بعد اقتحامه بلاط «صاحبة الجلالة».. الروبوت الصناعي يهدد صحفيي البيانات الإخبارية

الثلاثاء، 02 يونيو 2020 10:30 ص
بعد اقتحامه بلاط «صاحبة الجلالة».. الروبوت الصناعي يهدد صحفيي البيانات الإخبارية
الذكاء الاصطناعي
هبة جعفر

حالة من القلق انتابت الصحفيين في كل دول العالم بعد إعلان شركة مايكروسوفت استبدال الصحفيين المتواجدين لديها بالروبوت لصياغة الاخبار والبيانات الرسمية فيما يسمي بالذكاء الاصطناعي، ولعل السبب المعلن في قرار مايكروسوفت هو أنه تم الاستغناء عن المحررين الذي لا ينتجوا أخبارهم بشكل خاص بل إنهم يعيدون نشر ما كتبته منصات أخري، وبالتالي فإن مهمتهم يمكن للروبوت القيام بها بمنتهي السهولة والسرعة والدقة.

الحقيقة أن هذه الخطوة  ليست وليد اللحظة، فقد بدأت التجربة منذ 5 سنوات تقريبا، عندما أعلنت العديد من المؤسسات الأجنبية الكبري العاملة في المجال الصحفي والإعلامي  بدء استخدام الذكاء الاصطناعي.

البداية جاءت من صحيفة الواشنطن بوست ووكالة الأسوشيتد برس في استخدام الروبوت الصحفي والذي تمكن في الواشنطن من تحري 850 مقالا، كما استعانت بالروبوت " هيليوغراف" في تغطية الالعاب الأوليمبية التى جرت في ريو دي جانيرو في 2016.

لم يتوقف استخدام الروبوت علي الاخبار وكتابتها، بل أن بعض القنوات استعانت بالروبوت للظهور كمذيع النشرات الإخبارية، وهو ما قامت به الوكالة الصينية " شينخوا" بالتعاون مع وكالة تاس الروسية،

الاعتماد علي الذكاء الاصطناعي يطرح أمرين هامين، الأول أن شكل الصحافة العالمية بشكل عام والمصرية بشكل خاص قد تحول من مجرد تلقي بيانات إخبارية من المواقع الحكومية والهيئات إلي ضرورة اللجوء للصحافة التحليلية الاستقصائية التي تحتاج إلي جهد وتفكير واستخدام أكثر للعقل البشري، أما الأمر الأخر وهو الأكثر أهمية، ما يقع علي الصحفيين ومؤسساتهم من عبء تطوير خبراتهم وإعادة صياغة منهجهم الصحفي ليتوافق مع التطورات الحالية في العالم، والعمل علي تحدي الروبوت في عدم إزاحته من مقعده بالجريدة .

هذا الأمر أكده الخبير التكنولوجي أسامة مصطفي، الذي قال أن الروبوت أصبح ذو أهمية كبري للصحف الكبري خاصة أنه أكثر دقة وسرعة ويتعامل بشكل آلي دون الحاجة إلي التأكيد أكثر من مرة على سرعة الانتهاء من الخبر،  فهو يأخذ الأمر وينفذه فى الحال، موضحا أنه " صحيح لم تعتمد عليه الصحف المصرية حتى الآن، ولكن الأزمة الحالية قد تسفر عن اللجوء إليه خاصة مع توجه الدولة التي تولي اهتماما بالذكاء الأصطناعي، وكان آخرها ما شهده منتدي شباب العالم وحضور الروبوت صوفيا"

وأضاف مصطفي، في تصريحاته لـ "صوت الأمة" من الصعب الاعتماد على الروبوت بشكل كامل في المجال الصحفي، فمن المستحيل الاستغناء عن العنصر البشري، ولكن سيتم إعادة صياغة الخريطة للعاملين في الصحف، فعلي سبيل المثال، إذا قدمت الروبوت تقرير من صفحتين وطلبت اختيارهم فإنه يخرجهم في نصف صفحة، وبالتالي فإنه سيحل محل الديسك المركزي في الصحف، ولكن من الصعب أن يحل محل صحفي التحقيقات أو كتاب المقالات أو القصص الإنسانية والصحفية فهذا بعيد تماما عن مهمته".

وأشار الخبير التكنولوجي، إلى أن الروبوت أشبه بمحركات البحث كجوجل للترجمة وتصحيح الأخطاء اللغوية وفقا لما يتم تغذيته به من معلومات واخبار، ووفقا للطريقة التي يتم برمجته من خلالها ليبدأ في إعطاء المخرجات والتي قد يشتمل بعضها على الأخطاء، ولكنها لا تتجاوز نسبة ال5% وبالتالي فإنه يمكن الاعتماد عليه في الدقة والكتابة المختصرة، ولكن الابتكار والإبداع أمر يختص به العنصر البشري، وهي ميزة منحها الله للعقل البشري دون غيره من المخلوقات".

وعلق مقبل فياض، الخبير التكنولوجي،  قائلا: "صحافة  الروبوت هي جزء بسيط من ثورة صحافة الذكاء الاصطناعي، والروبوت مجرد أداة من أدوات صحافة الذكاء الاصطناعي، مؤكدا أنه يمكن القول إن هناك العديد من الأدوات التي ستوفرها الثورة الصناعية الرابعة، وتلعب دورا كبيرا في تشكيل مفهوم صحافة الذكاء الاصطناعي، فصحافة الذكاء الاصطناعي لا تعتمد فقط على " الروبوت" فهو جزء مادي من تلك الأدوات المختلفة".

وأضاف فياض، أن الصحافة لا تعتمد فقط علي  البيانات الإخبارية وهي  الأكثر تهديدا، ولكن هناك أيضا علي القصص والتحقيقات والتحليلات الإخبارية، والتي ستظل صامدة أمام الثورة الصناعية، كما أن المؤسسات والدول عليها أيضا  توفير امكانيات الثورة الصناعية الرابعة مثل: (منصات إنترنت، أجهزة الهاتف المحمولة عالية الدقة، تكنولوجيا كشف المواقع، التفاعل المتقدم بين الإنسان والآلة، التوثيق وكشف الاحتيال، الطباعة ثلاثية الأبعاد، أجهزة الاستشعار الذكية، تحليل البيانات الكبيرة والخوارزميات المتقدمة، التفاعل متعدد المستويات مع العملاء وجمع المعلومات، الواقع المعزز والأجهزة القابلة للارتداء، تقنية بلوك تشين"، ولكل تقنية من تلك التقنيات أدوار كبيرة في الدفع بصحافة الذكاء الاصطناعي.

يشار إلى أن مصر عقدت أول اجتماع  للمجلس الوطني للذكاء الاصطناعي في فبراير الماضي قبل انتشار جائحة كورونا لاستعرض  أهداف ومهام وتشكيل المجلس الوطنى للذكاء الاصطناعي، كما تمت مناقشة مقترح تشكيل المكتب التنفيذي، وكذلك استعراض تشكيل ومهام اللجنة الفنية الحالية والتى تختص بدراسة الأنشطة الجارية فى مجال الذكاء الاصطناعى وتوحيدها من قبل جميع الجهات المعنية لدمجها فى استراتيجية موحدة  تأخذ فى الاعتبار ما قد تم إنجازه بالفعل على أرض الواقع، على أن يتم عرضها على المجلس فى الاجتماع القادم، ومن ثم تعميمها لاحقاً داخلياً وخارجياً، ومراجعة المشروعات والاتفاقيات والمؤتمرات المقترحة من قبل أعضاء المجلس وإبداء الرأى الفنى فيها.

كما تحدد ضمن مهام اللجنة، التقدم بمقترحات فنية لإثراء بيئة الذكاء الاصطناعي فى مصر بما يتماشى مع أهداف الاستراتيجية الوطنية، بالإضافة إلى دراسة تجارب الدول الأخرى واختيار المناسب منها لعرضه على المجلس، واقتراح أنشطة وفعاليات لدعم الشركات الناشئة فى مجال الذكاء الاصطناعي، وكذلك لدعم البحث العلمى فى هذا المجال، ورفع المقترحات والتوصيات للمكتب التنفيذى لعرضها على المجلس.

وتناول الاجتماع أيضا آليات تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي من خلال خلق أجيال من المتخصصين فى هذا المجال ونشر الوعى فى كافة مؤسسات الدولة بأهمية الذكاء الاصطناعي، ورفع كفاءة العاملين فى مختلف الوزارات من خلال برامج تدريبية بالتعاون مع شركات عالمية متخصصة، هذا بالإضافة إلى التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية فى تبنى تقنيات الذكاء الاصطناعى ومناقشة القضايا ذات الصلة مثل الأخلاقيات وحماية البيانات، خاصة أن مصر تقود حاليا مجموعتى عمل فى الاتحاد الإفريقى وجامعة الدول العربية لوضع استراتيجيات موحدة تمهد للتعاون فى تطبيقات الذكاء الاصطناعى وتوحيد المواقف العربية والإفريقية لدى المنظمات الدولية. وقد استضافت مصر فعاليات الاجتماع الاول لمجموعة العمل الخاصة بالذكاء الاصطناعى التابعة للاتحاد الأفريقي فى ديسمبر الماضى.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق