كيف رأى هيكل ليلة سقوط فاشية الإخوان؟

السبت، 27 يونيو 2020 10:00 م
كيف رأى هيكل ليلة سقوط فاشية الإخوان؟
الكاتب الصحفى الراحل محمد حسنين هيكل
كتب- محمد أبو ليلة

30 يونيو أثبتت أن مصر دولة مدنية عاشقة للدين 
والإرادة المصرية تجاوزت السلطات.. ومصر استيقظت لاسترداد ما سُرق منها
الأمريكان كانوا يرون الإخوان أفضل من يخدم مصالحهم واعتقدوا التيار الديني المحرك الرئيسي للشعب
 
"30 يونيو أثبتت أن مصر دولة مدنية، وإن كانت عاشقة للدين".. كان هذا هو التوصيف الذى منحه الكاتب الصحفى الراحل محمد حسنين هيكل، الذى كان من أشد الداعمين للثورة، والرافضين لاستمرار حكم الفاشية الإخوانية، وظهر ذلك بعد لقاءه مع المعزول محمد مرسى في قصر الاتحادية في ديسمبر 2012، حينما قال هيكل إنه لا يتوقع أن يتخذ مرسي أي قرار بشأن الدولة، وتأكيده أن مرسى رجل وجد نفسه أمام مشاكل ليست من صنعه، وهو غير قادر عليها.
 
وتحدث هيكل في مجموعة من الحوارات التليفزيونية مع الإعلامية لميس الحديدى أذيعت عبر شاشة cbc عن 30 يونيو، وقال أن "ما حدث في 30 يونيو، والأيام التالية ثورة، والثورة هي طلب للتغيير وإصرار عليه.. فما حدث ليس انقلابًا عسكريًا، لأن الانقلاب هو الاستيلاء على السلطة، والجيش يحمي العملية الديمقراطية دون التدخل فيها"، لافتاً إلى أنه سعد برؤية "موجة هائلة" من الشعب في ميدان التحرير، لأن "مصر استيقظت لاسترداد ما سُرق منها، وحجم الحشد الشعبي في ميادين مصر فاجأ العالم كله"، مشيراً إلى أن "الشباب خرج بطموح زائد واستعاد روح وطنه، وخروج المصريين على مدار عدة أيام كسر قيودهم، والسياسيون العرب قالوا إن مصر التي نعرفها عادت إلينا.. مصر قادت الفكر والفعل على مدار القرنين الماضيين، والعالم استشعر الفترة الماضية خروجها من نطاق الجغرافيا والتاريخ والأمان، ودعوت الشباب إلى إعلان الإرادة بتظاهراتهم، ولم أكن أتخيل تعديها إلى كسر القيد بهذا الشكل".
 
وأوضح هيكل أن "كل الأطراف لم تستطع التعامل مع خروج المصريين 30 يونيو، والإرادة المصرية تجاوزت السلطات.. 30 يونيو لم يستطع أحد أن يحتويه أو يقاومه، والطوفان اكتسح الجميع"، لافتاً إلى أن "الصورة من الطائرة كانت بإيحاء من مرسي دون أن يقصد، وإصراره على أن المتواجدين 130 ألف فقط، والصور من الطائرة لم تكن بأوامر مرسي، ولكن لكي يثبت السيسي أنها ثورة جماهيرية، وليست جموع مدفوعة".
 
وتحدث هيكل عن الإخوان وعلاقاتهم الخارجية، وقال أن الأمريكان كانوا يرون أن الإخوان المسلمين أفضل من يخدم مصالحهم، واعتقدوا أن التيار الديني هو المحرك الرئيسي للشعب، وأن الإسلام السياسي يمكن أن يهزم فكرة الوطنية والقومية، وأن القضاء على فكرة القومية والوطنية يضعف تأثير مصر الإقليمي"، موضحاً أن الإخوان فى بداية وصلوهم للسلطة عملوا على جمع أوراق أمن الدولة، وتصوروا أنهم يمكن أن يستخدموها لإسكات أي أحد، مشيرًا إلى أن الإخوان كجزء أساسي للتنظيم الدولي للجماعة رأوا أن ما يحدث فى مصر ليس له قيمة، مؤكداً أن الموقف العام فى مصر تغير خلال عام واحد من حكم مرسي، وهناك فارق بين الاندفاع الشعبى للشوارع والحشد الحزبي، والإخوان لجأوا للوصول للسلطة حتى بصفقة مع الشيطان، واستولوا على ثورة ليست من صنعهم.
 
وتمنى هيكل عدم اللجوء لحلول السلطة فى مواجهة التيار الإسلامى، وقال: إن اتباع سياسة الإقصاء خطأ، وأنه لا بد من السعى بوسائل سياسية لاستيعاب الإخوان المسلمين، وحديث الإخوان عن الانقلاب العسكرى نوع من الانكار العام لفشلهم.
 
وأكد هيكل أن "أول كارثة حلت بالإسلام السياسى هى تجربة الإخوان المسلمين في مصر، كان عليهم الالتزام بنصيحة راشد الغنوشى بالا يتصرفوا كتنظيم دولى أو جماعة أو كإرهاب، فلو كانوا عقلاء لكانوا التزموا بها، لكن الازمة الحقيقية بدأت مع تجربة الحكم لم تكن مستنيرة أو مفيدة على الإطلاق ولا نافعة حتى لهم".
 
وفى تشريح بسيط وتوصيف موجز لخص الكاتب الصحفى الراحل محمد حسنين هيكل، حال الجماعة الإرهابية بقوله إن أخطاء الجماعة بعد خروجهم من الحكم أفدح ألف مرة من أخطاء وجودهم فى الحكم، مؤكدا أنهم اثبتوا عدم معرفتهم بمعنى السياسة، كما أثبتوا أن تيار الإسلام السياسى لا يملك أي رؤية مستقبلية.
 
وكان هيكل يرى إن الجماعة الإرهابية التى كثيرا ما راهنت على الولايات المتحدة الأمريكية وخسرت الرهان، خاضت معركة "وجود" فى مصر، لكنها خسرتها أيضا ولم يجلس أنصارها لمراجعة أنفسهم وتحديد الأسباب التى دفعت إلى اخفاقهم بعد عام واحد فقط لهم فى السلطة، لافتاً إلى أن الجماعة تحدثت عما حدث فى 30 يونيو 2013 على أنه انقلاب عسكرى وتجاهلوا الحراك الذى حدث، رافضاً أن يكون ما شهدته مصر انقلاباً عسكرياً، وقال أن الأخير معناه أن الجيش أستحوذ على السلطة، وهذا لم يحدث فى مصر، وفى لقاء آخر قال هيكل الراحل أن كافة القوى السياسية فى مصر عالجت أمورها وصححت أوضاعها إلا الإخوان.

توقع رحيل الإخوان
وتوقع هيكل رحيل الجماعة من السلطة وزوالهم استنادا على تاريخهم المعروف بمحاولاتهم الدائمة لتسلق الحكم التى دائما ما تبوء بالفشل، وقال هيكل فى حوار مسجل بتاريخ 24 مارس 2013 نشره الكاتب الصحفى عبد الله السناوى بجريدة الشروق، "إذا تصور أحد أن مرسى استقرت عنده مصائر مصر فلابد أن يكون مجنونا".
 
هيكل للسيسي.. شعبيتك الجارفة "رصيد" لا تهدره ولا تبذر فيه 
ويحكي هيكل عن لقاءه بالرئيس عبد الفتاح السيسي بعد توليه الحكم لأول مرة، قائلاً: "عندما سافرت لمدة أسبوعين ورجعت مصر 15 يوماً رأيت الرئيس السيسي، حاول الاطمئنان على بعض الأمور قلت له إنني صوت له ثم سافرت وتابعت النتائج في الخارج، وقلت له إن ما يمثل فرقاً بينك وبين غيرك هي الكاريزما التي تتمتع بها من جهة ومن جهة أخرى الشعبية الجارفة، التي تقع خلفك وأن هذا رصيد احتياطى مهم جداً لتصرف منه ولا تجعل أحد يصرف عنه ولا تبذر فيه لأن هذا رأسمال أمان وصمام أمان وجاء من عدة أشياء"
 
وبتابع: "قلت للرئيس السيسي أنت موجود في 25 يناير وأنت المستجيب لإرادة الشعب فى 30 يونيو وكلاهما شىء واحد، في حقيقة الأمر لأن الإخوان استولوا على ثورة يناير، والسيسي هو الذى أعادها، و30 يونيو كانت بمثابة انتخاب لك، فقد قمنا بثورة 25 يناير ولم تكن محددة وواضحة فخرجت الجموع فى الثلاثين من يوينو فى مشهد مهيب وتقريباً هذا هو اليوم الذى انتخبت فيه، فأنت استجبت ثلاث مرات مرة في ثورة 25 يناير ومرة في 30 يونيو ثم الاستجابة الثالثة للترشح للرئاسة".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق