هل عباس شومان أقوى من الدولة؟

السبت، 21 نوفمبر 2020 06:16 م
هل عباس شومان أقوى من الدولة؟
طلال رسلان يكتب:

لا أحد داخل مؤسسة الأزهر الشريف، أو خارجها بالمناسبة، يستطيع أن يجيب على سؤال لماذا قرر المجلس الأعلى للأزهر برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، إعادة إنتاج عباس شومان، بإسناد مهمة الإشراف العام على الفتاوى وتنظيمها بالأزهر إليه، غير الطيب نفسه هو من يعرف ذلك السر.
 
صعوبة الإجابة على ذلك التساؤل تكمن فيما تقدم من وقائع لحقت بعباءة عباس شومان وكيل الأزهر الأسبق، أخطرها على الإطلاق معادلة أخونة الأزهر، ودور الرجل الفعال في الترويج لأفكار الجماعة وفتاويها، بما سبقها من عملية تنصيبه خطيبا للإخواني محمد مرسي عام 2013، ثم ما تبعها من وقائع لا تقل خطورة عن السبب الأول بتسكينه جملة من أقربائه من الدرجة الأولى وليس من بعيد كما قالوا دفاعا عنه، والأسماء كلها معلنة وعلى رأسهم، اختيار ابن عمه علي رضوان شومان في منصب قيادى بالمنطقة الأزهرية في الوادي الجديد، ثم تعيين ابن عمته علي طيفور، وكيلا لوزارة الأوقاف في المحافظة نفسها، بالطبع لو كان هؤلاء كفاءات لم اعترض العاملون في المؤسسة الأزهرية وقتها، غير أن هناك من أكثر منهم كفاءة واعتدالا وفكرا وملاءمة لتلك المناصب الحساسة، لكن ذلك لم يخرج عن كونه استغلالا للسلطة والنفوذ وضربا لمبدأ العدالة في عرض الحائط.
 
ناهيك عن واقعة عام 2015 التي فاحت معها رائحة استخدام السلطة داخل المؤسسة الدينية من شومان عندما قرر التدخل في مسابقة تعيين وعاظ في طهطا وعين شقيقه، وابن عمته، وابن صديق والده فقط في المسابقة، والكوميديا السوداء أنه لم ينجح أي من المتقدمين، وفجرت غضبا عارما في منطقة سوهاج الأزهرية وقتها، ومعها مديرية الأوقاف.
 
ولما علمت وسائل الإعلام بهذه الوقائع واستفحل تدخل الرجل باستغلال منصبه بهذا الشكل الفج، قررت كشف ما يدور وراء الكواليس للرأي العام وصار الأمر عيانا بيانا أمام الجميع، لكن سرعان ما هدأت موجة الغضب مثلما اشتعلت بعد تدخل كتائب على جروبات مواقع التواصل الاجتماعي برسائل تحمل المضمون نفسه دفاعا عن وكيل الأزهر ووصل الأمر إلى اتهمات باستهداف الأزهر والإساءة إلى رموزه، ومن يفتح فمه يلاقي ما يلاقي من الهجوم الضاري وصولا إلى التكفير.
 
هدأ الأمر عندما قرر شومان نفسه الانسحاب والتواري خلف الأحداث رغم إصراره على تصدر المشهد دائما، والتلويح بمبدأ الرجل الأول في مؤسسة الأزهر، لكنه أدرك أن الموجة عالية هذه المرة بمطالبات عدم غض الأنظار عن مخالفات شومان ومن على شاكلته مهما كان منصبه، بعدما لطخ سمعة المنارة الدينية بألاعيب الواسطة والمحسوبية.
 
سار شومان لسنوات مع ركب السائرين في مؤسسة الأزهر، محركا للأحداث خلف الكواليس، متدخلا في أي شيء وكل شيء، حتى صار في الغالب الرجل الثاني الذي ينيب إليه مهمة الجولات الخارجية بدلا من فضيلة الشيخ، مؤمنا لما يملي عليه دون أحداث مثيرة، لكن ظلت الأفكار كما هي ولم تتبدل الحال قيد أنملة، حتى خرج خبر استقالة عباس شومان من منصبه كوكيلا للأزهر دون سابق إنذار وأثار أيضا تساؤلات عن أسباب الاستقالة وخاصة التوقيت، تزامنا مع حملة كبيرة من المؤسسات الدينية لتطهير نفسها من الأخونة والعناصر الفعالة داخلها، لكن "ما يحدث في المشيخة يظل في المشيخة" ولم يحصل أحد على إجابة.
 
نعم.. لم يحصل أحد على إجابة سبب استقالة عباس شومان المفاجئة رغم تمسكه سابقا بمنصبه حتى مع موجات الغضب الشديدة بسبب وقائع "شومنة الأزهر" على غرار "أخونة الأزهر"، كما لم يحصل أحد أيضا على إجابة سبب إعادة إنتاج شومان مرة أخرى في ذلك التوقيت داخل المؤسسة الدينية بهذا الشكل، مثلما سيظل سؤال هل عباس شومان فوق الدولة؟ معلقا على ما تخبئه الأحداث. 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق