بين فلويد الأمريكي وبوعزيز التونسي .. هل ستشهد أمريكا سيناريو الربيع العربي؟

الخميس، 04 يونيو 2020 07:00 م
بين فلويد الأمريكي وبوعزيز التونسي .. هل ستشهد أمريكا سيناريو الربيع العربي؟
احتجاجات أمريكا

 يبدو التطابق واضحا بين المشهدين.. الأول ، جرت أحداثه علي الأراضي التونسية عندما أشعل بوعزيز النيران في نفسه احتجاجا على البطالة، وسوء الأحوال الاقتصادية فاشتعلت بها تونس بل أوطانا بأكملها في منطقة الشرق الأوسط، إلى حد اندلاع الحروب الأهلية، وتمكين الميليشيات الإرهابية، من السلطة في العديد من دول المنطقة  فيما يسمي بالربيع العربي، الذي شهد سلسلة احتجاجات ومظاهرات ليجد النشطاء مكانهم أمام قصور الرئاسة، يطالبون صراحة برؤوس حكامهم ... أما المشهد الثاني فيبدو متماثلا، حيث انتقلت الاحداث إالي الأراضي الأمريكية عقب مقتل جورج فلويد، وهو مواطن أمريكى من ذوى الأصول الأفريقية، في ولاية مينينسوتا، ليكون الحادث بمثابة الفتيل الذى أشعل أمريكا.

 

انتقل النشطاء الأمريكيين إلى الاشتباك مع قوات الأمن، وتعمدوا تخريب الممتلكات العامة، والخاصة، في انتهاك صريح للقواعد المتعارف عليها، بينما امتدت حالة العنف إلى مركز السلطة في البلاد (البيت الأبيض)، مما دفع إلى التحفظ على الرئيس في مخبأ خاص،

 

ولعل المفارقة الغريب هي أن المشهد الأمريكي الراهن يبدو متطابقا مع ما يسمى بـ"الربيع العربى"، فالأمور في "مهد الديمقراطية الحديثة" تطورت إلى الحد الذى ظهرت فيه حركات لتتزعم الاحتجاجات، وعلى رأسها حركة "أنتيفا"، والتي تدعى معادتها للعنصرية، يرتدى أعضائها ملابس سوداء، وأقنعة ليغطون بها وجوههم، وهى الحركة التي أعلن الرئيس دونالد ترامب نيته لوضعها في قائمة التنظيمات الإرهابية، بينما خرج الجيش الأمريكي لمساندة الشرطة في مجابهة العنف، وفرض حظر التجوال في العديد من المناطق، في حين لم يخلو المشهد من محاولة دهس للمتظاهرين بناقلة وقود في ولاية مينينسوتا، ربما ليتحقق التطابق الكامل بين مشاهد الماضى بالمشهد الأمريكي الحالي.

 

نيران بوعزيزى أحرقت الشرق الأوسط إبان الربيع العربى
نيران بوعزيزى أحرقت الشرق الأوسط إبان الربيع العربى

وبين الماضى المتجسد فيما يسمى بـ"الربيع العربى"، والحاضر الأمريكي، يبدو التشابه الأكبر واضحا في الجهة التي تبدو داعمة لحالة الفوضى الراهنة في الداخل الأمريكي، والمتمثلة في الحزب الديمقراطى، والذى كان يحكم الولايات المتحدة في صورة إدارة باراك أوباما، إبان الربيع العربى، بينما لا يجد حاليا سبيلا لإحياء أماله، للمنافسة في الانتخابات الرئاسية المرتقبة، والمقررة في شهر نوفمبر المقبل، سوى إشعال البلاد، عبر التضامن مع الاحتجاجات، خاصة بعدما فشلت كافة السبل في الماضى لزعزعة عرش ترامب، منذ انتصاره على غريمته السابقة هيلارى كلينتون في 2016.

 

خرج متظاهرون يحملون اللافتات على النتائج التي أتت بها الصناديق الانتخابية، في انقلاب صريح على الديمقراطية، بينما امتدت بعد ذلك عبر اتهام سيد البيت الأبيض، بالتواطؤ مع الروس، وهو الادعاء الذى قوضته التحقيقات التي قادها القاضي الأمريكي روبرت مولر، وانتهاءً بالحملة التي أطلقتها رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى لعزل الرئيس على خلفية اتصال هاتفى مع رئيس أوكرانيا فلاديمير زيلنيسكى لكشف قضايا فساد تورط بها نجل المرشح الديمقراطى للرئاسى جو بايدن.

 

 العنصرية تجلت في أبهى صورها في عهد أوباما

الأحداث داخل الولايات المحدة الأمريكية تثبت تورط تورط الديمقراطيين في إشعال الفوضى مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية ، خاصة وأن السيناريو المتبع ليس غريبا عنهم، في ضوء التطابق الكبير في الأحداث بين ما شهدته منطقتنا منذ عقد من الزمان، لتحقيق رؤية أوباما (الرئيس الديمقراطى السابق)، ومن وراءه خطط الحزب الذى ينتمى إليه، والتي كانت تقوم على تمكين التيارات المتطرفة، من السلطة، تقدم خلالها تلك الأنظمة الجديدة فروض الولاء والطاعة للأجندة الأمريكية القائمة على إعادة تقسيم المنطقة، فيما يسمى بـ"الشرق الأوسط الجديد".

فهل يطلق جورج فلويد النار فى الجسد الأمريكى
فهل يطلق جورج فلويد النار فى الجسد الأمريكى؟

الغريب أن سجل الولايات المتحدة ملئ بالأحداث العنصرية ضد السود، إلا أنها لم تشهد هذه " الهوجة " الغير مفهومة ، بل الأغرب  أن مثل هذه الحوادث تراجعت إلى حد كبير في حقبة ترامب، إذا ما قورنت بعهد سلفه الديمقراطى، والذى شهدت حقبته اعتداءات كبيرة على أساس عنصرى، رغم كونه (أوباما) من أصل إفريقى، امتدت من ولاية نيويورك مرورا بفلوريدا وميزورى، وحتى لويزيانا، وهى الاعتداءات التي أثارت انتقادات كبيرة في حينه، حيث اعتبرت العديد من الأقلام أن أول رئيس "إسود" لأمريكا فشل فشلا ذريعا في حماية حقوق الأمريكيين "السود".

 

ثلاثى الشر.. كورونا والفوضى والسوشيال ميديا في مواجهة ترامب

 

المثير في الأمر أن الحرب التي يتعرض لها ترامب تتواكب مع أزمة فيروس كورونا التي ضربت الاقتصاد الأمريكي في مقتل ، بل وشهدت عصيان بعض حكام الولايات الذين رفضوا تنفيذ أوامر ترامب بفك الحظر في محاولة منهم لإطالة أمد الأزمة الاقتصادية وبالتالي ضرب الاقتصاد الذى شهد قدرا من الانتعاش منذ اعتلاء ترامب سدة البيت الأبيض، وهو ما يمثل أحد أكبر الإنجازات التي يعول عليها الرئيس في حملته الانتخابية القادمة، إلا أن خروج المواطنين للتظاهر تأييدا لرؤيته كانت انعكاسا ليس فقط لفشل الخطة وإنما أيضا لإفلاسهم وعدم قدرتهم على تقديم رؤى جديد، وبالتالي فأصبح اعتمادهم قاصرا على تقويض نجاحات الإدارة الحالية، ولو على حساب المواطن الأمريكي.

نجاحات ترامب أربكت خصومه.. فهل تنقذهم الفوضى؟
نجاحات ترامب أربكت خصومه.. فهل تنقذهم الفوضى؟

أسلحة الديمقراطيين ضد ترامب امتدت لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعى، وإن كان بشكل يبدو أكثر شراسة عن تلك الأساليب التي سبق لهم استخدامها في معاركهم السابقة.

 

فلم يكتفوا بالتشكيك فى مصداقيته عبر "نشطاء" السوشيال ميديا، وإنما اتجهوا إلى استخدام إدارات المواقع للانغماس في معركتهم السياسية، وهو ما بدا مؤخرا في قيام "تويتر" بالتشكيك في مصداقية تغريدة أطلقها ترامب حول الانتخابات، وهو ما يعد بمثابة سابقة في تاريخ الموقع، الذى طالما تشدق، هو وأقرانه، بحماية حرية التعبير، وهو ما يمثل انعكاسا لتحالف "قوى الشر" في مواجهة ترامب قبل الانتخابات المرتقبة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة