"إعلان القاهرة" يربك حسابات الإخوان وتركيا في ليبيا

السبت، 13 يونيو 2020 06:00 م
"إعلان القاهرة" يربك حسابات الإخوان وتركيا في ليبيا
الإخوان
محمود على

جرائم مرتزقة أردوغان في ترهونة تثير رعب المجتمع الدولي.. والصراع يحتدم داخل الوفاق بين مؤيد ومعارض لاستمرار العمليات العسكرية
 

شهد الأسبوع الماضى، تطورات عديدة على الساحة الليبية سياسية منها وعسكرية، كان أبرزها المبادرة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي في بداية الأسبوع الماضي تحت اسم "إعلان القاهرة"، لحل الأزمة الليبية بالطرق السياسية وجمع الليبيين على طاولة مفاوضات واحدة تحت رعاية الأمم المتحدة، وتوالت ردود الأفعال المؤيدة للمبادرة المصرية، إذ رحبت بها فرنسا وأمريكا وروسيا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا، واعتبروها أساسا للبدء في مفاوضات جادة بين الفرقاء الليبين.

ومن الجانب العربي حازت المبادرة على ترحيب كبير فأعربت السعودية والإمارات والبحرين واليمن والكويت والاتحاد العربي وبرلمانه عن التأييد المطلق للجهود المصرية الساعية إلى التوصل لحل سياسي للأزمة الليبية.

كل هذا الزخم السياسي الذي نتج عن المبادرة المصرية، جعل المجتمع يأمل في أن تكون محل تقدير من جميع الفرقاء الليبيين لتكون نقطة انطلاق لتهدئة الملف الليبي المشتعل ووقف التدخلات الأجنبية وإيقاف تدفق الأسلحة والمرتزقة الأجانب من الخارج داخل ليبيا.

في الداخل الليبي كان لها تأييداً كبيراً إذ رحب بها المجلس الأعلى لمشايخ وأعيان ليبيا، عبر نائب رئيسه الشيخ السنوسي الحليق قائلا إن "القبائل الليبية كافة في المجلس تؤيد مبادرة القاهرة وتعتبرها المبادرة الأفضل في سبيل حل الأزمة الليبية"، وأثنى «الحليق» على الجهود العربية الداعمة للاستقرار في ليبيا، ودور الدول الكبرى التي تدفع نحو ذلك، مؤكدًا أن "القبائل الليبية تنخرط خلال الأيام المقبلة مع بعض الأجسام المدنية والبرلمان في جلسات ومباحثات لاختيار المجلس الرئاسي الجديد من رئيس ونائبين، في سبيل إنهاء حالة الاقتتال الدائرة، والبدء نحو الخطوات الأخرى التي تضمنتها مبادرة القاهرة".

كما أعلنت مجموعة أبناء ليبيا وقوفها ضد محاولات ما وصفته بالاستعمار والهيمنة وسرقة ثروات البلاد بحجج وشعارات براقة واهية، مؤكدة تأييدها المطلق لمبادرة مصر والتي تستند إلى الاجتماعات واللقاءات في كل من باريس وباليرمو وأبو ظبي ومخرجات مؤتمر برلين، مطالبة المجتمع الدولي والدول الفاعلة وبعثة الأمم المتحدة، بدعم المبادرة المصرية وتطبيق بنودها وضرورة تثبيت وقف إطلاق النار وإلزام الدول بحظر توريد الأسلحة وسحب كافة المرتزقة.

في الوقت ذاته انقسم المجلس الرئاسي التابع لحكومة الوفاق في موقفه حول التوجه نحو الحل السياسي، بين من يرى ضرورة استثمار المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار ومحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ومن استثمر موقعه في حكومة الوفاق لإظهار حقده على الدولة المصرية ودعمه للاحتلال التركي لأراضي بلاده، والسبب أنه منتمي لجماعة الإخوان في ليبيا أو يعمل تحت مظلتها.

الغريب أن من يتحجج بالدفاع عن الدولة الديمقراطية في ليبيا، كانوا حجر عثرة أمام تحقيق ما ينادون به، فعندما تداولت معلومات أن  نائب رئيس المجلس الرئاسي أحمد معيتيق أراد أن يوقف العمليات العسكرية بناء على المبادرة المصرية مجرياً اتصالاً بما يعرف بغرفة عمليات تحرير سرت التابعة للوفاق لإيقاف العمليات وعدم اقتحام مدينة سرت، خرجت أبواق جماعة الإخوان من الذين يحسبون على مدينة مصراتة لتشويه معيتيق والنيل منه وكأنه لا يريد السلام.

ولم يقف هجوم إخوان ليبيا على معيتيق على تغريدات النشطاء التابعين للجماعة، بل وصل إلى شن إحدى الأعمدة الرئيسية للإخوان في حكومة الوفاق، وزير الداخلية فتحي باشاغا هجوما لاذعا على نائب رئيس المجلس الرئاسي، واصفا إياه بالانتهازي وضعيف النفس الذي يأخذ إملاءات من الخارج.

وهدد باشاغا الذي يعرف بوزير داخلية الميليشيات وهو ينتمي لمدينة مصراته، باقتحام مدينة سرت واستمرار العمليات العسكرية، قائلاً: ” سرت ستعود لحكومة الوفاق" وتحت مظلة ما وصفها بالشرعية.

وأظهر مقطع فيديو تداوله نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، عدداً من قيادات ميليشيات حكومة الوفاق يلقون بياناً يعبرون فيه عن رفضهم لاتصال هاتفي أجراه نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق احمد معيتيق، لما تسمى بغرفة عمليات تحرير سرت أبلغهم فيها بإيـقاف جميع العمليات، بالتزامن مع المبادرة المصرية الساعية إلى حل سياسي للأزمة الليبية.

لكن المثير للانتباه هو أن نائب رئيس المجلس الرئاسي أحمد معيتيق خرج ليوضح أن كل ما تداولته وسائل الإعلام في ليبيا من مكالمة تم إجرائها للجبهة العسكرية، وما صاحبه بالحديث عن زيارته هو وزير الخارجية طاهر سيالة كان بالاتفاق مع المجلس الرئاسي، قائلا: لقائي مع المسؤولين الروس في موسكو كان باتفاق مع رئيس المجلس الرئاسي وبتكليف منه.. وكل التفاصيل التي نوقشت بلغ بها رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج بشكل رسمي"، مؤكدا أن التوجهات التي أصدرها للغرفة لم تتم بشكل فردي.

 ورغم ما يظهره هذا الخلاف من إيجابيات بشأن عدم الرفض الكامل من قبل المجلس الرئاسي تجاه مبادرة القاهرة، إلا أن الواقع على الأرض كان بعيدا عن المأمول ليس في الميدان العسكري فقط، بل فيما يخص التعامل الإنساني مع أهالي ترهونة التي سيطر عليها ميليشيات الوفاق وما فعلته من عمليات نهب وسرقة وإجبار على نزوح كل الداعمين للجيش الوطني الليبي.

وأكد المتحدث باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري، أن الجيش الوطني سيحافظ على وحدة الأراضي الليبية، ويعمل لاستعادة الأمن والاستقرار في كل البلاد، مهدداً باستخدام قوة جوية مفرطة، وذلك بعد رفض تركيا وقطر وحكومة الوفاق والإخوان في ليبيا لمبادرة القاهرة للسلام.

وقال المسماري في مؤتمر صحفي، إن بيانات الرفض لإعلان القاهرة قطعت الطريق على الأصوات الداعية للسلام، مؤكدا أن الميليشيات المدعومة من تركيا ارتكبت جرائم حرب بحق المدنيين، مشيراً إلى أن تركيا تستغل عضويتها في حلف الناتو لانتهاك سيادة ليبيا، مؤكداً أن الميليشيات انتهكت حرمة المواطنين، مشيداً بجهود الليبيين في مساعدة النازحين في البلاد، موضحاً أن عدد النازحين من ترهونة وحدها بلغ أكثر من 20 ألفا مشيرا إن الجماعات المتطرفة المدعومة من تركيا تعدت على هيبة المدن وكرامة المواطن بعدما ارتكبت جرائم ضد الإنسانية بحق المدنيين.

جرائم ميليشيات الوفاق في ترهونة كانت لها صدى كبير في الأونة الأخيرة، حيث أصدرت الأمم المتحدة بيانا طلبت فيه بـ"إجراء تحقيق سريع ونزيه" في جرائم حرب يعتقد أن ميليشيات ليبية ومرتزقة سوريين موالين لأنقرة ارتكبوها في مدينتي الأصابعة وترهونة غرب البلاد.

وقالت بعثة الأمم المتحدة للدعم بليبيا في بيان: "تبعث التقارير الواردة عن اكتشاف عدد من الجثث في مستشفى ترهونة على الانزعاج الشديد... كما تلقينا العديد من التقارير عن نهب وتدمير للممتلكات العامة والخاصة في ترهونة والأصابعة والتي تبدو في بعض الحالات أعمال انتقام وثأر من شأنها أن تزيد من تآكل النسيج الاجتماعي الليبي".

في ذات السياق أكدت بعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا على ضرورة مشاركة جادة من كلا الجانبين في محادثات 5+5 تحت رعاية البعثة الأممية، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، مشددة على على ضرورة حماية المدنيين بعد تقارير عدة أفادت بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات في ترهونة والأصابعة غرب البلاد، ودعت إلى الحفاظ على "الالتزامات الإنسانية من قبل الأطراف المتنازعة عبر ضمان حماية المدنيين".

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة