يوسف أيوب يكتب: ثورة الضرورة

الأحد، 28 يونيو 2020 10:00 ص
يوسف أيوب يكتب: ثورة الضرورة
30 يونيو

30 يونيو أنقذت مصر من فاشية دينية أرادت أن تبسط يديها الملوثة بدماء الأبرياء على كامل التراب المصرى 
لولا الثورة لرأينا مشروع الأخونة مطبقاً في كل الدول العربية بلا استثناء ولسيطر الإرهابيين على الحكم وما استطاع أحد أن يزيحهم عن الحكم
ما يحدث في ليبيا حالياً ووجود الميليشيات الإرهابية والاحتلال التركى دليل على أن 30 يونيو كانت ضرورية لحماية المنطقة 
الإخوان باعوا أمن مصر القومى لإثيوبيا ووافقوا على سد النهضة ومنحوا الإثيوبيين كارت التفوق بالاجتماع الكارثى
 
كانت 30 يونيو ثورة "ضرورة" ليس فقط لحماية مصر من حكم فاشية دينية أرادت أن تبسط يديها الملوثة بدماء الأبرياء على كامل التراب المصرى والمصريين، لكن لأنها كانت ضرورية لحماية الأمن القومى العربى والإقليمي، بعدما تخطت جماعة الإخوان الإرهابية عبر أذرعها المتعددة في الدول العربية، الخطوط الحمراء، وباتت السيادة العربية منتهكة على يد التنظيم الإرهابى الذى رهن العرب في يد الأتراك الحالمين بعودة حلم الخلافة العثمانية من جديد، على أنقاض ما يسمونه بالربيع العربى الذى كانت الجماعة هي رأس الحربة فيه، انطلاقا من مصر ومروراً بتونس وسوريا وليبيا واليمن والسودان، على أمل الامتداد لكل الأراضي العربية، خاصة دول الخليج.
 
هي ثورة الضرورة التي حمت العرب جميعاً من الوقوع في براثن الميليشيات والإرهابيين، الذين أطلقتهم الجماعة في العديد من البلدان العربية تحت شعارات مختلفة، كانت تعمل من خلالها على تمهيد الأرض لكسر السيادة العربية، والسماح لفكر الجماعة أن يسود الجميع، ليكون لها السلطة والسلطان، لذلك لم يكن مستغرباً أن نرى أشقائنا العرب الأكثر سعادة بـ30 يونيو، ربما أكثر منا نحن في مصر، لانهم كانوا يتابعون ما كانت تخطط له الجماعة في مصر، ويدركون أن سقوط مصر يعنى سقوط العرب بالكامل، وما يستتبع ذلك من انهيار كامل لمنظومة الأمن القومى العربى، لذلك عمت الفرحة الدول العربية، فلم يحدث في تاريخ الثورات أن حازت ثورة بمثل هذا التأييد مثلما حازت 30 يونيو، بل ان دولاً عربية تصدت لكل المتشككين في الثورة، أو محاولة الضغط على مصر للعودة مرة أخرى إلى أحضان الجماعة الإرهابية، لذلك لم يكن مستغرباً ان نرى العاهل السعودى الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، ومعه الراحل سعود الفيصل، وزير خارجية المملكة الأسبق، يطوفون العواصم الاوربية ويجرون اتصالات متتالية مع قادة الدول لحثهم على تأييد ثورة المصريين، والتوقف عن كل ما من شانه الأضرار بمصالح هذه الثورة، كما تابعنا كيف تحرك أشقائنا في الإمارات العربية المتحدة وعلى رأسهم الشيخ محمد بن زايد لدعم الثورة، ورأينا الكثيرين من أشقائنا يباركون ثورة المصريين ويؤيدونها، لإدراكهم أنها الثورة التي ستنقذ الجميع وليس مصر فقط.
 
نعم فلولا ثورة 30 يونيو لرأينا مشروع الأخونة مطبقاً في كل الدول العربية بلا استثناء، ولسيطر الإرهابيين على الحكم، وما استطاع أحد أن يزيحهم عن الحكم، ولنا فيما يحدث الأن في تركيا مثال وعبرة، فحزب العدالة والتنمية الإخوانى يستخدم كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لمقاومة أي محاولة لإزاحته عن الحكم، يبطش بالمعارضة ويقتلهم في وضح النهار، ويهين الجيش والشرطة لانهم رفضوا الرضوخ لأوامر رجب طيب أردوغان، يفعل ذلك حتى لا يترك الحكم، فلنا أن نتخيل ماذا كان سيحدث لو أن الإخوان لازالوا في حكم مصر حتى اليوم!.
 
الحمد لله نجحت الثورة وإنزاح حكم الفاشية الإخوانية، وحُميت الدول العربية من هذا الفيروس اللعين الذى حاول أن يفتك بالعرب وقدراتهم ومقدراتهم.

الإرهاب في ليبيا دليل أن 30 يونيو مانت ضرورية 
وإذا نظرنا إلى ما يحدث حولنا اليوم من أحداث لتأكدنا من صدق ما نقوله بشـأن أن هذه الثورة حمت الإقليم من الفيروس الأخوانى، خاصة إذا ركزنا على قضيتين، الأول مرتبطة بالأمن القومى العربى والإقليمي، والثانية مرتبطة بالأمن القومي المصري، فالقضيتان المستمرتان معنا حتى اليوم كانتا من نتاج التلاعب الإخوانى في منظومة الامن القومى العربى والمصرى، وهما الوضع المتأزم في ليبيا، ثم أزمة سد النهضة.
 
وإذا ما تحدثنا عن الوضع في ليبيا، فمنذ 2011، والإطاحة بنظام العقيد معمر القذافى وجد الاخوان ان ليبيا ستكون هي المنطقة الأمثل لتنفيذ مخططاتهم البديلة، بجعلها نقطة تجمع للإرهابيين حال فشل لأمر في سوريا، مستفيدين من جغرافية ليبيا وحدودها الممتدة مع مصر لأكثر من 1200 كيلو متر، فضلاً عن شاطئها على البحر المتوسط، فمع مرور الأيام حولت الجماعة الإرهابية بدعم وتمويل قطرى تركى الأراضي الليبية إلى نقطة ارتكاز وتجمع للإرهابيين، ومنطلقاً لتهديد الأمن القومى المصرى خاصة بعد ثورة المصريين على الإخوان في 2013، وهو ما دفع مصر إلى النظر لما يحدث في الاراضى الليبية على أنه اكبر مهدد ليس فقط للأمن القومى المصرى وإنما الإقليمي بالكامل.
 
ومن هنا جاءت التحركات المصرية الأخيرة التي تستهدف العمل على حماية ليبيا من حكم الميليشيات والتدخلات العسكرية التركية المباشرة، التي تحاول احتلال ليبيا لتنفيذ مخططاها وأغراضها الخبيثة في المنطقة، والأهم من ذلك من وجهة نظرهم تهديد مصر وأمنها واستقرارها.

هل تستند مصر لشرعية دولية وهى تتحدث عن التدخل في ليبيا؟
المؤكد أن السياسة الخارجية المصرية في القضايا المختلفة تقوم على محددات احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شئونها الداخلية، ومن هنا يمكن القول بأنه في وقت كان ليبيا تعتبر مسرح عمليات كبير لكل القوى الدولية بلا استثناء كانت مصر تلعب منفردة في اتجاه إعادة بناء مؤسسات الدولة الوطنية الليبية، وإفشال المخططات الدولية، دون مصلحة الا حماية الدولة الليبية، وإعادة بنائها من أجل عيش آمن للأشقاء الليبيين، كما لا يخفى علينا أن ليبيا تمثل جبهة مواجهة لمصر مع التنظيمات الإرهابية.
 
واستند موقف الدولة المصرية تجاه الأزمة الليبية منذ بدئها في 2011، إلى عدة ثوابت دعما لحل سياسى تتمثل في إقامة دولة وطنية موحدة بمؤسسات قوية تتمثل في برلمان وحكومة وجيش يعبر عن إرادة العيش المشترك بين أفراد الشعب الليبي، والقضاء على الميليشيات الإرهابية التي تهدد أمن وسيادة الدولة، فضلاً عن حماية مقدرات الشعب الليبي وثرواته والتوزيع العادل لها. 
 
والشاهد في كل ما يحدث أن التحركات المصرية تتم تحت مظلة الشرعية الدولية لقرارات الأمم المتحدة والجولات السياسية المختلفة التي كانت برعاية ودعم مصري في جولات أبوظبي ٢،١،وباليرمو، ومؤتمر برلين، وأخيراً المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار التي جاءت بناء على إجماع أطراف تعبر عن الإرادة الليبية، سواء رئيس البرلمان عقيلة صالح، أو قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر.
 
وفي هذا السياق تمثلت مكونات المعادلة الليبية في النفط الذي هو من حق جموع الشعب الليبي بينما تقع عوائده في يد حكومة تسيطر عليها ميليشيات الإرهاب، وكذا البنك المركزي لليبي، والعاصمة طرابلس، وذلك في وجود كم ضخم من السلاح في الأراضي الليبية دون سيطرة من دولة مركزية، بالإضافة إلى وجود العديد من الجيوب والبؤر الإرهابية الممولة من قوى إقليمية ودولية تسيطر على مختلف المدن، وتوجه رأس حربة الإرهاب إلى الدولة المصرية، مثل سرت، والجفرة، ودرنة، التي انطلقت منها العديد من العمليات الإرهابية ضد الدولة المصرية، وشهدت تواجد تنظيم الإرهابي هشام عشماوى، قبل أن تقبض عليه القوات الليبية، وتتسلمه السلطات المصرية مايو ٢٠١٩ ،بتنسيق أمني واستخباري بين البلدين، حيث تمثل هذه المدن خطاً أحمر للأمن القومي المصري.
 
ومن ثم، فالتدخل المصري في ليبيا، له مرتكزات أهمها حماية الأمن القومي المصري في العمق الإستراتيجي على طول الحدود، مع الدولة الليبية، بالإضافة إلى مد يد العون إلى الأشقاء الليبيين الذين تجمعهم بالدولة المصرية روابط تاريخية وعائلية لا يمكن بموجبها التخلي عن هؤلاء الأشقاء الذين يعانون غزواً من قوى إقليمية دخيلة، تريد نهب ثرواتهم رغبة في استعادة إرث استعمارى قديم.
 
وتستند مصر لعدد من الأسانيد القانونية للتدخل في ليبيا، منها الاستناد إلى حق الدفاع الشرعي عن النفس، بموجب المادة ٥١ من ميثاق الأمم المتحدة، فالقاهرة، تدافع عن نفسها في مواجهة التنظيمات الإرهابية المنتشرة في الداخل الليبي، من ناحية، والممارسات التركية في البر والمياه والمجال الجوي الليبي والتي أثارت حفيظة القوى الدولية، وآخرها فرنسا، ومن قبلها قبرص واليونان، إذ تهدد أمن مصر على طول الحدود الغربية من جهة أخرى.
 
وهناك سابقة قانونية، تحركت فيها الإدارة المصرية تحركاً مماثلاً تحت مظلة الأمم المتحدة، عندما أبلغت مصر في مايو ٢٠١٧ ،مجلس الأمن الدولي، بأن ضرباتها العسكرية شرقي ليبيا، تأتى "في إطار حق الدفاع الشرعي عن النفس"، حينذاك، سلمت بعثة مصر الدائمة لدى الأمم المتحدة خطاباً إلى مجلس الأمن حول العمليات العسكرية شرقي ليبيا، ويعد الخطاب إخطارا بأن الضربات الجوية المصرية التي استهدفت مواقع التنظيمات الإرهابية في مدينة درنة شرقي ليبيا، تأتى اتساقاً مع المادة ٥١ من ميثاق الأمم المتحدة المعنية بالحق الشرعي في الدفاع عن النفس، حينذاك شن الطيران المصري قصفا على مدينة درنة على مدى يومين على نحو قانونى بشرعية دولية لأن مصر ليست لها أطماع، وحماية أمنها حق أصيل لها.
 
كما أن هناك عدد من الأسباب السياسية للتدخل المصري في ليبيا، فهناك إدراك من الإدارة، والقيادة السياسية المصرية لخطورة الأطماع التركية، لإحياء الخلافة العثمانية ونهب الثروات، على الحدود المصرية، وفي ظل حاجة الليبيين للدعم أمام دوافع التدخل التركى في ليبيا، والمتمثلة في رغبة أنقرة في ترسيخ وجودها في البحر المتوسط، وإعطائها طابعاً شرعياً من خلال الاتفاق الأخير، مع حكومة سراج في ليبيا، والذي يرسم الحدود البحرية بين الطرفين، وذلك بعد الرفض الأوربى لعمليات التنقيب التي تجريها سفن تركية في البحر المتوسط، على السواحل القبرصية (الجرف القاري).
 
كما لا يخفى على أحد أطماع تركيا بمصادر الطاقة في الداخل الليبي، ليبيا بلد غني باحتياطيات النفط والغاز، ومع زعزعة استقرارها، ثار جشع العديد من اللاعبين الدوليين، بما في ذلك الحكومة التركية، التي لا تخفي أطماعها في ثروات البلد العربى، حيث يقدر إحتياطي النفط الليبي ب٤٨ مليار برميل.
كما لا يخفى رغبة انقرة في المشاركة في مشاريع إعادة الإعمار واستثمارات مستقبلية في البلاد، والحفاظ على استثمارات الشركات التركية في ليبيا، التي تناهز قيمتها ٣٠ مليار دولار، كما تسعى أنقرة لاغتنام قيمة تعويضات المشروعات المتوقفة والتي تقدر بمئات الملايين من الدولارات، ومع تصاعد الغضب الشعبي من تدخلات إردوغان قلص من النشاط التركي ولا بديل عن فرض الشركات بالقوة، كما أن أنقرة تدعم مشروع الإخوان المسلمين في ليبيا، وهذا يبين الطابع الأيديولوجي للعداء حيث ترغب أنقرة في الاقتراب أكثر من الحدود المصرية وتهديدها.
 
ولا ننسى أن المدن الساحلية التركية المطلة على البحر المتوسط (مرماريس وفتحية) تواجه نظيرتها الليبية (درنة وطبرق والبردية)، ويطمح أردوغان للتوصل إلى اتفاق لرسم الحدود بين البلدين، رغم أن جزيرة كريت اليونانية تقع بينهما، و ترى أنقرة أيضاً أنه نظراً لأن ساحل ليبيا في درنة يواجه السواحل التركية في جنوب غرب مدينة مرماريس، فإن ترسيم حدود مناطق السيادة البحرية بمثابة حق أساسي لتركيا وليبيا، ومن ثم فإن، مصلحة تركيا في ليبيا تتعلق أكثر بالموازين الاستراتيجية في صراع القوى الدائر في شرق البحر الأبيض المتوسط، كل ما سبق يجعل التدخل المصري لمساعدة الليبيين وتأمين الجبهة الغربية حقاً شرعياً، وأمراً منطقيا.

سد النهضة.. أزمة قديمة أشعلها الإخوان
القضية الثانية التي تحتاج للتركيز حالياً هي قضية سد النهضة، التي بدأت بعد 25 يناير 2011، حيما استغلت إثيوبيا حالة عدم الاستقرار والفوضى، وشرعت في بناء السد، ومه مرور الأيام ووصول الإخوان للحكم، تلقت إثيوبيا أكبر دعم من جانب الجماعة الإرهابية، فالكثير من الوثائق أكدت أن المعزول محمد مرسى، منح أديس أبابا موافقته على بناء السد بالشكل الذى يرونه مناسباً لإثيوبيا، دون أن يناقش معهم المخاوف المصرية تجاه هذا السد.
 
ولم يكتفى الإخوان بذلك، فقد منح المعزول وجماعته الإرهابية أديس ابابا كارت طالما سعوا له، من خلال بث اجتماع مرسى مع عدداً من القوى السياسية على الهواء مباشرة، وهو الاجتماع الكارثى الذى شهد تهديدات مباشرة لضرب إثيوبياً عسكرياً، أو إحداث قلاقل داخلها، وهو ما استخدمته أديس ابابا ضد مصر خارجياً، حينما ترجمت الاجتماع لكل لغات العالم وبعثت به إلى كل العواصم مع مذكرة تحمل مخاوف إديس ابابا من نيات مصرية بالهجوم العسكرى ضده.
 
كل هذا أضعف من موقف مصر في ملف سد النهضة، ومنح إثيوبيا الكثير من القوة، لذلك حينما جاءت ثورة 30 يونيو كانت الدولة الجديدة مطالبة بمزيد من الجهد والعمل لإزالة هذا الأرث الإخوانى البغيض، الذى لم يكتفى بتشوية صورة مصر خارجياً، بل عمد على قطع علاقات القاهرة مع الأفارقة.
 
اليوم تحاول الدولة المصرية والرئيس عبد الفتاح السيسى إيجاد حل مناسب لقضية السد، من خلال التفاوض الذى لم يصل إل شيء، لذلك كان القرار المصرى باللجوء إلى مجلس الامن الدولى.

لماذا لجأت مصر إلى مجلس الأمن لحل أزمة سد النهضة؟
يدور السؤال حالياً السبب الذى دفع مصر للجوء إلى مجلس الأمن في مسألة سد النهضة، ولتوضيح ذلك علينا التأكد بداية أن مصر لم تسلكم هذا الطريق الا بعد استنفاذ وسائل تسوية المنازعات الدولية، من خلال المفاوضات الدبلوماسية وعدم الوصول إلى أتفاق يرضى جميع الأطراف بسبب تعنت الجانب الإثيوبى.
ويمتلك مجلس الأمن عدداً من الخيارات للتعامل مع الطلب المصرى، منها إحالة الملف إلى محكمة العدل الدولية باعتبار المسألة خلافاً قانونيا في ظل فشل المفاوضات بين أطرافه، أو إصدار توصية بالعودة إلى المفاوضات، وعدم البدء فيملء السد حتى إبرام اتفاق يرضى جميع الأطراف، أو إصدار قرار ملزم بوقف ملء السد مع تشكيل لجنة فنية للفصل في الأمور المختلف عليها.
 
كل هذه الخيارات في مصلحة مصر، فيكفى الحصول على توصية أو قرار من مجلس الأمن لنضع إثيوبيا في موقف الدولة المنتهكة للقانون الدولى، بما يمكن الدولة والقيادة السياسية المصرية من البناء على هذا القرار في الخطوات التالية.
 
إذن هل معنى ذلك أن الخيار العسكرى مستبعد؟.. للرد على هذا السؤال علينا التأكيد أن القوة العسكرية تعتبر الخيار الأخير، لأنه لابد من استنفاذ كافة الطرق السلمية، ولجأت مصر إلى مجلس الامن، لأنه يمتلك القيام بعدد من الإجراءات التي قد تصل إلى فرض عقوبات سياسية واقتصادية على إثيوبيا، إذا ما حدث تهديد للأمن والسلم الدوليين.
 
ويهمنا هنا الإشارة إلى عدد من الاسانيد الداعمة للموقف المصرى في مجلس الأمن، تتمثل في الاتفاقيات الدولية الموقعة بين مصر وإثيوبيا، التي تعترف بالحقوق المائية لمصر، وتنظم العلاقات المائية بينها وبين دول حوض النيل، وحتى اتفاق إعلان المبادئ لعام 2015 الذى لا يجيز التخزين قبل الاتفاق على قواعد الملء والتشغيل.
 
كما تستند مصر لعدد من المبادئ العامة في القانون الدولى، مثل مبادئ القانون الدولى لاستعمال المجارى المائية الدولية في غير أغراض الملاحة، ومبادئ احترام الحقوق المكتسبة للدول، ومبدأ عدم التسبب في احداث ضرر، ومبدأ الأخطار المسبق.
 
وحينما لجأت مصر إلى مجلس الأمن، فأنها تعتمد على العديد من السوابق القضائية الدولية في مجال استخدام الأنهار الدولية في غير الأغراض الملاحية، خاصة الصادرة عن محكمة العدل الدولية، التي أكدت التزام كل دول النهر بالا تقوم بنوع من الاستغلال يمس حقوق الدول الأخرى،  كما تعتمد مصر على مجموعة من المخالفات التي ارتكبتها إثيوبيا ومنها انتهاك مبادئ حسن النية في المفاوضات وفى تنفيذ المعاهدات الدولية، فضلاً عن مخالفة اتفاق إعلان المبادئ عندما امتنعت عن إتمام وساطة واشنطن والبنك الدولى.
 
وتبقى هنا نقطة مهمة، رداً على ما تروج له إثيوبيا، فإذا كانت ملكية إثيوبيا لسد النهضة مطلقة فهى في نفس الوقت محملة بأعباء قانونية دولية أهمها عدم الإضرار بالغير خاصة دول مصب النهر، كما أن الزعم الإثيوبى بحقها في الاستعمال المطلق والانتفاع والسيطرة سواء على سد النهضة أو على النيل الأزرق لا يعنى الا تعسفاً في استعمال الحق والأضرار عمداً بالغير.
 
قضية ليبيا وأزمة سد النهضة، خير مثالين على أن ثورة 30 يونيو كان ثورة ضرورة، لأنقاذ مصر من هذه العصابة التي تخطت أفكارهم وأحلامهم الحدود المصرية، وعمدوا على أن يكون مشروع الأخونة هو المسيطر على كل شيء.
 
لذلك فلا يملك المصري وهو يستعيد أحداث ما قبل 30 يونيو 2013 ومقارنتها بما عليه مصر اليوم ليقول بملئ فيه "تحيا مصر.. تحيا 30 يونيو".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق