها يتشابه مع جريمة جرت وقائعها منذ عقود، ما يؤكد أن تيار الإسلام السياسى لا يغير تفكيره ونهجه، حيث سبق واحتجز عميد كلية العلوم بتونس على الحيلى».

من بين جرائم حركة النهضة أيضا، تفجير قنابل بـ 4 فنادق سياحية ليلة عيد ميلاد الرئيس الراحل الحبيب «بورقيبة» عام 1987، حيث شارك فى هذه العملية كل من «محرز بودقة وبولبابة دخيل» بتحريض من عبد المجيد الميلى، المسئول عن تنظيم حركة النهضة التونسية حينها بجهة جمال بالمنستير، وأسفرت العملية الإرهابية عن بتر ساقى سائحتين أجنبيتين، وهى العملية الإجرامية التى اتهم فيها «راشد الغنوشى»، حيث قضت المحكمة عليه بالأشغال الشاقة، ومعه شخص يدعى فاضل البلدى، كما قضت المحكمة بإعدام محرز بودقة وبولبابة دخيل وعلى العريض وحمادى الجبالى وصالح كركر وعبد المجيد الميلى وفتحى معتوق، لينجح صالح كركر وحمادى الجبالى وعلى العريض وعبد المجيد الميلى وفتحى معتوق فى الهروب، ويجرى تنفيذ حكم الإعدام فى الآخرين، ليقول راشد الغنوشى بعدها: «كما وجهت تهمة القيام بأعمال عنف محددة إلى شابين صدر بعد ذلك حكم بإعدامهما ونفذ فيهما رحمهما الله هما الشهيدان- وفق قوله- «محرز بودقة، وبولبابة دخيل» ليغسل يديه من دمائهما وكأنه لم يحرضهما على ارتكاب هذه الجريمة الإرهابية والتى بسببها جمد التنظيم الإخوانى فى تونس عضوية عبدالفتاح مورو .

وارتكب تنظيم الإخوان الإرهابى فى تونس جريمة أخرى فى 2 أكتوبر 1989 بتكفيره وزير التربية وقتها محمد الشرفى، حينما انتقد نصوصا كانت تدرس فى مادة التربية وحذفت من البرامج الجديدة فى عهده، وعقب وفاة الرجل واندلاع أحداث 2011 طالب أعضاء بحركة النهضة التونسية بنبش قبره.

وفى أوائل التسعينيات جرى ما عرف بـ «حادثة باب سويقة»، حيث احتلت عناصر من «النهضة» مقر خلية للحزب الحاكم فى قلب العاصمة، وجرى شد وثاق حارسى المقر ثم سكب مادة حارقة على جسمهما أودت بحياة أحدهما، وبقاء الآخر يعانى من عاهة مستديمة.

وقال «صابر الحمرونى» فى شهادته عن الحادثة فيما بعد، وهو أحد المشاركين الرئيسيين فيها: «ثلاثة أهداف كانت وراء عملية باب سويقة، الأول كان الاستيلاء على الملف الذى يضم أسماء أبناء الحركة وحرق كل الأوراق إن لزم الأمر، والهدف الثانى كان رد الاعتبار للإهانة التى تلقاها الشيخ مورو، وهو قيادى من قيادات المدينة، حيث اعتقلوه يوم 9 فبراير 90 وضربوه، أما الهدف الثالث فأردنا أن نقول لنظام بن على إنه حتى بشبيبته المدرسية التى تغلغلت فى دروسنا المدرسية، فإننا مازلنا على العهد وإن أبعدوا قياداتنا فنحن قواعد بإمكانها أن تتحرك وتساهم وأنه فاشل.. فاشل».

«الغنوشى» اعترف فى بيان أصدره من الخارج آنذاك بمسئولية الحركة عن هذه الحادثة، واعتبر ذلك رد فعل على العنف المسلط عليها، بل ساوى فى الترحم بين القاتل والمقتولين، ونعتهم جميعا بالضحايا، وقال «هذا الحادث الأليم الذى ذهب ضحيته ثلاثة تونسيين على الأقل، حارس أحد مقرات الحزب الحاكم وشابان نفذ فيهما حكم الإعدام رحمهم الله جميعا».

وتستمر جرائم «حركة النهضة» ضد الشعب التونسى، إلا أن مقاومتهم وكشفهم وتعرية فكرهم التكفيرى مستمرة من قبل القوى الوطنية التونسية الرافضة لجرائمهم، حتى وأن دفعوا الثمن من دمائهم واستشهدوا على طريقة الشهيد البارزين شكرى بلعيد ومحمد البرهامى، من أجل رفع الوباء الإخوانى عن تونس وبقية بلداننا العربية، ففى سبيل الحرية تهون الأرواح والدماء.

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق