مصر تضع النقط على الحروف.. هل تنجح جهود السيسي في حل الأزمة الليبية؟

الجمعة، 17 يوليو 2020 12:25 م
مصر تضع النقط على الحروف.. هل تنجح جهود السيسي في حل الأزمة الليبية؟
الرئيس عبد الفتاح السيسى
محمد الشرقاوي

لليوم الثاني على التوالي، سجل هاشتاج (#السيسي) و(#اعلن_تفويضي_للسيسي) قائمة الأعلى تداولاً على موقع التدوينات (تويتر)، بعد رسائل الرئيس عبد الفتاح السيسي للمصريين والليبيين والمجتمع الدولي ككل، حول محاربة الإرهاب في ليبيا والقضاء عليه وإعادة بناء المؤسسات الليبية. 
 
الرؤية المصرية في التعامل مع الأزمة الليبية، قائمة على ثوابت وطنية وقومية منذ بدايتها في فبراير 2011، متمثلة في: إعادة الاستقرار، تدعيم مؤسسات الدولة، القضاء على الإرهاب، وحصر السلاح في يد الدولة). 
 
على  مدار سنوات الأزمة الـ 9، لم تعلن مصر صراحة عن نيتها التدخل في ليبيا عسكرياً؛ لو استلزم الأمر، لكن منذ نوفمبر 2019، بات الموقف أكثر صرامة وصراحة، مع إعلان تركيا التدخل عسكرياً في دولة الجوار الغربي، والدفع بآلاف المرتزقة والإرهابيين لمجابهة الجيش الوطني الليبي، وتهديد الحد الجنوبي. 
 
ومنذ ذلك التاريخ، شدد القيادة السياسية على ضرورة خروج الأتراك والإرهابيين من ليبيان باعتبار أن ذلك يفاقم الأزمة، ولا يساعد في حلها، وبالتالي كانت هناك مبادرات سياسية، أبرزها: "إعلان القاهرة".
 
 
إعلان القاهرة خطوة دعمها الليبيين
في 6 يونيو الماضي، تبنى الرئيس عبد الفتاح السيسي مبادرة سياسية حظت بقبول سياسي وشعبي في ليبيا، تقوم على التأكيد على وحدة وسلامة الأراضي الليبية واحترام كافة الجهود والمبادرات الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وبناء علية التزام كافة الأطراف بوقف إطلاق النار، كذلك مخرجات "قمة برلين"، والتي نتج عنها حلاً سياسياً شاملاً يتضمن خطوات تنفيذية واضحة المسارات السياسية والأمنية والاقتصادية واحترام حقوق الإنسان وقانون الإنسان الدولي استثمارا لما انبثق عن مؤتمر برلين من توافقات بين زعماء الدول المعنية بالأزمة الليبية.
 
الرئيس عبد الفتاح السيسي والقائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر ورئيس البرلمان الليبي المستشار عقيلة صالح
 
ودعم "إعلان القاهرة"، إعادة سيطرة الدولة على كافة المؤسسات الأمنية ودعم المؤسسة العسكرية المتمثلة في الجيش الوطني الليبي؛ مع تحمل الجيش الوطني بمسئولياته في مكافحة الإرهاب وتأكيد دورة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية والشرطية لحماية السيادة الليبية واسترداد الأمن في المجال البحري الجوي والبري، بالإضافة لمجموعة بنود أخرى تمثل فترة انتقالية لفرض السلم في ليبيا. 

التدخل العسكري المصري في ليبيا خيار جاهز
 
مع استمرار التعنت التركي، في دعم مشروع جماعة الإخوان الإرهابية، والمتمثل في حكومة الوفاق، ضد الجيش الوطني، ومحاولة تغيير موازيين القوى العسكرية؛ جاء الرد المصري حاسماً، حدث تغيير في الموقف المصري، وتحول من صارم إلى أكثر صرامة وحسماً.
 
 
وبالتالي صدرت رسائل تؤكد الاستعداد للتدخل العسكري صراحة، في 20 يونيو الماضي، أثناء تفقد الرئيس لقوات المنطقة الغربية في قاعدة (سيدي براني)، لإعادة فرض الاستقرار، لكن بتمثيل القبائل الليبية، ومرهون بتفويضهم والمؤسسة الشرعية الليبية (مجلس النواب)، وهو ما حدث.
 
 
وأكد أيضاً على سعي الدائم لحل الأزمة على مدار امتدادها لما يقرب من عقد كامل، والتحذير من مخاطر وتهديدات تصاعدها، وكان ولا يزال الحرص المصري منذ البداية على دعم كافة جهود التوصل لتسوية شاملة وسرعة استعادة الأمن والاستقرار في ليبيا باعتباره جزءا لا يتجزأ من الأمن والاستقرار المصرين وفق قوله.

سرت – الجفرة خط أحمر 
 
بالتزامن مع كلمة الرئيس السيسي، كان هناك تغيير في الخريطة العسكرية في ليبي، حيث وصلت ميليشيات حكومة الوفاق المدعومة بمرتزقة سوريين وأسلحة تركية، إلى مشارف منطقة الهلال النفطي (سرت _ الجفرة) في محاولة للسيطرة عليها. 
 
وقتها وفي 20 يونيو، حذر الرئيس عبد الفتاح السيسي، من تجاوز ذلك الخط (سرت - الجفرة)، معتبراً تجاوزه "خط أحمر"،مضيفاً أن الخط الذي وصلت إليه القوات الحالية سواء كانت من جانب أبناء المنطقة الشرقية أو المنطقة الغربية، يجب أن يتوقف الجميع عنده وبدء مباحثات وتفاوض للوصول إلى حل للأزمة الليبية.
 
 
ورغم كون ذلك التحذير "دعوة سلام"، إلا أن حكومة الوفاق وحليفتها أنقرة، استمرا في التصعيد السياسي والعسكري، وبالفعل باتت هناك تحشيدات عسكرية كبيرة في محاولة لتجاوز ذلك الخط، على مدار نحو شهر.

مصر قادرة على تغيير المشهد العسكري في ليبيا
 
الخميس، 16 يوليو، اجتمع الرئيس السيسي بشيوخ وأعيان القبائل الليبية، وأعلن صراحة عن قدرة القوات المسلحة المصرية على تغيير موازين القوى: "قادرون على تغيير المشهد العسكري في ليبيا بشكل سريع وحاسم".
 
وقال أيضاً إن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة أي تحرك يهدد الأمن القومي العربي، مؤكداً أن الهدف الأساسي للجهود المصرية على كافة المستويات تجاه ليبيا هو تفعيل الإرادة الحرة للشعب الليبي من أجل مستقبل أفضل لبلاده وللأجيال القادمة من أبنائه، وأن دفاع مصر عن ليبيا والعكس صحيح، فهو التزام ناتج عن حالة التكاتف الوطني بين البلدين.
 
 
وشدد السيسي، على عدم السماح للميليشيات الإرهابية بالاقتراب من مصر، وأن خط سرت الجفرة دعوة للسلام ومنعاً للقتال.

الشارع المصري والليبي يفوض السيسي 
 
واكتسبت رسائل السيسي خلال لقاءه بأعيان ومشايخ القبائل الليبية، تأييداً شعبياً واسعاً، في مصر وليبيا، حيث تصدر هاشتاجان "#السيسي" و"اعلن_تفويضى_للسيسي" قائمة الأعلى تداولاً على موقع تويتر، تمنح تفويضاً شعبياً للرئيس، وأن تحركاته قادرة على حل الأزمة.
 
 
 
رئيس ديوان المجلس الأعلى لمشايخ وأعيان ليبيا، الدكتور محمد المصباحي، قال إن كافة الشعب الليبي أعلن تأييده للبرلمان الليبي ومجلس مشايخ وأعيان ليبيا في تفوضيهم للقوات المسلحة المصرية في التدخل لمواجهة المستعمر التركي، الذي يرغب احتلال تركيا واستعادة. 

 
 
رئيس ديوان المجلس الأعلى لمشايخ وأعيان ليبيا، أكد أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أثلج قلوب الشعب الليبي عندما قال: إن الجيش المصري سيعمل جنبا إلى جنب بجوار الجيش الليبي والقبائل الليبية لحفظ أمن واستقرار الدولة الليبية، مشيراً إلى أن الشعبين الليبي والمصري تربطهما علاقات قوية للغاية. 
 
يقول رئيس مركز الأمة الليبي للدراسات الإستراتيجية محمد الأسمر، إن لقاء السيسي بمشايخ وأعيان القبائل الممثلة لأطياف الشعب الليبي أدى إلى اكتمال النصاب القانوني والشرعي والاجتماعي للتدخل المصري في ليبيا، الهادف إلى القضاء على الإرهاب ووقف تمدد الميليشيات.
 
 
وتابع في تصريحات صحفية: "اللقاء أظهر أن الإرادة الشعبية جاءت من القبائل، وبالتالي فكل محددات وآليات التدخل المصري اكتملت بالجسم التشريعي والإرادة الشعبية. مما يعني أن النصاب القانوني والشرعي والاجتماعي للتدخل المصري اكتمل. مؤسسة القبائل الاجتماعية لها دور كبير وفاعلي في دعم القوات المسلحة والبرلمان".

الجيش الليبي يوضح تأثير تصريحات السيسي
 
المتحدث باسم الجيش الليبي، اللواء أحمد المسماري، قال إن كلمات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشأن اعتبار سرت – الجفرة خطا أحمر قد تحولت إلى أفعال على الأرض، مؤكداً أن مصر بعثت برسائل مهمة وقوية فيما يخص الشأن الليبي.
 
 
 
 
 
السيسي يضع النقط على الحروف
 
واعتبر مراقبون تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وضعت النقاط فوق الحروف، بشكل قطعي وحاسم، في كل ما يتعلق بالأزمة الليبية وجوانبها السياسية والعسكرية، وبالتالي فإن كافة الخيارات المصرية متاحة. 
 
وبالتالي لم يبق أمام الأطراف الرافضة للحلول السلمية والسياسية في ليبيا سوى التعامل بإيجابية مع المبادرة المصرية، من أجل تنفيذ مخرجات برلين وإعلان القاهرة، القائمة على ضرورة أن يكون الحل (ليبيي / ليبيي) شامل.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق