لبنان ينزف... انقسام بعد حكم اغتيال الحريري ونزاع سياسي جديد يزيد الجراح

الخميس، 20 أغسطس 2020 03:00 م
لبنان ينزف... انقسام بعد حكم اغتيال الحريري ونزاع سياسي جديد يزيد الجراح

 
 
يعيش الشارع اللبناني والنخبة السياسية، حالة انقسام وتوتر عقب صدور الحكم التاريخى من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، فى لاهاى، بشأن مرتكبى جريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريرى، بعد مرور 15 عاما على وقوع الحادث الأليم.
 
 وأدانت المحكمة الدولية في لاهاى، سليم عياش، عضو حزب الله، فى قضية اغتيال الحريرى، فيما برأت 3 متهمين آخرين نظرا لعدم كفاية الأدلة، وهو الحكم الأول من نوعه الذى فى مثل هذه الجرائم.
 
واختلفت الآراء بين الشارع اللبناني والنخبة السياسية، حول الحكم الصادر، إذ أنه رأى البعض أنه انتصارا لحزب الله، حيث لم يتم توجيه أي انتقادات لقيادات الصف الأول من حزب الله، علاوة على عدم تلويح المؤسسات الدولية بملاحقة الكيانات الفاسدة وتوقيع عقوبة عليه، وعلى الرغم من عدم إجماع النخبة السياسية على قرار المحكمة الدولية، إلا أن الغالبية رأته إيجابيا وأيدته.
 
من ناحيته، وصف الرئيس اللبنانى ميشال عون، تحقيق العدالة فى جريمة اغتيال رفيق الحريرى ورفاقه، تجاوبا مع رغبة الجميع فى الكشف عن ملابسات الجريمة التى هددت استقرار سلم لبنان، وطالت شخصية وطنية، داعيا جميع اللبنانيين اعتبار حكم المحكمة الدولية، مناسبة لتذكر مواقف الحريرى، ودعواته الدائمة للوحدة والتضامن من أجل حماية لبنان، من محاولات إثارة الفتنة.
 
على الجانب الأخر، اعتبرت أرملة رفيق الحريرى، نازك الحريرى، أن قرار المحكمة الدولية حكما تاريخيا، ورغم أنه لن يعيد من رحلوا، لكنه سيعيد للبنان منطقى العدالة والمحاسبة الذى صادرته قوى الظلام، قائلة: "بداية أتوجه إلى أهالي ضحايا مجزرة 4 أغسطس، بالتعازى الحارة للشهداء اللذين سقطوا إلى جانب الشهيد رفيق الحريرى، والدعاء لأهالي الجرحى بالشفاء". 
 
على صعيد آخر، أجرى سعد الحريرى، زيارة إلى قبر والده، لقراءة الفاتحة على روحه وأرواح رفاقه، يوم النطق بالحكم فى قضية الاغتيال البشعة، فور وصوله من لاهاى.
 
وأكد سعد الحريرى، فور النطق بالحكم في قضية اغتيال والده، أنه فى تاريخ الاغتيالات السياسية التي شهدها لبنان، فإن اللبنانيون عرفوا الحقيقة، مشيرا إلى أهمية  اللحظة التاريخية تكمن فى الرسالة لمن ارتكبوا هذه الجريمة الإرهابية والمخططين لها، بأن زمن استخدام الجريمة في مجالات السياسة دون عقاب وثمن، قد انتهى وأنه سيأتى يوم سيعرف اللبنانيون الحقيقة كاملة.
 
وأوضح سعد الحريرى، رئيس الوزراء اللبناني السابق، أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، نشأت على أساس عدم إدانة دول وكيانات، وهو ما كان سببا في عدم إدانتها لسوريا أو لحزب الله في جريمة اغتيال والده عام 2005، مشيرا إلى أن المحكمة استعرضت الجو السياسي الذي سبق حادث الاغتيال لجهات تحريض النظام السورى على رفيق الحريري.
 
وتابع: المحكمة الدولية أشارت إلى أن قرار اغتيال رفيق الحريرى، تم اتخاذه بعد اجتماع قيادات المعارضة اللبنانية مع رفيق الحريرى، داخل فندق البريستول، الذى طالب فيه بوقف التدخل السوري في شؤون لبنان، موضحا أن قرار اغتيال والده كان سياسياً، من أجل تغيير وجه لبنان، معتبرا أن حزب الله يدرك تماما وقوع مسؤلية جريمة اغتيال رفيق الحريرى، على عاتقه.
 
وطالب سعد الحريرى، حزب الله، بتسليم سليم عياش، إلى المحكمة الدولية فى لاهاى، موجها الشكر إلى السعودية، لدعمها المحكمة الدولية.
 
 
حكم المحكمة الدولية كان مفاجأة 
 
وعلى الجانب الأخر، أكد مسئول سابق وعضو التحقيقات الخاصة فى قضية اغتيال رفيق الحريرى، أن الحكم كان بمثابة المفاجأة للشارع اللبنانى، الذى ينتظر حكما أقوى، يشمل القصاص العادل من قتلة الحريرى، ويلبى طموحات اللبنانيين اللذين انتظروا العدالة على مدار 15 عاما، موضحا أنه بالنظر إلى حيثيات الحكم الصادر لم تحمل جديدا، إلا الإعلان فقط عن الاسم، مؤكدا عدم اقتناع غالبية الشارع اللبنانى بالحكم لخلوه من المنطقية، ولا تجد فيه منطق.
في نفس السياق، رأى  مراقبون للقضية اغتيال رفيق الحريرى، داخل وخارج لبنان، أنه كان من المتوقع إدانة لعدد أكبر من المتهمين، إلا أنهم فوجئوا بإدانة شخص واحد فقط، بتدبير وتخطيط وتنفيذ العملية، وتسائلوا عن كيفية قيام شخص واحد بتنفيذ حادث اغتيال كبير مثل هذا بمفرده، معتبرين أن الحكم القابل للاستئناف يمثل انتصارا لحزب الله، الذي لم تتم إدانة قياداته بالتورط فى عملية الاغتيال، علاوة على أنه يعزز رؤية الحزب، والتى أعلنها منذ تأسيس المحكمة الدولية، الخاصة بحادث اغتيال رفيق الحريرى.
 
رأى الشارع البنانى
 
يرى بعض رجال الشارع اللبنانى، أن قرار المحكمة الدولية يمثل تبرئة لساحة قيادات حزب الله من جريمتهم الشنيعة، فيما  أكد عدد أخر أنه يحمل إدانة سياسية للحزب، عبر توجيه الاتهام لأحد أعضائه، وذلك لأنه ليس من سلطات المحكمة توجيه أي اتهامات مباشرة لدول أو مؤسسات أو كيانات أو مؤسسات، غير أن القرار يعتبر مرضى حتى الأن، من أجل الحفاظ على لبنان، من الانزلاق حرب أهلية جديدة، معتبرين أن الحكم له ظروفه السياسية التى حكمته، وأنهم على ثقة في أن العرب سيضعوا أياديهم فى يد لبنان، لإخراجه ن أزماته .
 
تأثير قرار المحكمة الدولية على المشهد السياسى اللبنانى
 
 اختلفت الرؤى حول قرار المحكمه الدولية، فقد أكدت مصادر لبنانية مطلعة، أنه يعتبر انتكاسة لتيار المستقبل برأسه سعد الحريرى، الذي كان يتوقع إدانة حزب الله كقوة سياسية وعدد أكبر من المتهمين، معتبرين أنه سيكون للحكم تأثيراته على مستقبل الحياة السياسية في لبنان، من ناحية إمكانية التعاون بين الأطراف السياسية الفاعلة على الساحة، خاصة وسط ما  خلفه انفجارات مرفأ بيروت، من توتر وغضب عارم على المستويين سواء الشعبى والنخبة السياسية.
بينما يرى البعض، أن تأثير حكم المحكمة الدولية، سيشهد تأثيرا محدودا على المشهد السياسى، خاصة أن هناك مواقف من بعض الدول العربية مؤثرة على المشهد اللبنانى ولن تسمح بانهيار او سقوط لبنان.
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق